drawas

454x140 صوت واضح

بعد قصف مطار أبها.. هل أدرك التحالف أن إطالة الحرب تخدم الحوثيين؟

بعد قصف مطار أبها.. هل أدرك التحالف أن إطالة الحرب تخدم الحوثيين؟

الحوثيون يكثفون هجماتهم الجوية ضد المنشآت الحيوية السعودية.

لم تعد المسألة مجرد إزعاج أو مشاغبة حوثية، ولم تعد مجرد مقذوفات طائشة.

فبعد أكثر من أربع سنوات من الحرب أصبح الحوثيون يمتلكون القدرة على تحريك أسراب من الطائرات المسيرة الملغومة وفي وقت واحد.

بات بإمكان الحوثيين التوغل والسيطرة على عشرات المواقع السعودية كما حدث قبل أيام في نجران، وصار بإمكانهم ضرب العمق السعودي كما حدث في ينبع ومؤخراً في مطار أبها.

وخلال ثلاثة أيام فقط استهدفوا ثلاثة من أهم المطارات في الجزء الجنوبي للمملكة.

 تحدث ناطق قواتهم، يحيى سريع، عن تدمير مخازن أسلحة ومحطات رادارات متقدمة في مطار جيزان، وقبلها أعلنوا استهداف قاعدة الملك خالد العسكرية في خميس مشيط، وبالأمس تعترف الرياض باستهدافهم لمطار أبها في عسير.

 أضف إلى ذلك توقف نشاط مطار نجران بفعل المعارك التي باتت تقترب من المدينة كما يقول الحوثيون.

 كانت هذه المطارات خلال العقود الماضية، محطات ترانزيت إقليمية تدر على الرياض المليارات يوميا، بدليل محاولاتها إعادة تشغليها رغم المخاطر المحدقة جراء استمرار تساقط ما يصفها الحوثيون بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة، وتحاول الرياض التقليل منها بوصفها مقذوفات.

 وعلى الرغم من تقليل السعودية من تأثير الاستهداف الحوثي لمطاراتها، إلا أنها تتجرع  خسائر فادحة ليس بسبب الأضرار الناجمة عن القصف فقط، بل أيضا بتوقف هذه المطارات التي كان أصغرها يستقبل عشرات الرحلات الداخلية والخارجية يومياً.

ووفقا لوكالة "مونت كارلو" فإن "استهداف مطار أبها يعد ضربة موجهة لمشروع محمد بن سلمان المعرف باسم "رؤية 2030" للخروج من اقتصاد النفط إلى اقتصاد الصناعة والسياحة وغيرهما؛ إذ أن استهداف مدينة أبها يعتبر استهداف العمود الفقري للسياحة السعودية، فهي عاصمة منطقة عسير التي تُذكِّر تضاريسها ومناظرها الطبيعية بأجواء المناطق السياحية التي نجدها في سلسلة جبال الآلب الأوروبية".

 ليست مطارات القطاع الجنوبي للسعودية وحدها الهدف، كما يقول الحوثيون، فهذه المطارات لم تكن بحاجة لصواريخ أو طائرات مسيرة ويكفي أن تتعرض لعدة قذائف هاون أو مدفعية بحكم المعارك التي تدور بالقرب منها، وفقاً لرواية الحوثيين، لكنها بنظر قوات صنعاء، البداية، فما زالت تهدد بقصف أهداف جديدة لا تستهدف المطارات السعودية والإماراتية فحسب، بل تطال منشآت حيوية في المملكة التي لا تزال  تندب الهجوم على محطة ينبع.

وفيما يرى مراقبون أن تكثيف الحوثيين لهجماتهم الجوية ضد السعودية يأتي بقرار إيراني كردة فعل على العقوبات الأمريكية ضد إيران، وكرسالة للمملكة والخليج بأن إيران لن تدفع وحدها ثمن العقوبات الأمريكية، وينبغي إشراك السعودية والإمارات في ذلك.

لكن الحوثيون يؤكدون أن تصعيد هجماتهم ضد السعودية ينطلق من مبدأ الدفاع عن النفس والرد الطبيعي على إغلاق مطار صنعاء كما أعلن المتحدث العسكري يحيى سريع، وكذلك ناطق الحوثيين محمد عبدالسلام، الذي هاجم مؤخراً الأمم المتحدة وانتقد منع التحالف عنها التصاريح لتسيير رحلات جوية إلى مطار صنعاء المغلق من قبل التحالف منذ سنوات.

هذه الرحلات وإن لم تكن بصورة يومية إلا أنها تخفف معاناة الكثير من المرضى والمحتاجين، ووقفها بنظر عبدالسلام يعني تشديد الحصار، وهو ما دفع بصنعاء للضغط بطريقتها، كما يقول نائب وزير الخارجية في حكومة صنعاء حسين العزي، فصنعاء قادرة على فتح المطار بطريقتها.

 مطالبات فتح مطار صنعاء وردت أيضاً على لسان محمد علي الحوثي الذي توعد باستهداف مطارات التحالف مقابل مطار صنعاء، وهي رسالة واضحة بأن توقف المطار يعني بأن مطارات المنطقة ليست بمنأى عن الخطر.

 التصعيد الحوثي ضد المطارات السعودية ليس فقط للضغط لفتح مطار صنعاء كما يرى الصحفي محمود ياسين فالجماعة تنتهج استراتيجية توائم من خلالها بين السيطرة على الجبهات الداخلية وتنفيذ الهجمات الخارجية، وهو ما قد يدفع التحالف للتفاوض المباشر معها بعيدا عن حكومة هادي أو "الشرعية".

كما أن وصول هذه الصواريخ الحوثية إلى جانب الطائرات المسيرة إلى الداخل السعودي دون اعتراضها أو حتى رصدها، يمثل رسالة قوية للمملكة مفادها أن الأسلحة الأمريكية وصواريخ الباتريوت لم تعد مجدية في حماية السعودية خاصة إذا ما اندلعت حرب إقليمية في المنطقة.

وفي ظل تهديد السعودية بالرد الصارم والعاجل على الحوثيين، تبدو خيارات السعودية محدودة ولم تتعدى قصف مواقع مكررة ظلت تقصفها طيلة 5 سنوات. وهذا يؤكد نفاد بنك الأهداف العسكرية في اليمن بالنسبة للتحالف السعودي الإماراتي. فيما يحدد الحوثيون أكثر من 300 هدف حيوي داخل المملكة مهددة بالقصف.

 وحتى التقدم العسكري على الأرض يبدو الآن أكثر صعوبة ليس فقط بفعل المقاومة الحوثية، بل أيضاً بفعل الضغوط الدولية التي ملّت من حرب التحالف المستمرة منذ 5 سنوات، يبرز ذلك جلياً في محاولة السعودية استعطاف المجتمع الدولي بحشد بيانات الإدانة والاستنكار للهجمات الحوثية وإن بدت بيانات الشجب العربية غير مهمة ومكررة في محتواها، ناهيك عن أنها أصبحت مجرد نكات لا أكثر، لكن البيانات الغربية بدأت هذه المرة أكثر انتقادا للسعودية، فبريطانيا التي طرحت لتوها مشروع قرار في مجلس الأمن يدين استهداف الحوثيون لمحطة ينبع النفطية، أصدرت بياناً خالياً من الشجب، بل ويحث السعودية على التسريع بالحل السياسي في اليمن، ووحدها الولايات المتحدة التي أعلنت نشر قوات جديدة في اليمن من اعتبرت الهجوم على مطار أبها توجه إيراني، مع أن الحوثيين خصصوا هذه المرة صاروخ "كروز" للهجوم.

وحتى لو كانت هذه الصواريخ أو الطائرات المسيرة إيرانية، فهذا يعني فشل التحالف في منع وصول هذه الصواريخ والطائرات المسيرة أو الخبراء إلى صنعاء، وأن الحصار المفروض من قبل التحالف لا يؤثر على الحوثيين بقدر ما يؤثر سلباً على عامة الشعب اليمني.

فمتى سيدرك التحالف أن إطالة أمد الحرب ليست لصالحه بقدر ما يستفيد منها الحوثيون في تطوير قدراتهم ومضاعفة إمكانياتهم، فكل يوم يمتلكون سلاحاً نوعياً جديداً، ويكسبون المزيد من الأنصار بفضل فشل التحالف.. هذا الفشل الذي يصوره الحوثيون بأنه معجزة إلهية وكرامة ربانية، ومن ثم إقناع الآخرين بصوابية موقفهم وضرورة مناصرتهم، فيما التحالف يخسر المزيد من حلفائه ومناصريه.

كاريكاتير