تقرير خاص - اليقين أونلاين
لا تكاد محافظة يمنية، خاضعة لسلطة التحالف، تخلو من المواجهات بين السلفيين والإصلاحيين؛ حيث يستغل التحالف التيار السلفي وقلة خبرته السياسية واندفاعه نحو السلطة لتصويره كممثل للجماعة السلفية، التي ظلت تحرم وتجرم السياسة في قاموسها لعقود من الزمن، وكانت لا تفتئ تهاجم الإصلاحيين وتخلع عليهم أقذع الأوصاف والألقاب جراء اقتحامهم ميدان العمل السياسي، وحين توصلوا إلى قناعة بضرورة انخراطهم في الساحة السياسية، ما زالوا يهاجمون الإصلاح ليس باعتباره شاذا عن الجماعة ولكن هذه المرة باعتباره العقبة الكؤود في طريق طموحهم.
لم يقف الأمر عند الهجوم الكلامي والمعارك اللفظية بين الطرفين كما دأبا في السابق، بل يتعدى ذلك اليوم إلى المواجهات المسلحة ونصب الكمائن وتنفيذ الاغتيالات والاعتقالات المتبادلة وغيرها من وسائل الصراع، وذلك يعود إلى تدخل التحالف العربي وتحديداً الإمارات والسعودية فالأولى تتولى عسكرة السلفيين والأخرى تفرمل الإصلاحيين وتوهمهم بأنها تقف إلى جانبهم في الوقت الذي تتهمهم فيه بالوقوف مع دولة قطر العدوة اللدودة للإمارات والسعودية.
لقد بات من الواضح أن التحالف يسعى جاهداً إلى تدمير حزب الإصلاح في إطار مساعيه للقضاء على القوى المعتدلة بغية إبقاء مناطق جنوب وشرق اليمن تحت رحمة جماعات متطرفة ومناطقية تخدم مشاريعه بعيداً عن حسابات الجغرافيا والسياسة والدين.
في تعز، المحافظة التي تحتضن كتلة لابأس بها من أتباع الجماعات السلفية، يقود أبو العباس بكتائبه المعززة بأحدث الأسلحة الإماراتية حربه الخفية ضد المجندين من أبناء المحافظة، التي تشكل كتلة أكبر للإصلاح، حيث تقوم عناصره باعتقال كل مجند ينتمي إلى لواء عسكري يتهم بالولاء للحزب، ومن ثم إعدامهم أو قتلهم تحت التعذيب بدون محاكمة ودفنهم دون أن يبلغ أسرهم حتى بدليل المقابر الجماعية التي اكتشفها الأمن مؤخراً في مناطق سيطرة أبو العباس شرق المدينة ومقتل جندي في سجن للكتائب بمديرية جبل حبشي منتصف الأسبوع الماضي.
لم يأبه أبو العباس، القادم من مركز دماج المعادي للمراكز والجمعيات السلفية الأخرى، لمخاطر إدراجه على القائمة الأمريكية السوداء لمكافحة الإرهاب، ولم يتعلم من تخلي الإمارات عنه وتهجيره بمعية عناصره إلى عدن حيث صفت الإمارات بأيديها السلفية في المدينة أبرز قادة كتائبه الميدانيين بعملية تبناها الحزام الأمني في عدن، لكن رغم ذلك عاد أبو العباس إلى تعز مجدداً لتنفيذ مهام الإمارات القذرة في المدينة، بعد أن فشلت الإمارات استبداله باللواء 30 مدرع المحسوب على الحزب الناصري، وقد حرصت أبوظبي على أن تبقى هذه المحافظة قيد الصراع برفض مشروع متكامل تحدثت صنعاء عن طرحه في السويد لإنهاء حصار تعز، وذلك بعد عجزها كسر شوكة من تصفهم بـ"خصوم تاريخيين".
قبل دفع الإمارات بأبي العباس إلى تعز تحت يافطة "التحرير" كانت كتائب سلفية أخرى يقودها هاني بن بريك تنفذ مهام مماثلة في عدن وصلت إلى عشرات الحالات خلال عام واحد وفقاً لتقرير صادر عن فرع الإصلاح في عدن وتنوعت بين اغتيال وإحراق مقرات واعتقال ناشطين، لكن بن بريك، الذي ظل لسنوات مطارداً من قبل أجهزة النظام السابق في إطار حربه على الإرهاب، أوغل بالقتل حتى طالت يداه التي أطلقتها أبوظبي كل قادة التيارات السلفية بما فيهم رئيس مركز الأفيوش عبدالرحمن العدني، الذي حذر من فتنة بن بريك داخل الجماعات السلفية، والرواي وأسماء من خطباء مساجد وناشطين فقط، لأن هؤلاء محسوبين على جمعية الحكمة والإحسان ومراكز سلفية أخرى محسوبة على حزب الرشاد السلفي يرى فيها التحالف انعكاساً للإصلاح بحكم علاقتهما الجيدة.
حتى وقد مكّن الإمارات من غيها في عدن، لا يزال بن بريك محل تضحية إماراتية، وهي التي حملته وفصائله مؤخراً مسئولية جرائم القتل والتعذيب داخل سجونها السرية في عدن واستدعت قادة الإصلاح لزيارة أبوظبي للتخفيف عنها من واقع الملاحقات القانونية بعد كشف وسائل إعلام أمريكية استعانتها بمتقاعدين من الجيش الأمريكي لاستهداف قادة الحزب في عدن، بل وعرضت إعادة الحزب إلى الواجهة في عدن، كما تحدثت تقارير صحفية، أعقبتها بحملة اغتيالات لقادة في الحزام الأمني في عدن وكل ذلك لإرضاء قادة الحزب، أضف إلى ذلك تخلي الإمارات عن طموح بن بريك ورفاقه في المجلس الانتقالي بتحقيق الانفصال لا سيما في ظل الضغوط الدولية ورفض القوى اليمنية مشاريع الانفصال بتأكيدهم التمسك بالوحدة.
تغذية التحالف للصراع السلفي الإصلاحي لم يتوقف سواء في عدن أو تعز أو حتى محافظات الجنوب التي لا تزال تشهد مواجهات في شبوة وحضرموت وغيرهما، بل امتدت إلى الساحل الغربي الذي شهد صراعاً بين ألوية العمالقة السلفية والوحدات التهامية بحجة أن الأخيرة محسوبة على الإصلاح.
وكذلك الأمر في مأرب حيث يحاول التحالف الدفع بوحدات سلفية إلى صرواح لتكون شوكة في حلق الإصلاح الذي يسيطر على المحافظة، إضافة إلى الحدود الشمالية لليمن حيث استبدلت السعودية ألوية عسكرية بوحدات سلفية أبرزها اللواء الخامس في علب بحجة أنه محسوب على الإصلاح وقطر.
وحتى في مأرب والجوف المحافظتان المغلقتان على حزب الإصلاح، يسعى التحالف السعودي الإماراتي إلى زرع أذرع سلفية في هاتين المحافظتين من خلال بناء مساجد ومراكز علمية، كمحاولة لإثارة المزيد من الخلافات والصراعات البينية، وقد وقعت فعلاً أكثر من حادثة اشتباك بين الجانبين سواء بسبب الاستحواذ على إدارة مسجد ما، أو بسبب إنشاء مركز ديني.
وحيثما تواجدت كوادر الإصلاح يتم استنبات عناصر سلفية مضادة، حتى وصل الأمر إلى حدّ تمكين عناصر سلفية في منفذ الوديعة الحدودي الذي يقع تحت سيطرة قوات عسكرية قبلية أكثر من كونها حزبية سياسية.
لا هدف من إثراء الصراع بين الإصلاح والسلفيين، فهذه التيارات أعلنت أغلب قياداتها أصلا موالاتها للتحالف، وحتى الإصلاح عرض في وقت سابق تنازله عن حقائبه في حكومة هادي، لكن التحالف الذي بنى تدخله في اليمن على أساس مبادرته الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، يحاول الآن فرض أجندته مذهبياً وطائفياً بعد فشله عسكرياً وذلك لن يتحقق عبر حزب كالإصلاح الذي يحتضن أنصار من مختلف التيارات والمذاهب وليس من مصلحته تعميق هذه الفرقة في الجسد اليمني لأنه سيكون أول الضحايا وفي مقدمة المتضررين منها، خاصة وأن الإصلاح يحرص على الظهور كحزب مدني أكثر انفتاحاً على الآخر، وأقل تعصباً بين التيارات الدينية.
ولذلك يلجأ تحالف السعودية والإمارات إلى الجناح السلفي الذي غذاه بجهاديي الجماعات المتطرفة بحسب تقارير غربية، وبإمكان قادته تنفيذ أي مهام للتحالف دون معارضة أو حتى تفكير ببعد سياسي أو حتى أيدلوجي.
المقالات الاقدم:
- عن إدارة هادي الكارثية للبلاد - 2019/02/05
- البركاني ودويد.. عنف لفظي وجسدي في لقاء قيادات المؤتمر الشعبي العام بالقاهرة - 2019/02/05
- نجل قحطان يؤكد صدور أمر بإطلاق سراح والده لكنه لا يعرف مصيره - 2019/02/05
- جاء برفقة غريفيث إلى صنعاء.. رئيس البعثة الدولية الجديد يصل إلى الحديدة - 2019/02/05
- مقترح حوثي بإطلاق 400 أسير .. وحكومة هادي تتمسك بجميع الأسرى - 2019/02/05
أحدث المقالات - من جميع الأقسام:
- قوات صنعاء تعلن رسميا حظر عبور السفن الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي - 2025/03/11
- "حماس" تعلن بدء جولة جديدة من مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة - 2025/03/11
- قتلى وجرحى في اشتباكات مسلحة بحضرموت - 2025/03/11
- ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 48,503 شهيدًا - 2025/03/11
- الاحتلال الإسرائيلي يواصل عدوانه على مدينة جنين الفلسطينية لليوم الـ50 - 2025/03/11
مقالات متفرقة:
- صحيفة أمريكية: سقوط مأرب ستكون «نكسة كبرى» للتحالف العربي والشرعية - 2021/10/03
- طارق صالح يتسبب بسقوط ضحايا في مهرجان فني بتعز - 2023/07/02
- السفير السعودي يتاجر في استيراد الوقود من إيران إلى اليمن عبر الإمارات - 2021/07/03
- قطر: مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة وصلت لمراحل نهائية - 2025/01/14
- ابن حبتور يوجّه بصرف سيارة لكزس مدرعة للوزراء "وثيقة" - 2017/03/13
المقالات الأكثر قراءة:
- منظمة الصحة العالمية : 10 آلاف قتيل و60 ألف جريح حصيلة حرب اليمن - 2018/12/10 - قرأ 127117 مرُة
- اليمن .. معركة جديدة بين قوات هادي والحراك الجنوبي في شبوة - 2019/01/09 - قرأ 26806 مرُة
- غريفيث لمجلس الأمن: هناك تقدماً في تنفيذ اتفاق استوكهولم رغم الصعوبات - 2019/01/09 - قرأ 26098 مرُة
- تبادل عشرات الأسرى بين إحدى فصائل المقاومة اليمنية والحوثيين في تعز - 2016/06/01 - قرأ 20467 مرُة
- المغرب يكشف عن "تغير"مشاركته في التحالف - 2019/01/24 - قرأ 17775 مرُة