النيل الهائج يُغرق السودان ويدخله في حالة طوارئ

الخرطوم – يعيش السودان كارثة إنسانية لم يشهد مثلها منذ 100 عام، اذ تسبب ارتفاع منسوب مياه نهر النيل في خسائر كبرى، مما اضطر السلطات لإعلان حالة الطوارئ لمدة 3 أشهر في جميع أنحاء البلاد.

والسودان، الذي يعاني من تداعيات أزمات اقتصادية وصحية جمّة، تم إعلانه منطقة كوارث، بعد تضرر 16 من أصل 18 من ولاياته بفِعل النيل الهائج.

وعادة ما يشهد السودان فيضانات في فصل الصيف، لكن هذا العام تسببت مستويات المياه غير المسبوقة في إغراق مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية بينما يخشى السكان في أنحاء الخرطوم على منازلهم بسبب المياه الآخذة في الارتفاع.

وجاء الفيضان رغم بدء إثيوبيا في ملء خزان سدّ النهضة على النيل الأزرق في يوليو، والذي من المفروض أن يساعد السودان في السيطرة على الفيضانات في المستقبل.

وبدأت أديس أبابا ملء خزان سد النهضة بشكل تدريجي، في غياب اتفاق بينها وبين مصر والسودان (دولتا المصب).

وكان رئيس الوزراء عبدالله حمدوك قال إن فيضان النيل للعام الحالي أدَّى إلى خسائر مفجعة وموجعة في الأرواح والممتلكات بالبلاد.

أعلن المجلس القومي للدفاع المدني بالسودان، الإثنين، ارتفاع حصيلة وفيات السيول والفيضانات إلى 102، فضلا عن غرق قرية كاملة، شمال العاصمة الخرطوم، بعد أن أكد الأحد أن الفيضانات أسفرت عن تشريد أكثر من نصف مليون شخص وانهيار أكثر من 100 ألف منزل جراء الفيضانات والأمطار التي فاقت معدلاتها الأرقام القياسية التي رصدت خلال عامي 1946 و1988.

وأوضح المتحدث باسم المجلس القومي للدفاع المدني (رسمي) العقيد عبدالجليل عبدالرحيم ، أن “عدد المنازل المتضررة من الفيضانات في زيادة مستمرة وبعضها انهار بالكامل، كما تعرضت مناطق جديدة بالخرطوم لأضرار فيضان النيل خلال يومي الأحد والإثنين، بينها منطقتا اللاماب (جنوب) وأم دوم (شرق)”.

ووفق وسائل إعلام محلية، بينها صحيفة “الأحداث” الخاصة، فإن جميع منازل قرية “التمانيات” والبالغ عددها 350 منزلا انهارت بالكامل، وأن السكان باتوا يقيمون في العراء ويحتاجون إلى خيام للمأوى.

ويبدأ موسم الأمطار الخريفية في السودان من حزيران، ويستمر حتى أكتوبر، وتهطل عادة أمطار قوية في هذه الفترة، وتواجه البلاد فيها سنويا فيضانات وسيولا عارمة.

وعمّقت الأمطار الغزيرة هذا العام أزمات السودان التي تعاني من انتشار فايروس كورونا المستجدّ اذ بلغ إجمالي إصابات كوفيد -19 في البلاد حتى 29 أغسطس الماضي، ضمن آخر إحصاء رسمي، 13 ألفا و189 إصابة، منها 823 وفاة، و6 آلاف و612 حالة تعاف.

لم تثر الأحداث الكارثية في السودان تعاطفا عربيا أو دوليا، بل يكتفي الجميع بمشاهدة الصورة والفيديوهات المتداولة عن الفيضانات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما دفع ناشطي السودان منذ أسبوع إلى محاولة حشد التعاطف بنشر صور ومقاطع فيديو توثق معاناة السودانيين بسبب الفيضانات ولكنها لم تشهد صدى يذكر.

وقبل شهر، أقام مستخدمون لمواقع التوصل الاجتماعي من كافة البلدان والاعراق، "الدنيا ولم يقعدوها" تعاطفا مع لبنان على خلفية انفجار مرفأ بيروت يوم 4 أغسطس الماضي.

وهو ما دفع مستخدمي وسائل التواصل إلى التعبير عن غضبهم ورفضهم لما أسموه تعاطفا انتقائيا.

وبعد الموجة الغاضبة على مواقع التواصل، تقدّم الأزهر بخالص العزاء والمواساة إلى دولة السودان في ضحايا السيول والفيضانات .

وأعرب الأزهر، في بيان أصدره اليوم، عن خالص تضامنه مع دولة السودان في تجاوز هذه المحنة، مكتفيا بالدعاء أن يتغمد الله الضحايا بواسع رحمته، وأن يلهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان، وأن يمن على المصابين بالشفاء العاجل وأن يوفق السودان في تجاوز محنه، وأن يرزقه السلام والأمان والاستقرار، ودون دعوة للحكومات للتدخل العاجل نصرة للسودانيين في مصابهم.

أما منظمة الأمم المتحدة فأعلنت دعمها لجهود الاستجابة الوطنية السودانية لتداعيات الفيضانات الشديدة الأخيرة التي تعرضت لها البلاد، داعية المجتمع الدولي إلى توسيع نطاق الدعم للخطة الإنسانية للسودان والمقدرة بـ1.6 مليار دولار، مول منها حتى الآن ما نسبته أقل من 44 في المئة.

وأكد ينس لاركيه، المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، في تصريحات أدلى بها أن الدعم الأممي بهذا الشأن شمل خدمات المأوى في حالات الطوارئ واللوازم المنزلية، إلى جانب المياه والصرف الصحي والنظافة والطعام والخدمات الصحية ومكافحة ناقلات الأمراض.