سياسة (المنع) أقصر الطرق لتحقيق أي نجاح!!
بداية أتقدم بالتحية والتقدير إلى جميع أبناء الشعب اليمني الصابر والمحتسب.
وأود توضيح العديد من المسائل الأمنية الهامة، لكنني سأكتفي بالإجابة عن أهم التساؤلات الملحة التي تنهمر باتجاهي من كل اتجاه، ألا وهي قضية منع الدراجات النارية..
الكثير يتساءلون بحسن نية عن أسباب منع الدراجات النارية، ويتناسون كميات الضحايا لهذه الدراجات النارية.
ولذلك قبل أن تسألوني عن سبب منع حركتها، أسألوا أنفسكم أولاً عن أعداد ضحايا هذه الدراجات النارية سواء بالاغتيالات أو الحوادث المرورية الجسيمة أو نشل الأموال وخطف الممتلكات الثمينة! وغيرها من القضايا التي لا يتسع المقام لذكرها.
ويكفي هنا أن نبين أهمية وفوائد استراتيجية المنع على المدى البعيد والمدى القريب أيضاً، مما يعود بالنفع والمصلحة على البلاد والعباد، ولهذا فإن محور جميع الديانات السماوية يقوم على قاعدتين اثنتين هما: (المنح والمنع)
صحيح أن المنع قد يتضرر منه القليل والبعض من الناس، لكن فوائده تعم السواد الأعظم من المجتمع.
ونظراً لأننا في مرحلة التغيير الثوري، فينبغي اتخاذ قرارات حاسمة وحازمة، وإيجاد حلول جذرية ناجعة، بدلاً عن الحلول الوسطية والترقيعية التي كان ينتهجها النظام السابق، وهي ما أوصلتنا إلى هذه المرحلة العصيبة من تاريخنا.
وحتى نتخلص من الموروثات القديمة ينبغي علينا أن نؤمن يقيناً بثقافة المنع والممانعة، فمثلاً إذا أردنا أن نمنع كلفوت أو غيره من تخريب أبراج الكهرباء فما علينا سوى أن نقوم بمنع وقطع الكهرباء من صنعاء، وعندما يعرف كلفوت بأنها مقطوعة أصلاً فلن يكلف نفسه عناء تخريبها من باب "الضرب في الميت حرام!".
إذاً سياسة (المنع) أقصر الطرق لتحقيق أي نجاح.. وأنا هنا أقصد المنع المؤقت لفترة معينة قابلة للتجديد، ولهذا بإمكاننا أن نمنع مؤقتاً الدراجات النارية لأنها من الأدوات الرئيسية للاغتيال.. وأن نمنع سيارات (الفيتارا) لأنها وسيلة لممارسة الاختطافات.. ونمنع السيارات القديمة لأنها مصدر للتلوث البيئي.. ونمنع السيارات الحديثة لأنها معرضة للحوادث المرورية والتقطعات القبلية.. فقط يتم السماح للسيارات المدرعة والمدرعة فقط حفاظاً على حياة الإنسان الغالية عند الله وعند وزارة الداخلية!
إضافة إلى منع المواطنين (المشاة) من السير في الشوارع لأن هذا يعرّض حياتهم لطلقة طائشة أو عبوة ناسفة.. ومنع وإيقاف الجسور والأنفاق لأنها بيئة ملائمة لنصب الكمائن وزرع المتفجرات.. منع شرائح الاتصالات والهواتف المحمولة باعتبارها من العناصر المساعدة للمجرمين.. منع القنوات الفضائية ووسائل الإعلام بشتى أنواعها لأنها تكشف عن ملامح المسؤولين المستهدفين بالقتل والاغتيالات والحسد أيضاً!
حتى الاجتماعات الحكومية إذا تعذر انعقادها فليتم نقلها إلى البيوت لتغدو اجتماعات منزلية!! أو حتى نقل هذه الاجتماعات إلى دولة مجاورة لتكون اجتماعات مثمرة وعابرة للحدود وخالية من أي منغصات أو كحول إرهابية!!
ولهذا أنا الآن بصدد إعداد مشروع لمجلس الوزراء مفاده تشكيل لجنة علمية طبية ونفسية لدراسة مدى إمكانية تصنيع وتوزيع (حبوب المنع) لجميع المحتاجين، في إطار مكافحة الجريمة المنظمة والفوضى غير الخلاقة، فمثلاً يتم توفير حبوب (منع العنف) وحبوب منع (الكراهية المذهبية) وحبوب منع الإنقسامات والتجزئة. وحتى لا يتحسس البعض من كلمة (منع) ممكن نسميها حبوب الحفاظ على الوحدة!!
الأحزاب السياسية هي الأخرى أحوج ما تكون للمنع بل وإغلاق مقراتها بـ(أقفال غثيمية).. كون هذه الأحزاب سبب رئيسي من أسباب الحروب والصراعات والمواجهات وزرع بذور الانقسامات وإشعال جذوة الخلافات العنيفة، بدلاً أن تكون هذه الأحزاب أوعية حضارية لممارسة الحقوق والواجبات بطرائق راقية وسلمية..
مؤتمر الحوار الوطني هو الآخر بحاجة ماسة للإيقاف والمنع حتى تتوقف غالبية جرائم القتل وأعمال الفوضى والشغب؛ لأننا كل يوم وكل أسبوع وكل شهر نسمع بيانات وتصريحات وبلاغات صحفية تندد بهذه الأعمال الإجرامية التي تصفها بأنه تستهدف عرقلة الحوار الوطني.. فإذا كانت جرائم القتل تستهدف عرقلة الحوار، وإذا كانت أعمال التخريب تزمع إفشال الحوار.. وإذا كانت حرب دماج والعصيمات وكتاف تصبّ في مثلث نسف الحوار.. وإذا كان الرئيس السابق وعائلته تسعى لإعاقة الحوار..
فلماذا إذاً لا يتم إيقاف هذا الحوار وإعلان نهايته خاصة بعد تجاوز عمره الافتراضي؟!!
علينا أن ننظر بعيداً تحو الغايات والمقاصد التي تخدم المواطن، وليس إلى الوسائل والأدوات التي قد تتحول من أدوات معالجة إلى أدوات إعاقة وبالتالي يلحق بنا أضراراً فادحة، فالهدف هو مصلحة الإنسان أولاً وأخيراً.. وهذه المصلحة قد تأتي عبر (المنع) وما أحسن المنع عندما يكون لصالح الإنسان، حتى وإن كان في ظاهره غير ذلك، لكنه في باطنه يحمل الخير للجميع!!
قد يقول قائل: كيف لنا أن نصبر على موجة المنع هذه؟ فأنا أقول أن بإمكاننا التكيف والتأقلم مع مختلف أوضاع المنع إذا ما اعتبرناه مجرد إجراء وقائي تقتضيه الضرورة وباعتباره أيضاً مصلحة للإنسان وليس باعتباره عقاباً للإنسان..
أيش يعني عندما نمنع وسيلة نقل أو أكثر من وسيلة نقل في فترة محددة؟ كيف كان أجدادنا الأوائل يعيشون بدون هذه الوسائل؟ فلماذا لا نقتدي بالرعيل الأول من الصحابة والتابعين؟ ولو بصفة مؤقتة، ولتكن من باب ترويض النفس الأمارة بالسوء، وأيضاً من باب التجديد واكتساب مهارة التعامل مع ظروف الحياة القاسية!
يا جماعة الخير: الحكم يُسر وليس عُسر، ورسولنا الكريم يأمرنا بقوله: "يسّروا ولا تعسّروا، وبشّروا ولا تنفّروا"، كما أن المثل الشعبي يقول: "الباب اللي يأتي منه الريح، سدّه واستريح"!!