drawas

454x140 صوت واضح

اليمن .. بين تباشير السلام ومؤشرات استمرار الحرب

اليمن .. بين تباشير السلام ومؤشرات استمرار الحرب

تقرير خاص باليقين أونلاين

تتسارع التطورات السياسية على الساحة اليمنية حاملة المزيد من تباشر قرب انتهاء نصف عقد من الحرب التي أكلت الأخضر واليابس، لكن هل هذه التحركات فعلا لإطفاء بركان لا تزال حممه تفتك بالجميع أم أنها جولة أخرى من الاستعراض؟

إعلامياً تبدو "اليمن على الطريق الصحيح" وهذه عبارة نقلها رئيس وفد صنعاء في تغريدة عن مسؤولين روس التقى بهم في العاصمة الروسية موسكو، التي زارها بالأمس بدعوة رسمية، كاشفاً عن استلامه لرؤية روسية تتعلق بأمن الخليج واليمن.

 ورغم أن زيارة وفد الحوثيين إلى روسيا لم تكن الأولى، إلا أن هناك من ينظر لهذه الزيارة كمؤشر على الانفراج في الأزمة اليمنية، وتوجه دولي لوقف العمليات العسكرية في اليمن بحلول نهاية العام الجاري، بحسب تصريحات دبلوماسيين روس لوكالة رويترز، لكن إذا ما نظرنا للأمر من زاوية التطورات الميدانية فلا مؤشر فعليً على قرب وقف إطلاق النار؛ فالمعارك محتدمة في عدة جبهات أبرزها الحديدة التي وصفها الأمين العام للأمم المتحدة ذات يوم بأنها القضية المفصلية في الأزمة اليمنية، أضف إلى ذلك العمليات المتواصلة على الحدود اليمنية – السعودية وجبهات الضالع والبيضاء ونهم حيث تتبادل الأطراف أنباء التقدم وكسر التسلل، فضلاً عن استمرار الهجمات الجوية على السعودية والغارات على المدن اليمنية.

 وبغض النظر عن عملية الشد والجذب التي اعتاد اليمنيون عليها على مدى السنوات الخمس الماضية، تبقى التحركات الحالية في صميم جوهر الحرب، فإلى جانب ما ذكر سالفا، كان المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث الذي تحدث في تقريره الأخير لمجلس الأمن عن شخصيات وصفها بـ"الحكيمة" تعمل على وقف الحرب، مشيراً إلى لجهود التي تبذلها سلطنة عمان حاليا بتقريب وجهات النظر بين أطراف إقليمية عدة جميعها تتطلع لإنهاء التوتر الذي وضع المنطقة برمتها على كف عفريت.

 حديث غريفيث للصحفيين في جنيف كان كعادته كل مرة مليء بالكثير من التفاؤل، لكن ما يسنده هذه المرة التحركات العسكرية سواء المتعلقة بالانسحابات الجزئية للقوات الإماراتية والقوات السودانية من بعدها، أو حتى بالترتيبات التي تجريها السعودية على الأرض والمتمثلة بنشرها قوات في عدن والمكلا لتأمين جلسات مجلس النواب وعودة حكومة هادي إلى عدن بعد انقطاع دام لسنوات.

 والأكثر جدلية في هذه التحركات التوجه السعودي الإماراتي لتوحيد كافة الفصائل المتناحرة والمترامية الولاء تحت قيادة موحدة، كما حدث في الساحل الغربي بتشكيل مجلس عمليات مشتركة ومنح أبرز أيادي نجل الرئيس السابق منصب قائد قوات العمليات المشتركة، ناهيك عن وضع السعودية المجلس الانتقالي الجنوبي أمام خيارين كما يقول الكاتب الجنوبي عبدالسلام عاطف جابر، المقيم حاليا في الرياض، مشيراً إلى أن أمام الانتقالي الآن فرصة الالتحاق بقوات هادي مقابل حقائب وزارية سبق للإمارات رفضها أو  تسليم السلاح وتسريح عناصره.

 هذا التوجه السعودي يتخذ طابع الجدية الآن مع نشر المملكة لقواتها في عدن عمق سيطرة المجلس الانتقالي ومعقله الأبرز في الجنوب وبدون ذلك يعني مواجهة شاملة، لكن المؤشرات تؤكد بأن الانتقالي يتجه لقبول  الخيار السعودي المر، والذي سيجرده مستقبلا من كافة طموحاته في فصل الجنوب.

 يبدو ذلك واضحا من تصريحات رئيس دائرة العلاقات الخارجية في المجلس، أحمد بن فريد العولقي، سواء في مقابلته مع قناة أبوظبي أو تغريداته الأخيرة في مواقع التواصل الاجتماعي وجميعها تشير إلى أن المجلس الذي ظل رهن الوصاية الإماراتية منذ تشكيله في 2016 قرر الارتماء رسمياً في حضن الرياض التي لم يخفي بن فريد خشيته من إفشال مشاريع مجلسه وطالبها بحل عادل للقضية الجنوبية.

 قد تكون ملامح حل قريب قد تشكلت بفعل الجهود الدولية وآخرها زيارة وفد مجموعة الأزمات الدولية إلى صنعاء بعد إصدار تقريره الأخير الذي تضمن رؤية للحل في اليمن، نالت استحسان رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين مهدي المشاط الذي أعلن استعداد حكومته وقف الهجمات الجوية مقابل التزام الطرف الآخر، وحتى المواجهات قد يمكن وقفها بقرار وفقا لما ذكره غريفيث في وقت سابق وحتى فرص السلام تظل مرتبطة بالجولة المرتقبة من المفاوضات التي يعد لها المجتمع الدولي ويحضر لها غريفيث لتكون شاملة لكن يبقى الخلاف بين الحلفاء ومدى تأثير اتساعها على مستقبل اليمن والحل السياسي برمته، فالمعطيات على الأرض لا تزال مثقلة بتركة طويلة من العداء بين السعودية والإمارات، يبرز ذلك كليا في محاولة كلا منهما حاليا لقصقصة أجنحة الآخر، على أمل الفوز بنفوذ مستدام، وذلك قد يكلف اليمنيين ثمناً باهضاً مستقبلا لاسيما وأن كلا منهما يتبنى شعار "التحرير".

كاريكاتير