drawas

454x140 صوت واضح

تفكيك الانتقالي .. المهمة الإماراتية الأخيرة لإخفاء أداة الجريمة

عيدروس الزبيدي في أحد شوارع السويدبذات الطفرة المفاجئة التي ظهر بها إلى السطح في 2016، يتلاشى المجلس الانتقالي الجنوبي، وقد ركزت الإمارات كل جهودها لتذويبه بصمت بعد أن كان وحشها الكاسر ويدها العليا في جنوب اليمن لأكثر من عامين، لكن اليوم يكاد الانتقالي ينقرض وهو الذي ظل يستند لدعم إماراتي في عبثه بالمدن وإرعاب أهلها، تارة باسم الجنوب وأخرى تحت يافطة مكافحة الإرهاب، غير أن أبوظبي المحاصرة بجرائمها الأخلاقية باتت بأمس الحاجة لكبش فداء تضحي به ولا خيار لديها سوى الانتقالي، ذلك الذي تلطخت أيادي قياداته بدماء اليمنيين على مدى العقود الماضية.

خلال الساعات الماضية ظهر قادة هذا المجلس بصورة لا يحسدون عليها، فرئيسه عثر عليه تائها مشرداً في شوارع السويد يبحث كما تتحدث مصادر دبلوماسية عن خيط أمل للمستقبل في المفاوضات التي تدور هناك وقد تم استبعاده منها، بينما نائبه ذاك الذي ظل يبطش بمعارضيه أصيب فجأة بتسمم في أبوظبي دخل على إثره العناية المركزة وهو الآن في حالة غيبوبة تامة، وترجح مصادر طبية احتمال وفاته، لكن الأكثر إيلاما في سيناريو الختام الذي أرادته الإمارات لهذا الفصيل تكمن في تصاعد المظاهرات وخروجها الاثنين لأول مرة في عدن ضد قيادة هذا المجلس بعد أن ظل يجثم على صدور الأهالي بقبضته العسكرية ويجرّم كل معارضيه، ولا يسمح بصوت غير صوت التهليل والتكبير له في شوارع عدن وقد منع حتى الحراك من الحضور في الشارع الجنوبي.

أضف إلى ذلك الخطوات على الأرض، حيث يعكف ضباط إماراتيون منذ أيام على توزيع الفصائل الميدانية الموالية للانتقالي على وحدات الجيش اليمني في المنطقة العسكرية الرابعة، وقد أوقفت أبوظبي التموين والرواتب عن عناصرها وسحبت كافة المعدات العسكرية بحوزتهم، وتتجه الآن لمحاكمة بعضهم بتهمة إدارة سجون سرية وتنفيذ عمليات تعذيب، وقد شرعت فعلاً بإحالة صامد سناح - قائد فصيل في الحزام الأمني- إلى التحقيق، وتحضّر للتضحية بآخرين، لكن هل يكون ذلك كافٍ لتبييض صفحة الإمارات؟

حتى الآن لا يكاد حديث لمعتقل سابق أو منظمة حقوقية وحتى تحقيقات صحفية عن السجون السرية والانتهاكات بحق المعتقلين في جنوب وشرق اليمن يخلو من الإشارة إلى الضباط الإماراتيين كلاعبين رئيسين في عمليات التعذيب والانتهاكات تلك التي اتخذت أشكالا متعددة، وآخر تلك الشهادات ما رواها القيادي في المقاومة الجنوبية، عادل الحسني، في لقاء على القناة البريطانية الرابعة وذكر فيها الكثير من قصص التعذيب داخل السجون الإماراتية في الجنوب أبرزها قصة الشيخ راوي العريقي، ذلك الذي اهتزت عدن لمقتله، وكيف استعان ضباط إماراتيون بأفراد عصابة محليين لجلبه إلى معسكر الجلاء وقتله بناء على فتوى هاني بن بريك، ذلك الذي أجمعت قيادات الجماعات السلفية على عزله لشذوذه عنها وتمزيقها، فانتقم من قياداتها الواحد تلو الآخر .

لا تتوقف الإدانات الدولية للإمارات جراء ما ارتكبته من جرائم بحق اليمنيين في جنوب اليمن، وهي تنهال اليوم على أبوظبي كالخناجر، فخلال الأيام الماضية تداولت أكثر من وسيلة إعلام غربية أبرزها وكالة الأسوشيتد برس تحقيقات عن الجانب المظلم للإمارات في اليمن، غير أن استمرار هذه الفضائح بات يقلق أبوظبي ويعرضها أكثر للابتزاز الدولي كما جرى لحليفها في قضية مقتل خاشقجي، ولا سبيل للخروج سوى التضحية بالانتقالي، وذلك قد يورطها أكثر باستحداث فصائل خارج الشرعية التي تدعي القتال في سبيلها، ولا مناص سوى بإدراج تلك الفصائل تحت ثوب حكومة هادي.. هذه الحكومة التي ظل التحالف يستخدمها كمنديل لمسح جرائمه في اليمن، وقد أعلنت البعثة الإماراتية في مجلس حقوق الإنسان، الاثنين بأن بلادها لا تملك سجون سرية في اليمن بقدر ما تقدم من دعم لحكومة هادي، تلك التي لم يستطع رئيسها الولوج بطائرته إلى عدن وقد طرد من سماء المدينة أكثر من مرة بتهديد إماراتي ناهيك عن منع وزراء من العودة إلى المدينة، وقد ظل الوزير نائف البكري يستجدي التحالف السماح له بتوديع والدته التي توفت في عدن.

الإمارات التي حاولت استرضاء الإصلاح بدعوة قيادة الحزب لزيارة أبوظبي قبل أسابيع قليلة بعد أن كشفت تقارير دولية عن استعانتها بلوبي إسرائيلي وضباط أمريكيين لتصفية قياداته في عدن، هي ذاتها من تفكك منظومتها المحلية اليوم في الجنوب لا لهدف سوى لإغلاق ملف انتهاكاتها، لكن ومثلما بقى الزبيدي مطارداً بجرائم اغتيالات "حتم" ستبقى انتهاكات الضباط الإماراتيين وصمة عار في صميم هذه الدولة التي أدعت بأن مشاركتها الحرب في اليمن بهدف إعادة حكومته وسارعت بغمضة عين لفتح شهيتها بضرب اليمن أرضاً وإنساناً.

كاريكاتير