drawas

454x140 صوت واضح

في ذكرى عيد الجلاء اليمني .. الإمارات تحتفل في عدن بيوم الشهيد

a116c055-2d0b-4608-9374-140feee9f788تحل الذكرى الـ51 لثورة الثلاثين من نوفمبر على اليمن، اليوم، وقد أعادته الحرب المستمرة منذ 4 سنوات، أكثر من نصف قرن إلى الوراء، فلا الجنوب متحداً ليحتفل بها وقد أصبح منقسماً على نفسه، ولا الشمال في حالة صحية تتيح له شرف المشاركة في مسيرة التحرير التي خطها الأسلاف في العام 1967.

ووسط هذا تتفاقم المحن وتتكاثر المصائب على شعب أثبت التاريخ بأن قوته في وحدته، لكن وقد تداعت عليه الأمم فقد بات ذلك حاليا أو على الأقل في المدى القريب مستحيلا.

في مثل هذا اليوم قررت بريطانيا إجلاء آخر جنودها من عدن بعد أن استعمرت المدن الجنوبية لعدة عقود من الزمان، كانت عدن جزء من مستعمرة صغيرة لهذه المملكة التي عرفت ذات يوم بأنها لا تغيب عنها الشمس، وقد اتخذت من سياسة القوة والتمزيق وشراء الولاءات وإثراء الفتن منهجاً لبقائها، لكن رغم كل عظمة بريطانيا في التاريخ الحديث إلإ أن اليمنيين بمختلف أطيافهم وشرائحهم وبساطتهم استطاعوا وبعد سنوات من النضال ضد الاحتلال طرده من آخر تراب يمني، لتبزغ معها فجر ثورة الثلاثين من نوفمبر.

على مدى الخمسة عقود الماضية، كانت ثورة الثلاثين من نوفمبر واحدة من أعظم الذكريات في تاريخ اليمنيين، وقد شكلت خلال هذه الفترة مصدر قوة لفخرهم وتماسكهم وهم يحيونها في كل المدن والقرى لتذكير الأجيال المتعاقبة بأن الاحتلال حمل عصاه ورحل من غير رجعة، لكن اليوم، أثبت الواقع لليمنيين عكس ذلك وهم يرون أنفسهم وقد تشرذموا وتفرقوا شيعاً وأحزاباً لصالح الاحتلال الجديد في الإقليم.

لم يعد الاحتفال بهذه الذكرى لتجريم الاحتلال وأعوانه أو التذكير بمآسيه.. هذا إذا تبقى أصلا شيء من ذكراها، فعدن التي كانت ذات يوم رمزا لهذه الثورة، باتت اليوم تئن تحت الانتداب الإماراتي وإن اتخذ الحكم صورة جديدة، وقد حرص الضباط الإماراتيين على إلغاء كل هوية ثقافية للمدينة بما فيها هذه الذكرى الخالدة وشوهوا ملامحها بحفل عسكري عزز تقسيم اليمن، وتمزيق مجتمعه، ولم يكتفوا بذلك بل وصل بهم الأمر إلى تغير مسمى معسكر الجلاء الذي انطلقت منه شرارة الثورة في عدن إلى معسكر الشهيد واليوم أيضا تحتفل الإمارات في عدن بيوم الشهيد الإماراتي وتمنع الجنوبيين من الاحتفال بما يعدونه امتداداً روحياً لنضالاتهم، فهذه الذكرى بالذات تعزز مخاوف الإماراتيين وهم يغذون صراعات الانتقالي والشرعية من تنامي الوعي المجتمعي جراء تصرفاتهم وأن يعود اليمنيون إلى تاريخ النضال ضد الاحتلال ليفجروا ثورة جديدة.

ليست الإمارات وحدها من باتت تتصرف في اليمن كمحتل، فالسعودية أيضا وقد بسطت نفوذها شرق اليمن، تعمدت اختيار هذا اليوم لإعلان ما تسميه إقليم حضرموت وقد جلبت السفير الأمريكي مؤخراً إلى المكلا لتوثيق العهد الجديد الذي يتصرف فيه السفير السعودي كحاكم لليمن في حين تغيب فيه قيادات هذا البلد، تلك الغارقة في صراعاتها التي نشطها التحالف ذاته.

على الطرف الآخر من اليمن، لا تزال الحرب في بدايتها، بينما التحالف الذي يتطلع لرؤية المزيد من الدماء اليمنية تسيح في وديانه، يعزز النزعة الطائفية والمناطقية لا لهدف سوى أن استمرار هذا الصراع يخدم وجود طويل المدى واستثمار مريح لمعاناتهم محليا ودوليا، وهو الذي قاد حربه باسم الشرعية وحلّ بدلا عنها.

رغم المحاولات الحثيثة لقطع علاقة اليمنيين بماضيهم، تبقى ثورة نوفمبر أملا في أن يستفيق الجميع للسير على دربها.

كاريكاتير