بعد نجاح فشلها.. السعودية تهرب من حرب اليمن إلى تحالفات جديدة في أفريقيا

بعد أربع سنوات من الحرب في اليمن، يرضخ التحالف لضغوط السلام الدولية وإن لم يحقق اليسير من سقف طموحاته التي أعلنها غداة شنه الحرب في مارس من العام 2015، ولأن التحالف بات يخشى تداعيات الحرب وقد انعكست سلباً على واقع العالم العربي، يبحث حالياً عن تحالفات أفريقية جديدة علّها تقوي شوكته وتعزز قدراته في المنطقة العربية التي أخفق في لمّ شملها وهو الذي وسم حربه في اليمن بإعادتها إلى اللحمة العربية.

خلال السنوات الماضية من عمر الحرب في اليمن، لم يدفع أحداً الثمن باهضاً بقدر ما دفعه المدنيون وقد استهدفت مدارسهم ومنازلهم ومزارعهم ومستشفياتهم وصولاً إلى إطباق حصار عليهم بإغلاق الموانئ والمطارات وتشديد الرقابة على تحركاتهم الداخلية و استهداف تنقلاتهم داخل المدن وخارجها، أضف إلى ذلك ما تسببت فيه تلك العوامل من تداعيات على الحياة اليومية للمواطنين لتنعكس سلباً على معيشتهم حتى دنا اليمن اليوم من أسوأ كارثة إنسانية في القرن الحديث، ولا مجال لحصر أضرارها الإنسانية وحتى الأخلاقية التي تضمنت التقارير الدولية جزء يسير منها.

هذه الحرب التي ادعى التحالف بأنه شنّها لأجل اليمنيين، عرّته أكثر بعدما أوغل في امتهان كرامة اليمنيين وأمعن في إذلالهم وقد راح يعتقل وينشئ السجون السرية والتشكيلات المسلحة التي لا هدف منها سوى ضرب اليمنيين ببعضهم بغية تأمين خططه الخاصة في هذا البلد الاستراتيجي الفقير والمكبل بمصالح الإقليم والعالم، لكن رغم صمت العالم على التحالف في بدايته إلا أن تشعباته الأخيرة نجحت في السماح لليمنيين باستنشاق أمل السلام على وقع بارود الحرب، فالضغوط التي توسعت بفعل إعلان مزيد من الدول الغربية آخرها فنلندا ومجلس الشيوخ الأمريكي الانضمام إلى تيار المقاطعة للتحالف عسكرياً في اليمن، إضافة إلى الحملات الدولية ضد انتهاكاته جنوب وشرق اليمن دفعت التحالف إلى الرضوخ مجدداً إلى السماح بعقد جولة مفاوضات في السويد بدأت ملامحها تتشكل على الأرض بدعم دولي كبير عززته بيانات أعضاء مجلس الأمن الأخيرة، ولم يجد التحالف سبيلا للهرب منها هذه المرة وقد بات العالم مدركاً لحجم المأساة التي تسببت بها الحرب في هذا البلد والتي من شأنها محاصرة كيان قاداته مستقبلا وربما إخضاعهم للمحاكمة الدولية.

تنازل التحالف عن أبرز أهدافه في تدمير قدرات صنعاء العسكرية بعدما أصبحت الأخيرة أقوى من ذي قبل كما تتحدث تقارير غربية، ولم يعد يتحدث مسؤوليه عن "الانقلابيين" وقد كشفت تقارير إعلامية عن ضغوط مارسها محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، على هادي بالقبول بالجلوس مع من كان يصفهم بـ "أتباع إيران" كطرف لإبرام اتفاق في السويد وأعلن بن سلمان بنفسه عن قرب انتهاء الحرب، وهذا الإعلان كان جزء من مقايضة قد تخلصه من تداعيات الحرب وحتى من كارثة مقتل الكاتب المعارض جمال خاشقجي.

وفقاً لمبادئ تشكيل التحالف فإن الهدف توحيد المنطقة العربية في وجه ما وصفوه بالتوسع الإيراني، غير أن هذا التحالف أُجهض قبل أن يحقق أياً من أهدافه فانسحبت دولاً عدة منه بعد أن تبين لها أهداف السعودية والإمارات الخفية، وانقسم العالم العربي بين مؤيد ومعارض حتى باتت عواصم الدول العربية تستقبل القادة السعوديين بشعارات الإدانة والاستنكار لقتل اليمنيين وهي الدولة التي ظلت لعقود قابضة على القرار في عواصم الدول العربية بحكم مركزها الديني وثرواتها النفطية التي مكنتها من شراء ولاء القادة، لكن وقد وصلت نقمة الشعوب العربية إلى ذروتها في وجه التحركات السعودية – الإماراتية في المنطقة فذلك يعد انتكاسة لعلاقات هاتان الدولتان بمحيطهما العربي ولا مفر من ذلك سوى البحث عن تحالفات جديدة في مجتمعات لا تفهم سوى لغة المال ويتطلع قاداتها للمال الخليجي بلهفة، وذلك ما ظهر جليا بالقمة التي استضافته الرياض مؤخراً لوزراء خارجية الدول المطلة على البحر الأحمر باستثناء أريتريا ناهيك عن غياب ممثل اليمن، ومع ذلك تم إعلان انضمامها لكيان البحر الأحمر، وكأن اليمن مجرد محافظة سعودية، كما يظنون أو يحلمون!

هذا التحالف ذات البعد الاستراتيجي بنظر الرياض جاء في وقت تعكف فيه واشنطن على إنشاء تحالف عسكري يضم إلى جانب دول الخليج مصر والأردن، وجميع تلك التحالفات قد تكون ظاهرة صوتية أكثر منها عملية، ومثلما تشكل عصا أمريكا في وجه إيران تمثل أيضاً مصدر آخر لابتزاز السعودية.