drawas

454x140 صوت واضح

اليمن بحاجة إلى مجلس رئاسي

اليمن بحاجة إلى مجلس رئاسي

تبنّى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار 2216 عام 2015، ما سمح له بأخذ إجراءات الإنفاذ في اليمن، ومنذ ذلك الحين كان للجهات الفاعلة الإقليمية والدولية الكلمة الفصل فيما يخص مصير البلاد.

فمن يضفي الشرعية على الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي هو مجلس الأمن والفاعلين من الدول وليس عموم اليمنيين. فالمنطق الذي يعملون وفقاً له، والذي جرد اليمنيين مما يعتبر حقاً لهم ومن شأنهم وحدهم، هو أن “الشرعية” عامل جوهري لمنع انهيار الدولة اليمنية بالكامل ولحماية وحدة البلاد.

وتضفي شرعية هادي شرعية على التدخل العسكري للتحالف بقيادة السعودية والذي – بسبب الانقسامات بين أعضائه وخطط المملكة في الأراضي اليمنية وعجزه المطلق – فشل فشلاً ذريعاً.

وعند التداول في أسماء بديلة عن هادي، كان الفاعلون في السابق يأخذون بعين الاعتبار مصلحة السعودية في الاستمرار بتدخلها العسكري في اليمن. تضمنت هذه الجهود بشكل أساسي عرض اقتراحات تشمل شخص واحد – إما نائب الرئيس الحالي أو رئيس جديد – ليحل محل هادي.

ولكن هناك خيار آخر عملي أكثر في السياق الحالي لليمن، حيث ازداد الصراع السياسي سوءا، وتحول إلى صراع بين الهويات، وليس بوسع رئيس واحد تلبية الحاجة الماسة لتمثيلها جميعاً.

الخيار الأكثر قابلية للتطبيق، هو مجلس رئاسي يؤمّن منصة للفاعلين المتعددين في اليمن. ويجب أن يشمل أعضاءه ممثلين عن المحافظات الرئيسية والتنظيمات السياسية الكبرى والتشكيلات العسكرية.

 ينسى منتقدو هذه الفكرة، الذين يقولون أن هذه العضوية الواسعة ستثير الجدل، أن الدستور اليمني الأصلي منح معظم السلطة التنفيذية للحكومة.

من شأن المجلس الرئاسي، حتى ولو كان أقل فعالية، أن يحسّن الحكم الحالي، إذ ستكون السلطة التنفيذية بيد حكومة تخضع لمساءلة المجلس الرئاسي والبرلمان.

كما يقول البعض رداً على الاقتراح بإنشاء مجلس رئاسي أن الأخير يجب أن يُشكل بعد التوصل إلى اتفاق سلام، مغفلين النقطة المهمة أن مسألة الرئاسة كانت ولا تزال عقبة رئيسية أمام هذا الأمر، وأن الرئيس هادي يزيد من تعقيد جهود السلام.

وفي حين بدأت السعودية تندم على تدخلها وتركز بشكل متزايد على إخراج نفسها من النزاع في اليمن، فلقد حان الوقت لإعادة النظر في فكرة مجلس رئاسي تمثيلي. يتطلب هذا الأمر أخذ نقطتين رئيسيتين بخصوص نظام الحكم الحالي بعين الاعتبار: 1- استحوذت الحكومات المحلية على معظم اختصاصات الحكومة المركزية، ما يجعل دور الأخيرة في المستقبل محصوراً بالتنظيم والتنسيق والرقابة؛ 2- لا تزال مؤسسات الدولة المركزية تحت سيطرة الحوثيين المباشرة، وبالتالي أي اتفاق يشمل تمركز السلطة في إدارة واحدة ضمن مؤسسات الدولة القائمة سيُرفض من قبل الأطراف الأخرى لأنه سيُعد بمثابة استسلام كامل للحوثيين.

لا يجب الانتظار حتى التوصل إلى اتفاق سلام لإنشاء مجلس رئاسي إذ أن إنشاءه سيعزز فرص السلام. وبما أن هادي يتمتع بالشرعية، الممنوحة إليه من قبل مجلس الأمن، فإذاً هو من يجب أن يبدأ عملية إنشاء هذه الهيئة عبر تعيين مجلس مستشارين.

 وبالإضافة إلى ممثلين عن المحافظات الرئيسية والأحزاب السياسية والتشكيلات العسكرية، يجب أن يُخصص عدداً كافياً من المقاعد لجماعة الحوثيين والمجلس الانتقالي الجنوبي (والمحافظات الواقعة تحت سيطرتهم). وبعد تشكيل المجلس الرئاسي والإعلان عن نظامه الداخلي، على هادي تفويض سلطته إلى الهيئة الجديدة ومغادرة المشهد بهدوء.

*عبد الغني الإرياني هو باحث أول في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، حيث تتركز أبحاثه على عملية السلام وتحليل النزاع وتحولات الدولة اليمنية. عمل الإرياني مع الأمم المتحدة في مكتب المبعوث الخاص للأمين العام إلى اليمن.

كاريكاتير