drawas

454x140 صوت واضح

كلما تحدثوا عن جولة جديدة من المفاوضات تندلع جولة جديدة من المواجهات!

2019تقرير خاص - اليقين أونلاين

يحاول المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، الآن اختزال ملف الحديدة، بعد تغيير الجنرال الهولندي "كاميرت" وتقليصه اتفاق تبادل الأسرى إلى أدنى مستوى له، لكن هذه الخطوات وإن أضافت نقاط إيجابية إلى مسيرة غريفيث التي بدأها في فبراير من العام الماضي بتجزئة الأزمة، قد لا تخدم السلام في اليمن، فالمعطيات على الأرض تشير إلى أن هذا البلد الممزق بأربع سنوات من الحروب قد لا يجد عافيته على المدى القريب.

غريفيث الذي أنهى لتوه أسبوع عصيب في المنطقة، قضاه متنقلا بين الرياض وصنعاء والحديدة وصولا إلى الأردن، حقق القليل من النجاح مستندا على مزيد من تجزئة الأزمة اليمنية المجزأة أصلا منذ مفاوضات السويد في ديسمبر الماضي والتي اختزلت الأزمة في ملفات الحديدة والأسرى على أمل الوصول إلى جولة مفاوضات شاملة تتعلق بالإطار السياسي للأزمة وبما ينهي الحرب في اليمن ومعاناة شعبه، غير أن الحديدة التي تعدها الأمم المتحدة أبرز مفاصل الأزمة تتجه نحو جولة جديدة من الصراع العسكري/الاقتصادي، الذي بدأت عملياته تتجلى مع استئناف التحالف لغاراته وتصاعد وتيرة المواجهات اليومية إثر تصريحات الوزيرالإماراتي أنور قرقاش عن استخدام "قوة محسوبة بدقة" لإجبار الحوثيين على الانسحاب من الحديدة، ليأتي الرد الحوثي على لسان محمد علي الحوثي الذي هدد من أسماهم بالغزاة ومرتزقتهم بأن جهنم تنتظرهم في الحديدة. 

وحتى المساعي الأممية التي كان من المفترض أن تغير الواقع على الأرض مع انتشار المراقبين الدوليين تجد صعوبة في فرض اتفاق السويد، فالمبعوث الأممي الذي قضى أطول زيارة له في اليمن دامت لـ4 أيام وجد نفسه أخيراً يدعو أطراف الصراع في اليمن إلى تنفيذ عملية الانتشار والانسحاب من موانئ الحديدة متجاهلاً ما تطالب به الأطراف اليمنية بشأن المدينة نفسها.

تركيز غريفيث على موانئ الحديدة مع قرب نشر دفعة جديدة من المراقبين بقيادة الدنماركي لوليسغارد، جاء في أعقاب نجاح غريفيث بقيادة صفقة لتبادل الأسرى بين السعودية والحوثيين اقتصرت على تبادل الأسير موسى عواجي بسبعة حوثيين، وهذه الخطوة وإن حرص الطرفان إبرازها لدواعي إنسانية لكنها كل ما استطاع غريفيث انتزاعه من اتفاق السويد بشأن تبادل الأسرى والذي كان متوقعاً أن يفضي إلى عملية تبادل شاملة لأكثر من 16 ألف أسيرا لدى الطرفين، غير أن مهمة إطلاق بقية الأسرى تسير بصعوبة وتكاد تكون مستحيلة مع إعلان اللجنة الدولية للصليب الأحمر بأن من تأكدت من مصيرهم لا يتجاوزون الألفين أسير فقط، أضف إلى ذلك تبادل الأطراف اليمنية الاتهامات بشأن عدم الجدية لاسيما مع قرب انعقاد الجولة الثالثة من مفاوضات الطرفين بشأن ملف الأسرى في الخامس من فبراير القادم، والذي كان يتوقع أن ينجز قبل العشرين من يناير الماضي.

قد يحقق غريفيث تقدماً جديداً في موانئ الحديدة التي تسيطر عليها جماعة الحوثي، التي أعلن زعيمها في وقت مبكر إمكانية تسليم الموانئ لإشراف أممي، مثلما حقق تقدماً ضئيلاً على مستوى الأسرى بهدف جرّ الأطراف اليمنية إلى جولة جديدة، فكل الجهود الدولية الآن منصبة على المفاوضات السياسية التي يعتقد المجتمع الدولي بأنها أساس الأزمة، فبريطانيا التي تتولى الملف اليمني في مجلس الأمن تقود الآن مساعي لتوحيد المكونات الجنوبية في فريق واحد يشارك في المفاوضات المقبلة، وحتى التحالف بما فيهم السعودية لم تخفِ على لسان سفيرها في اليمن توجهها نحو طيّ صفحة هادي الرئيس بعد أن دمرت اليمن مدعية استعادة شرعيته، لكن وحتى المفاوضات السياسية قد لا تحقق اختراقا في جدار الأزمة ما لم يتم تحقيق اختراق على الأرض التي تكاد تتفجر بحمم الحرب الواسعة، ويكفي أن مفاوضات الأطراف اليمنية في الكويت قبل عامين دامت لأشهر دون أن تحقق أي نتائج مع أنها كانت الأشمل على مستوى الأزمة وكل التوقعات كانت في اتجاه إنهاء الحرب، لكن وبدون نجاح حقيقي على الأرض تبدو جولة المفاوضات المرتقبة بحسب مراقبين مجرد تهيئة لجولات جديدة من المواجهات العسكرية.

كاريكاتير