drawas

454x140

المبعوث الأممي إلى اليمن .. عامٌ من النجاح الفاشل

grefith02اليقين أونلاين - تقرير خاص

أنهى مارتن غريفيث عامه الأول كمبعوث أممي إلى اليمن، لكن وخلافا لسيرته الذاتية الحافلة بالإنجازات، يبدو مشواره في اليمن هذه المرة محبطا مع أنه بذل أكثر من غيره جهودا في سبيل استقامة طريقه.

غريفيث الذي حقق أعلى معدل في حركة تنقلاته على متن الطائرة الأممية في جولاته الهادفة لتهدئة التوتر بين الأطراف اليمنية، اكتفى مؤخرا بتكثيف اتصالاته مع الأطراف بحسب ما ذكره ناطق الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجريك، وهذا مؤشر على أن غريفيث الذي يفضل التواصل وجها لوجه قد أصبح محبطا جدا ناهيك بأنه يواجه تهديدا مصيريا بعد تصريح عضو وفد الحوثيين للمفاوضات عبدالملك العجري عن نيتهم الانسحاب من اتفاق السويد، إضافة إلى اتهامه من قبل مسؤولين في حكومة هادي بالغير نزيه.

في فبراير من العام 2018 تم تعيين غريفيث مبعوثاً إلى اليمن كثالث مبعوث يباشر مهامه في مارس من نفس العام، وخلافا لولد الشيخ وجمال بن عمر اللذان فشلا في أكثر من جولة مفاوضات، بدأ غريفيث أكثر تفاؤلا بالتحضير لجولة جديدة من المفاوضات كانت مرتقبة في ذات العام بجنيف لكنها تعثرت لأسباب وصفها بـ"لوجستية" في اتهام صريح للتحالف الذي منع وصول وفد صنعاء إلى المفاوضات بينما كان وفد هادي قد سبقه بأيام.

لم يكتفِ غريفيث بجنيف، فحشد المزيد من الدعم الدولي لينجح أخيراً في جر الأطراف اليمنية إلى السويد حيث انطلقت مفاوضات في ديسمبر الماضي توجت بإعلان الأمم المتحدة اتفاق حول الحديدة والأسرى ومطار صنعاء وتعز، لكن جميع تلك الملفات لم يتم تنفيذ أي منها حتى الآن، فالحديدة ما تزال تشهد تصعيداً عسكرياً ينذر بتفجر الأوضاع وهي التي توقع غريفيث نفسه أن يحدث من خلالها اختراق لجدار الأزمة لاسيما بعد تغييره رئيس البعثة الدولية السابق في محاولة لإرضاء الأطراف، وحتى في ملف الأسرى لم يحرز أي تقدم يذكر، رغم الإعلان عن اتفاقات متكررة في 4 جولات شهدتها الأردن على مدى الأسابيع الماضية ووحدها صفقة الجندي السعودي موسى عواجي والسبعة حوثيين من استطاع غريفيث إبرامها عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بينما لا يزال ملفي تعز ومطار صنعاء عالقين.

لا أحد ينكر جهود غريفيث فهو الذي ما فتئ يتنقل بين صنعاء والرياض ومسقط وعمّان وغيرها من العواصم، لكن هذه الرحلات المكوكية باتت توصف إعلاميا بالروتينية لا أكثر، فرغم ما يعلنه غريفيث من اتفاقيات "سرية" إلا أنها لا تجد لها صدى على أرض الواقع، فالمعارك على الأرض ما تزال محتدمة والوضع قابل للانفجار الأكبر وباعتراف غريفيث ومن خلفه وزير الخارجية البريطاني الذي نفذ بنفسه جولة في المنطقة الأسبوع الماضي محاولا دفع اتفاق السويد إلى الأمام.

غريفيث الذي حاول الأربعاء الضغط على حكومة هادي لمزيدٍ من التنازلات قال خلال لقائه نائب الرئيس، علي محسن، بأن فرص السلام تتضاءل في اليمن وأن هذه الجولة آخر فرصة للأطراف اليمنية، لكن غريفيث الذي نجح في وقت سابق بالضغط عبر التحالف على حكومة هادي للقبول باتفاق السويد، فشل في عقد جولة جديدة من المفاوضات والتي كانت مقررة في شهر يناير الماضي، وتم تأجيلها إلى نهاية فبراير، ثم إلى نهاية مارس الجاري، وربما إلى الشهر القادم لتغدو كذبة إبريل!

لقد استخدم غريفيث كل الوسائل المتاحة له وأحرق كل أوراق الضغط التي كانت بيده، وأبرزها مجلس الأمن الذي عقد أكثر جلسات حول اليمن في عهد غريفيث، غير أن الأطراف اليمنية كانت أكثر مكرا في تعاملها مع مجلس الأمن، حيث كانت تعلن موافقتها على خطة غريفيث قبيل كل جلسة لمجلس الأمن ثم تتحلل من موافقتها عقب انتهائها.

كما أخفق غريفيث في استخدام ورقته الثانية المتمثلة في دولته بريطانيا التي تتولى مهمة "حاملة القلم" في الشأن اليمني في مجلس الأمن.

حيث أراد غريفيث الاستعانة بوزير الخارجية البريطاني لإنقاذ اتفاق السويد، غير أن الوزير الذي هرع إلى زيارة المنطقة لم يفلح في أداء مهمته، بل زاد الطين بلّة، ويكاد ينطبق عليه المثل القائل "جاء يكحلها فأعماها"! حيث أغضب جميع الأطراف بتصريحاته المستفزة، والتي اعتبرها ناطق جماعة الحوثي محمد عبدالسلام، بأنها تعكس توجهات مارتن غريفيث، واصفا إياه بأنه "مبعوث الإنجليز".

فيما أعلنت حكومة هادي رفضها لتصريحات وزير الخارجية البريطاني، ولم تكتف بذلك بل شاركت في الرسالة التي بعثتها الإمارات والسعودية إلى مجلس الأمن اليوم الأربعاء تطالب فيها بتسمية المعرقل ومعاقبته في إشارة إلى أن غريفيث عاجز عن تحديد الجهة المعرقلة.

لم تعد دروب غريفيث سالكة، بل بات يسير في نفق ضئيل الأفق، وأبرز نجاح له هو توحيد المتحاربين ضده وضد بلاده بريطانيا؛ فالأطراف اليمنية التي لم تتفق خلال 4 سنوات من الحرب اتفقت لأول مرة على رفض مقترح بريطانيا بتسليم الحديدة لجهة محايدة، حتى مساعيه للهروب نحو جولة مفاوضات سياسية تبدو ضئيلة جدا في ظل تعنت الأطراف؛ فحكومة هادي تتمسك بتنفيذ اتفاق السويد أولا، بينما الحوثيون يرون المفاوضات السياسية أقرب للحل من الميدانية.

كاريكاتير