تقرير خاص - اليقين أونلاين
في مثل هذا اليوم من العام 2012م تم الاستفتاء الشعبي على اختيار عبدربه منصور هادي رئيسا توافقياً انتقالياً لليمن لمدة عامين، بموجب مبادرة خليجية وآلية تنفيذية، أعقبها مؤتمر حوار وطني طيلة ما يقارب العام، حظيت معظم مخرجاته بإجماع وطني وسياسي منقطع النظير.
ومنذ انتخابه لم يستطع هادي أن يبقى على شخصيته التوافقية والمدجنة، وفي ذات الوقت لم يفلح في تقليد ثعالب السياسة وذئاب الحكم، فحاول أن يلعب على أكثر من حبل حتى خسر الجميع.
ومثلما وافقت معظم القوى السياسية على رئاسة هادي تفاديا وخشية من اندلاع الحرب، هاهو هادي اليوم يخشى من توقف أطول حرب في التاريخ لإدراكه بأن توقفها يعني توقفه عن الحكم.
ومثلما قبل هادي السلطة مكرها كما يقول، هاهو اليوم وبعد سبع سنوات عجاف، يجد ذاته مجبراً على مغادرتها مثقلاً بخطايا ناءت بها كواهل من سبقوه وربما من سيلحقه.
كل يوم تزداد التحركات الدولية وتتضاعف الضغوط الخارجية والجهود الإقليمية والمساعي الداخلية.. جميعها تدفع بقوة باتجاه طي صفحة هادي والبحث عن شخصية بديلة تحظى بموافقة جميع الأطراف.. وهذا هو مربط فرس الحل السياسي الشامل في اليمن، وما دونه مجرد تفاصيل.
مؤخراً أطلق المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، دعوة صريحة للبدء بترتيبات الحل السياسي الشامل للأزمة اليمنية.
جاء ذلك في تقريره أمام مجلس الأمن، حيث دعا غريفيث الأطراف اليمنية إلى بدء ترتيبات الحل السياسي للأزمة المستمرة منذ 4 سنوات، معتبرا الاتفاق الشامل وحده الكفيل بإنهاء الصراع، في إشارة واضحة إلى طيّ صفحة هادي وإيجاد حكومة وطنية توافقية.
وقبل أيام استقبل هادي السفير الأمريكي في اليمن، ماثيو تولر، ومن بعده وزير الدولة البريطانية لشئون الشرق الأوسط أليستر بيرت، وجميع المشاورات، بحسب ما تضمنته أخبار الوكالة الرسمية تركزت حول تطورات الوضع السياسي في اليمن واستحقاقات التحولات القادمة لإنهاء الحرب في اليمن، في إشارة إلى المساعي الدولية لإطلاق جولة جديدة من المفاوضات ذات الإطار السياسي والتي قد تسدل الستار عن حكم هادي وتعلن ميلاد مرحلة انتقالية توافقية تتضمن كما قال وزير الخارجية البريطاني جيرمي هانت، في آخر مقابلة له تشكيل حكومة وحدة وطنية لإدارة المرحلة المقبلة.
الضغوط على هادي لتقديم تنازلات حتى لو أضرت بسلطته كما قال السفير السعودي في تصريح سابق، لم تتوقف عن التحركات الدبلوماسية التي كثفت مؤخرا، فتقرير لجنة الخبراء الدوليين المقدم لمجلس الأمن نهاية الشهر الماضي، لفّ حبل المشنقة حول عنقه بالحديث عن إمبراطورية الفساد المحيطة بالرئيس والمرتبطة بنجله ونائب مدير مكتبه للشؤون الاقتصادية، أحمد العيسي، في تهديد مبطن بضم هؤلاء إلى قائمة العقوبات الدولية، كوسيلة ضغط ناجعة لقبول هادي بأخف الضررين.
وبعد أيام من تهديد هادي بالعقوبات الدولية يأتي الحديث عن تعيين نجل هادي سفيراً في أي دولة يختارها، لإدارة ممتلكات والده، كنوع من الصفقة المشابهة لصفقة صالح التي تمخض عنها تعيين أحمد علي سفيرا في أبوظبي لإدارة ممتلكات والده.
وإذا ما رفض هادي هذا العرض الخارجي فإن البديل إزاحته عن طريق البرلمان باعتبار هادي معاق ذهنيا وصحيا، كما كشف عن ذلك الصحفي المقرب من الإمارات سمير اليوسفي، كاشفاً عن تحركات سعودية لإزاحة هادي عبر البرلمان بتهمة إصابته بمرض الزهايمر، حسب قوله.
وبصرف النظر عن صحة ما قاله اليوسفي فإن هادي نفسه يدرك بأن رحيله قد دنا، بحسب ما نقل عنه الصحفي الجنوبي فتحي بن لزرق، وقد أرسل رسالة عبر بن لزرق كما قال في تغريدة له تحذير للجنوبيين بأنهم لن يحصلوا على أكثر مما حصلوا عليه في عهده، لكن هادي يبقى بنظر بن لزرق كـ"ناقة البسوس" بالنسبة للتحالف، وبدون شرعيته والتمسك بها سيغرق التحالف مع كيانات مدعومة من دول إقليمية مستعدة للانقضاض على المحافظات المحررة، لكن رغم إدراكه بأن دوره الذي رسمه التحالف قد أوشك على النهاية لا يزال هادي يقاوم، وقد أبلغ وزير الدولة البريطاني والسفير الأمريكي بأن حكومته قدمت الكثير من التنازلات وآخرها مشاورات ستوكهولم ولا تستطيع فعل المزيد بدون تنفيذ اتفاق السويد كاملا، وأعاد قبل أيام محافظه في المهرة بمعية عدد من عربات الضيافة لترتيبات وضعه في مؤشر على تخطيط هادي للهرب من الرياض، لكن التحالف استبقه بنشر 5 ألف عنصر من النخبة المهرية المناوئة لحكومته.
وهنا لم يعد أمام هادي سوى الرضوخ للإرادة الخارجية ومشيئة الأسياد.