أخيرا وبعد أسبوع من المفاوضات الصعبة، يبدأ الرعاة الدوليين للسلام في اليمن، اليوم الجمعة، بأهم الخطوات على الأرض، لكن رغم ذلك لا يزال غالبية اليمنيين غير مصدقين للأمر بما فيهم طرفي الصراع اللذان أعلنا التزامهما أخلاقيا بتنفيذ بنود الاتفاق دون التوقيع عليه وسط تقليل متصاعد في أوساطهم من أهميته بعد ما وصفه وزير الخارجية في حكومة هادي ب"الافتراضي".
منذ الخميس الماضي، شهدت السويد مخاضا عسيرا للمفاوضات بين الأطراف اليمنية، وبرز ملف الحديدة الأصعب فيها كما وصفه الأمين العام للأمم المتحدة الذي قدم بنفسه رفقة سفراء الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن لحزم الخلاف في هذا الملف، الذي يشكل أهمية مفصلية في تاريخ الصراع الممتد لأربع سنوات، وقد حققت الضغوط الدولية نجاحا بإجبار الطرفين على التوصل إلى اتفاق يقضي بتسليم المدينة ومينائها لطرف ثالث يتحدث كل طرف محلي عن سلطة معينة، فحكومة هادي تشير إلى ضرورة تسليمهما لسلطة ما قبل 2014 وتحت إشراف أممي، بينما يشترط الحوثيين على ضرورة إبقاء السلطة المحلية، مع أن الطرفان متفقان على الانسحاب من المدينة أكثر من 500 متر ، على أن تقوم لجنة مشتركة تقودها الأمم المتحدة بإعادة نشر تلك القوات.
وبغض النظر عن التفاصيل التي من المتوقع حسمها من قبل لجنة مشتركة تقودها الأمم المتحدة، توقع السفير السعودي في اليمن محمد آل جابر بأن تبدأ خطوت تنفيذ الاتفاق "المحسوم" اليوم بانسحاب تدريجي للمسلحين من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى خلال فترة لا تتجاوز الـ14 يوما يعقبه بأيام إنهاء كافة المظاهر المسلحة في المدينة.
هذا الاتفاق الذي لن يوقف المعارك في الجبهات الأخرى وباعتراف الأمين العام للأمم المتحدة بدأ كما لو أن المجتمع الدولي أراد جعل الحديدة شريان رئيسي لتغذية جبهات القتال لا أكثر وإنعاش الشعب اليمني الذي يعيش حالة مجاعة سريرية بحسب تقارير دولية، فالمعارك على الحدود وفي جبهات نهم ومأرب و تعز والبيضاء اشتد ضراوة بعد إعلان الاتفاق، فيما أعلنت قوات هادي إحباط هجوم بالستي على مأرب، تحدث ناطق قوات صنعاء عن أكثر من 18 غارة جوية على محافظات مختلفة أبرزها صعدة.
هذه المعارك تأتي وسط استمرار التحشيد العسكري من الطرفين مما يشير إلى أن المواجهات ستكون الأعنف خلال الأيام المقبلة على أمل تحقيق كل طرف لإنجاز ميداني يسمح له بالمناورة خلال مفاوضات الإطار السياسي والأمني المرتقب مناقشتها في يناير المقبل، وحتى ذلك الوقت يبقى الميدان سيد الموقف.
السلام والحرب وجهتان متناقضتان لكنهما متحدتان في اليمن، فرغم استمرار المعارك تشهد محافظات أخرى ترتيبات للسلام، فالتحالف يواصل تفكيك شبكاته العسكرية في المحافظات الجنوبية والشرقية وقد سحبت الإمارات معداتها من الحزام الأمني وأرسلت عناصره إلى اللواء الخامس حماية رئاسية، ومثلها النخبة في حضرموت التي تم مؤخرا ضمها إلى وزارة الدفاع بلقاء جمع وزير الدفاع في حكومة هادي بمحافظة حضرموت وقائد النخبة بعد مفاوضات صعبة احتضنتها الرياض وأبوظبي وانتهت بتوصية تقضي بتحويل مرتبات تلك العناصر التي كانت تسلم بالدرهم الإماراتي إلى وزارة دفاع هادي .
في عدن أيضا أقر التحالف خطة لمنع التجوال بالسلاح في شوارع المدينة التي تأوي فصائل مسلحة متعددة الولاء ومترامية التوجه، لكن وخلافا لما تشهده عدن وحضرموت تتحضر تعز والبيضاء للأسوأ، ففي البيضاء بدأ التحالف لتوه تشكيل حزام أمني، والأسوأ في تعز حيث عادت المليشيات على شكل كتائب أبو العباس وسط استمرار التوتر مع فصائل مسلحة أخرى تتهم الإمارات بتغذية الفوضى لفرض واقع جديد على المدينة.
بعيداً عن ترتيبات السياسيين والتحالف، لا تزال صدمة الاتفاق بعد 4 جولات مشاورات بارزة على المشهد في اليمن رغم التعامل التدريجي لعكسه في واقع الناس، حيث عمدت شركة النفط في صنعاء لتخفيض طفيف في أسعار الوقود على مضض ببيع الأسطوانة بـ7900 ريال مقارنة بنظائرها في المحافظات الأخرى والتي باتت تبيع الأسطوانة نفسها بنصف ذاك المبلغ بعد أن كان سعر الأسطوانة قبل الاتفاق يصل إلى 10 ألف ريال على كلا الجانبين.
المقالات الاقدم:
- مجلس الشيوخ الأمريكي يوجه توبيخا تاريخيا لترامب بشأن السعودية - 2018/12/14
- غوتيريش ينهي مفاوضات اليمن بالإعلان عن اتفاق بشأن الحديدة وتعز - 2018/12/13
- البيت الأبيض يصعّد ضد إيران ومجلس الشيوخ يصوت ضد السعودية - 2018/12/13
- بعد فشل اتفاق السويد بشأنها .. تحضيرات فاصلة في تعز - 2018/12/13
- شركة النفط بصنعاء تعلن عن تخفيض جديد في سعر مادتي البترول والديزل - 2018/12/12
أحدث المقالات - من جميع الأقسام:
- الاحتلال يعترف بمقتل وإصابة 6 جنود إسرائيليين في غزة - 2025/05/03
- العليمي يعين سالم بن بريك رئيسا للحكومة في عدن خلفا لأحمد بن مبارك - 2025/05/03
- 9 غارات أمريكية تستهدف محافظتي مأرب والحديدة - 2025/05/03
- صنعاء تعلن حظر صادرات النفط الأمريكي - 2025/05/03
- 40 منظمة حقوقية تطالب بوقف القمع الممنهج للصحفيين في اليمن - 2025/05/03
مقالات متفرقة:
- ضابط سعودي يهاجم قوات الشرعية ويتهمها بالإرهاب ويهددها بالقصف - 2022/01/01
- تصعيدات عسكرية متبادلة بين المنطقة العسكرية الأولى والمجلس الانتقالي بحضرموت - 2022/09/07
- مسلحون قبليون في حضرموت يسيطرون على مناطق الامتياز النفطي بالمحافظة - 2024/08/02
- استقالة قيادي بارز في المجلس الانتقالي بمحافظة أبين جنوب اليمن - 2021/08/08
- استمرار العدوان الأمريكي على صنعاء ومحافظات يمنية - 2025/03/31
المقالات الأكثر قراءة:
- منظمة الصحة العالمية : 10 آلاف قتيل و60 ألف جريح حصيلة حرب اليمن - 2018/12/10 - قرأ 127132 مرُة
- اليمن .. معركة جديدة بين قوات هادي والحراك الجنوبي في شبوة - 2019/01/09 - قرأ 26818 مرُة
- غريفيث لمجلس الأمن: هناك تقدماً في تنفيذ اتفاق استوكهولم رغم الصعوبات - 2019/01/09 - قرأ 26114 مرُة
- تبادل عشرات الأسرى بين إحدى فصائل المقاومة اليمنية والحوثيين في تعز - 2016/06/01 - قرأ 20498 مرُة
- المغرب يكشف عن "تغير"مشاركته في التحالف - 2019/01/24 - قرأ 17787 مرُة