ما وراء اهتمام أطراف الصراع بالبرلمان اليمني في هذا التوقيت؟

تقرير خاص - اليقين أونلاين

تفتح الأطراف اليمنية جبهة جديدة في مسار الأزمة، مسرحها هذه المرة البرلمان، آخر المؤسسات التشريعية، التي تعلق الأطراف آمالها عليها في تحقيق أهدافها لاسيما في ظل الضغوط الدولية التي تدفع نحو تحقيق حل سياسي ينهي معاناة 4 سنوات من الحرب، لكن هذه المعركة التي تتعدد أطرافها وتتمدد رقعتها قد تغرق اليمن في مزيد من الصراع العسكري وإن عكست حجم التحولات القادمة.

حكومة هادي التي ظلت تلوح بالبرلمان كورقة على مدى العامين الماضيين، عاد وزيرها لشؤون مجلسي النواب والشورى، محمد مقبل الحميري، اليوم للحديث عن استئناف مرتقب للجلسات خلال أيام، دون أن يفصح عن مكان أو توقيت الانعقاد القادم، لكن التحركات على الأرض تشير إلى حضرموت حيث تدفع حكومة هادي نحو فتح مطار الريان لاستقبال أعضاء البرلمان في الخارج، وقبل ذلك كانت مصادر كشف لـ"اليقين أون لاين" عن استئجار السعودية لأكثر من 40 فلة في المكلا لتسكين الأعضاء، وتخصيص فندقا لاستضافة الاجتماعات التي دشنت في الرياض في ديسمبر الماضي برئاسة هادي ونائبه، لكن وبالتزامن مع هذه التحركات أعلنت جماعة الحوثي، التي حلت البرلمان في 2014 وأعادت تفعيله في 2016، التحضير لانتخابات تهدف لملئ 34 مقعداً شاغراً، وهذا الإعلان جاء عبر اللجنة العليا للانتخابات في صنعاء والتي قللت من قيمة توجيهات الرئيس هادي بنقل مقرها إلى عدن باعتبار اللجنة كما تقول في بيانها هيئة مستقلة ولا تتبع طرف ولا يعنيها قرار هادي.

خلافاً لحكومة هادي التي واجهت صعوبات في جمع أعضاء البرلمان الموزعين على دول عدة، حتى اضطرت السعودية لدفع مائتي ألف ريال سعودي لكل عضو مقابل حضور جلسة الافتتاح في الرياض، إضافة إلى الارتباطات السياسية التي تعمق انقسام هؤلاء، ناهيك عن التداعيات الدستورية لعقده خارج صنعاء، يواصل البرلمان في صنعاء عقد جلساته اليومية، وبغض النظر عن حجم الحاضرين إلا أن الإجراءات الدستورية هنا في صالحه، فثمة مواد تشريعية تحدد صنعاء كمركز لانعقاد جلساته.

بعيداً عن الانقسام الذي قد يحدثه عقد حكومة هادي للبرلمان وشرعنة هذه الجلسة لدولة من إقليمين مستقبلاً أو حتى الأهداف التي تدفع التحالف للملمة أعضائه، لا تزال هناك الكثير من العقبات في طريق أطراف الصراع الرئيسية، فحكومة هادي تواجه "المجلس الانتقالي" الذي أعاق أكثر من مرة عقد جلسات البرلمان في عدن وأجبر حكومة هادي على البحث عن مكان بديل وعندما اختارت حضرموت أرسل مجاميع من مسلحيه لرفض الاجتماع واليوم أعلن مساعيه لعقد جلسات "جمعيته الوطنية" التي يعتبرها كبرلمان للمحافظات الجنوبية في حضرموت والهدف إفشال برلمان هادي، وقد سبق لرئيس الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي أحمد بن بريك وأن توعد بمنع عقد أية جلسة للبرلمان على "أراضي الجنوب" وهدد بـ" سيل من الدماء"، ومثلها جماعة الحوثي حيث تتحدث مصادر إعلامية عن إشكاليات مع المؤتمر الذي تشكل غالبية الدوائر المستهدفة في الانتخابات المرتقبة جزء من كتلته البرلمانية التي حكم بها اليمن لأكثر من 3 عقود.

البرلمان الذي ظل على مدى السنوات الماضية مجرد ورقة تتقاذفها الأطراف في بوتقة الصراع، بات اليوم أهم ورقة في اللعبة، فتوقيت اللعب به يأتي في وقت يضغط فيه المجتمع الدولي بشدة لوقف الحرب بالتزامن مع تحركات غربية لإعداد الإطار السياسي لجولة المفاوضات المقبلة بين الأطراف اليمنية والتي قد تطوي صفحة الرئاسة لتلقي بالمرحلة الانتقالية في سلة البرلمان، ذلك المجلس الذي انتهت صلاحيته أصلا في 2009 ولا يزال في طور التمديد بعيداً عن صناديق الاقتراع، ناهيك عن دستورية قيادته لمرحلة انتقالية في حال توافقت الأطراف اليمنية عليها، لكن وحتى ذلك الحين تبقى المعركة قائمة بين من يسيطر على المجلس على أمل تجييره لصالحه مستقبلا.