drawas

454x140 صوت واضح

الحراك الجنوبي .. خارج نطاق الوحدة والفيدرالية والانفصال!

76435يعود الحراك الجنوبي مجدداً إلى الشارع لاستعادة زخمه الشعبي، ذلك الذي بدأ في العام 2007، وإن كانت هذه العودة محفوفة بالكثير من المخاطر والتحديات، لكن خروج مسيرة في هذا الوقت بحد ذاته تعد إنجازاً لهذا المجتمع المكلوم بقبضة التحالف، وسط انقسام مجتمعي لم يسبق له مثيل.

الحراك أو ما تبقى منه، نظم مظاهرات نسبية، السبت، مقارنة بمظاهراته في السابق، حيث جاب المشاركون فيها من الجنسين شوارع عدن وحضرموت رافعين لافتات تندد بالتحالف وتطالب برحيله وقد وسمته بشعار "الاحتلال" إضافة إلى هتافاتهم المستنكرة لعزل القضية الجنوبية عن مفاوضات السويد والزج بأبناء الجنوب في "محارق الموت" دون ضمانات لقضيتهم.

ما كان لافتاً في تلك المظاهرات، هو رفع المحتجين شعار المجلس الأعلى للحراك السلمي، ذلك المجلس الذي شكل البيض وباعوم أبرز أعمدته في العام 2012، أي بعد 5 أعوم من انطلاق مسيرات الحراك الجنوبي، غير أن ذلك المجلس الذي كان جامعا لكافة فرقاء الماضي، عاد من جديد لتوسيع خلافاتهم وقد غزى المتسلقون مركز قياداته وسط استقطاب كبير داخلياً وخارجياً، واليوم وبعد نصف عقد، لم يتبقى أحد يرفع راية المجلس سوى تيار "باعوم الإبن" الفتى الذي يقيم في لبنان ويتهم بتلقي أموال خارجية، ويحظى أيضا بترحيب كبير في صنعاء شأنه شأن قيادات أخرى وصفها محمد الحوثي بأنها "وازنة"، وعبر عن رغبته بالتفاوض معها بدلاً عن حكومة هادي، لكن هذه القيادات التي كانت حتى وقت قريب تقبض على الشارع جنوب اليمن، وتفاوض باسمه، باتت اليوم شأنها شأن حكومة هادي وتيارات جنوبية أخرى عمل التحالف خلال 4 سنوات من وجوده في الجنوب على إفراغها من محتواها، وضرب حاجز بين القيادة والقاعدة الشعبية، فملثما عزل حكومة هادي في فنادق بالرياض، والانتقالي في أبوظبي، نكّل ببقية القيادات الجنوبية التي لا يضمن ولائها وقد شرد بها بقاع العالم، في وقت راح يرسم فيها ملامح مستقبل جنوب اليمن بعيداً عن تطلعات اليمنيين أو حتى الجنوبيين أنفسهم ممن صفقوا ذات يوم لدخوله.

لا أحد يتجرأ في عدن أو حضرموت على رفع صوته في وجه التحالف، وقد أسس قوة ضاربة لمجابهة أي معارضة، ولديه سجلاً حافلا بالانتهاكات بحق معارضيه بعدما وزع عليهم التهم والإدانات وأودعهم سجونه السرية، ومن نفذ منهم بجلده حرمت عليه أرضه مرة أخرى، وحتى من يتظاهرون اليوم هم مجرد أهالي تواقون للقمة العيش أكثر منها مطالب سياسية وتدفعهم روح المعاناة جراء انعدام الأمن والغذاء وتفشي الأمراض والأوبئة إلى الشارع أكثر منها دعوات باحثة عن مقعد أو مقعدين في جولة المفاوضات، لكن رغم ذلك الخروج لا يبدو بأن الحراك يتقن إداراتها لصالحه وقد فشل مرات عديدة في ذلك.

حتى قبل 2015، كانت المدن الجنوبية تنتفض عن بكرة أبيها لمجرد دعوة مجلس الحراك للتظاهر، لكن اليوم، لم يعد الواقع كذلك فأكبر قيادي في الحراك، صلاح الشنفرة، أهين قبل أيام لمجرد دعوته لإحياء فعالية ذكرى الثلاثين من نوفمبر في عدن، ومنع أنصاره من التجمع، لم يحظى حتى ببيان تعاطف من قوى الحراك الأخرى التي يحاول كل تيار فيها احتكار تمثيل الجنوب والتفاوض باسمه.

يغوص الجنوب في الأزمات التي صنعها التحالف، ويبدو أن غياب الرؤية لدى قادة الحراك الجدد ساعد التحالف حتى الآن في فرض رؤيته العدمية، التي ترفض الوحدة ولا ترغب في الفيدرالية ولا تسمح بالانفصال، ولعله يريد وضعا مضطربا وغير مستقراً، وهاهو يقسم الجنوب على مقاسات تسمح له بنهب الثروات وإبقاء الجنوب حبيس صراعات الماضي والحاضر، بدليل أن بعض قادة الجنوب ما زالوا حتى اليوم يرفعون شعار النضال والكفاح ضد ما يسمونها دولة الشمال، دون أن يدركوا أنه لم يعد هناك دولة أصلا سواء في الشمال أو في الجنوب أو حتى المنتصف!

كاريكاتير