يسابق التحالف الزمن لحياكة المشهد السياسي في اليمن قبيل انطلاق الجولة الجديدة من المشاورات اليمنية والهدف إضعاف ما تبقى من قوى يمنية على الأرض وبما يمكنه من فرض أجندته الخاصة على طاولات المفاوضات وهو الذي كرس وجوده في اليمن ومنذ اللحظة الأولى لضرب القوى ببعضها في الوقت الذي يستحدث فيه كيانات جديدة ويغذيها على حساب القوى التقليدية.
التحالف الذي أعلن حربه في اليمن تارة باسم "مواجهة الموالين لإيران" وأخرى لـ"استعادة الشرعية" نجح حتى الآن في تدمير أغلب القوى، فالمؤتمر لن يقوم له قائمة بعد ديسمبر وقد بات ممزقاً وسط استقطاب حاد يهدد مستقبله كأكبر القوى اليمنية التي هيمن عليها الحزب لعقود من الزمن مستندا إلى السلطة، والحراك تم تفريخه إلى تيارات عدة، بينما الاشتراكي ينازع البقاء موحداً وقد أعلن فرعه في عدن فك الارتباط بالمركز في صنعاء وأعاد حتى تغيير مسماه، ووحده الإصلاح الذي قاوم وتمكّن من النجاة حتى الآن من مجزرة التحالف هذه رغم الضربات التي طالت قياداته في الجنوب والتي جند لها التحالف مرتزقة أجانب، لكن رغم ذلك لا يزال الحزب يواجه معركة مصيرية وقد لفّ التحالف حبل المشنقة حول عنقه ويكثف ضغوطه لضرب آخر وجود للحزب في شرق وشمال اليمن.
خلال الأيام الفائتة صعّد التحالف ضد الإصلاح على أكثر من محور.. إعلامياً شنّ إعلاميون سعوديون وإماراتيون مقربون من دوائر صنع القرار هجوماً حاداً على الحزب وحملوه فشل معركتي نهم وصرواح بعدما اتهموه بمنحهم إحداثيات خاطئة للطيران، ناهيك عن اتهاماته بالعمالة لقطر والتسبب بمقتل الجنود الإماراتيين في مأرب وجميع تلك التحركات كانت بهدف تشويه الحزب وبما يمكن التحالف من ضربه مستقبلا، لكن وقد جاء ذلك اليوم الذي يجهز فيه التحالف على الإصلاح فإن ماكينة التحالف بدأت فعلاً بعصر أركانه.
في شبوة يضغط التحالف بالنخبة الشبوانية لإجبار علي محسن نائب الرئيس المحسوب على الإصلاح على الانسحاب من بيحان تلك التي شهدت الثلاثاء مهرجاناً حاشداً بحضور المحافظ المحسوب على الإصلاح وكان المهرجان رداً على حشود النخبة الشبوانية على حدود المحافظة بعد رفض الوحدات العسكرية المرابطة هناك توجيهات ضباط إماراتيين زاروا المنطقة قبل أشهر بالانسحاب إلى البيضاء، لا سيما في أعقاب غارات جوية استهدفت زملائهم في قانية والملاجم.
المشهد ذاته يتكرر في حضرموت، فالمحافظ فرج البحسني العائد لتوه من الرياض عقد مؤتمر بكبار قادة النخبة العسكرية والموالين له ووعد بالانتشار في مديريات الوادي والصحراء تلك المناطق التي لا تزال خاضعة للوحدات العسكرية الأولى الموالية لنائب الرئيس.
قد تبرر التحركات السعودية في حضرموت وشبوة في إطار مساعيها لإخضاع المحافظتين النفطيتين لإشرافها المباشر تحت مسمى "إقليم حضرموت" لكنه من غير المبرر تحركاتهما الحالية في مأرب والتي حولت المحافظة الهادئة منذ سنوات إلى فوهة بركان بعدما أصبحت المعارك تنخر فيها من كل اتجاه وتهدد بسقوطها.
لم تقتصر تحركات السعودية والإمارات في مأرب على وقف الإسناد الجوي للقوات المرابطة في الخطوط الأمامية مما تسبب بسقوط صرواح كما تتحدث مصادر إعلامية،لكن المساعي الإماراتية تتجه لتعيين طارق صالح قائداً للمنطقة العسكرية الثالثة التي تضم كلاً من مأرب والجوف وشبوة، ونقل قواته من الساحل الغربي إلى صرواح، وهذا من شأنه إحداث شرخ كبير بين الطرفين الموالين للتحالف، وفي ذات الوقت يصبّ لصالح سلطة صنعاء وتحديداً جماعة أنصار الله.
معارك صرواح الأخيرة كشفت مدى قدرة مؤتمريو مأرب ومعظمهم من قبيلة مراد، على زعزعة البساط وربما سحبه من تحت العرادة ومحسن، خاصة وأن ولديهم تربيطات وثيقة مع الإمارات وطارق صالح من جهة، ومع جماعة أنصار الله من جهة أخرى.
ومن هنا يتضح بأن الإصلاح يواجه أكثر من خصم على أكثر من صعيد، عسكريا وسياسيا، وحتى اقتصاديا، باعتبار أن مأرب إحدى منابع الثروة، التي يسعى التحالف للاستحواذ عليها أو على الأقل الحيلولة دون سيطرة فصيل سياسي عليها، وقد أوفد التحالف أكثر من مسؤول أمريكي آخرهم السفير ماثيو تولر، إلى مأرب، للضغط في سبيل ذلك بحجة توحيد البنك المركزي ذلك الاتفاق الذي لم يرَ النور بعد، مع أن المحافظ العرادة أكد مؤخراً في لقاء تلفزيوني أن جميع إيرادات المحافظة ونفقاتها تتم تحت نظر سلطة هادي، ويستفيد منها كل موظفي الدولة.
ورغم أن الإصلاح ينفي سيطرته على محافظة مأرب، كون سلطان العرادة ينتمي حزبياً إلى المؤتمر الشعبي العام، وهو عضو لجنته الدائمة، إلا أن هذا ليس كافياً لإقناع الآخرين بذلك، فضلاً عن الخصوم.
سيناريو تفكيك الإصلاح يمتد إلى تعز أيضاً فهذه المدينة التي لا زالت تعاني من صدمة المقابر الجماعية التي أنشأتها كتائب أبو العباس، المدعومة إماراتيا، لضحايا من جنود الإصلاح في المحافظة ممن قامت باختطافهم وتعذيبهم قبل دفنهم، تواجه مستقبل غامض بعد رفض التحالف مسودة اتفاق مع الحوثيين بشأن المحافظة وكأنه بإعادته كتائب أبو العباس إلى المدينة لا يزال يحضّر لمعركة استئصال الحزب الذي يتهم بالسيطرة على المحافظة رغم نفيه أكثر من مرة.
الإصلاح الذي بات مدركا لمخطط استهدافه كان عرض في وقت سابق التنازل عن حكومة هادي، وهو عرض أشبه بتهديد، كما أجرى الإصلاح تغييرات جديدة في سلم قياداته، لكن ذلك لا يعني شيئاً بالنسبة للتحالف الذي يخطط لمساواة جميع الأطراف قديماً وحديثاً على طاولة المفاوضات المرتقبة وفرض واقع عليها لا تستطيع بعدها المقاومة أو حتى الرفض، أبرزها تقسيم اليمن واتفاق جديد لترسيم الحدود إضافة إلى امتيازات أخرى تسعى دول التحالف للحصول على عقود ملزمة لليمن للعقود القادمة أبرزها استفادة السعودية من الموقع الاستراتيجي للمهرة أو حضرموت بإنشاء ميناء نفطي في سواحلها ومد أنبوب للنفط فيها والاحتفاظ بقواعد عسكرية للإمارات والسعودية تنتشر على امتداد السواحل والجزر اليمنية في باب المندب حتى بحر العرب.
المقالات الاقدم:
- منتخبنا الوطني يخسر أمام نظيره السوري بهدف نظيف قبل أمم آسيا - 2018/12/30
- منتخبنا الوطني يخسر أمام نظيره السوري بهدف نظيف قبل أمم آسيا - 2018/12/30
- سياسيون أمريكيون يتوقعون عزل ترامب من منصبه في أوائل العام 2019 - 2018/12/30
- صراعات المؤتمر الشعبي العام تعصف بـ "برلمان الشتات" اليمني - 2018/12/30
- نساء المهرة يطالبن بخروج السعودية والأخيرة تلوّح بالقبائل الموالية لها - 2018/12/30
أحدث المقالات - من جميع الأقسام:
- قوات صنعاء تعلن رسميا حظر عبور السفن الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي - 2025/03/11
- "حماس" تعلن بدء جولة جديدة من مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة - 2025/03/11
- قتلى وجرحى في اشتباكات مسلحة بحضرموت - 2025/03/11
- ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 48,503 شهيدًا - 2025/03/11
- الاحتلال الإسرائيلي يواصل عدوانه على مدينة جنين الفلسطينية لليوم الـ50 - 2025/03/11
مقالات متفرقة:
- غرق سفينة شحن قادمة من الإمارات إلى جزيرة سقطرى اليمنية - 2020/11/16
- الحوثيون يؤكدون سيطرتهم الكاملة على مديرية ذي ناعم بمحافظة البيضاء - 2019/04/20
- صنعاء .. منع رجال المرور من صعود سيارات المواطنين أثناء المخالفات - 2024/10/30
- واشنطن تتنصل من الغارات على اليمن: دعمنا للسعودية ليس شيكاً على بياض - 2016/08/20
- الانتقالي وطارق صالح يعلنان إعادة فتح طريقين في محافظتي الضالع وتعز - 2022/07/07
المقالات الأكثر قراءة:
- منظمة الصحة العالمية : 10 آلاف قتيل و60 ألف جريح حصيلة حرب اليمن - 2018/12/10 - قرأ 127117 مرُة
- اليمن .. معركة جديدة بين قوات هادي والحراك الجنوبي في شبوة - 2019/01/09 - قرأ 26806 مرُة
- غريفيث لمجلس الأمن: هناك تقدماً في تنفيذ اتفاق استوكهولم رغم الصعوبات - 2019/01/09 - قرأ 26098 مرُة
- تبادل عشرات الأسرى بين إحدى فصائل المقاومة اليمنية والحوثيين في تعز - 2016/06/01 - قرأ 20467 مرُة
- المغرب يكشف عن "تغير"مشاركته في التحالف - 2019/01/24 - قرأ 17775 مرُة