اليقين أونلاين - تقرير خاص
يتقدم الحوثيون بشكل متسارع جنوبا، وعينهم على عدن، المدينة التي ظلت حجر الزاوية في المشهد اليمني برمته، لكن هل يتحقق هدف الحوثيين الذي أعلنه زعيمهم في مقابلته الأخيرة والمتمثل بطرد التحالف؟ أم أن التباينات في صفوف خصومهم والحسابات السياسية قد تقلب المعادلة؟
حتى الآن يواصل الحوثيون سلسلة انتصاراتهم في الضالع التي بدأت منذ أسابيع، فبعد مديريتي العود ومريس، أعلن ناطق قواتهم، يحيى سريع، السيطرة على مديرية الحشاء، في وقت تتحدث فيه مصادر محلية عن تحضيرات لفتح جبهات جديدة في المسيمير ويافع بمحافظة لحج، وعقبة ثرّة على تخوم لودر بمحافظة أبين إلى جانب الجبهات المتعددة في الضالع والبيضاء.
هذا الزخم القتالي واكبته العديد من التحولات السياسية والعسكرية في المشهد اليمني، أولها قرار هادي بتسليم المناطق الفاصلة بين دولتي الجنوب والشمال سابقاً للجماعات الانفصالية عبر تعيين عضو قيادة المجلس الانتقالي، هادي العولقي قائدا للواء 30 مدرع، الذي ادعى قائده السابق عبدالكريم الصيادي تأسيسه على حسابه الخاص، وتصعيد قادة الفصائل الانفصالية في معسكر الصدرين بالضالع من لهجتها العدائية تجاه الوحدات ذات الامتداد الشمالي أبرزها ما أورده طاهر العقلة - عضو قيادة الانتقالي - وقائد إحدى الكتائب الجنوبية في الصدرين بإعلانه الحرب بين الشمال والجنوب، مما دفع بالعديد من الوحدات الأخيرة الانضمام إلى صفوف الحوثيين أبرزها كتائب اللواء 30 مدرع.
كان مقاتلو الانتقالي يعتقدون بأن المعارك مع الحوثيين ستكون بمستوى المواجهات التي كانوا يخوضونها مع فصائل أخرى في عدن بسبب خلاف على أرضية هنا أو هناك، فحضر نائب رئيس الانتقالي هاني بن بريك إلى الخطوط المتقدمة لاستعراض قواته، لكن وقد تبينت الصورة أكثر مع فشل قواته بأول اختبار لها عاد للحديث مجددا عن خيانات الشماليين وفرك الشرعية.
لم تختر الشرعية، التي أذاقها الانتقالي المرّ في عدن، هذه المعركة، فحكومة هادي التي تحدث وزيرها للنقل صالح الجبواني عن تطلعهم لرؤية الحوثيين يؤدبون يافع والضالع، سارع وزير خارجيتها خالد اليماني إلى إعلان توقف الحرب من جهة حكومته وأنها الآن تراهن على السلام.
تدرك حكومة هادي بأن الانتقالي وقواته لن يصمدوا مطولا في وجه الحوثيين، فاختارت مبكرا بالانتقال إلى سيئون، وهي تراقب الآن المعركة ببرودة تامة، ومتهمة من قبل ناشطين بالتنسيق مع الحوثيين لإسقاط الضالع ويافع، مع أن نائب هادي، عبر عن تعاطفه بانتقاد الخيانات التي تحدث في الضالع.
بالنسبة للحوثيين قد يكون تأديب يافع والضالع أهم من اقتحام عدن، فالجماعة التي أعلن أكثر من قيادي فيها تفهمهم لمطالب الجنوبيين، باتت مؤخرا محل تحريض من قبل قادة الانتقالي أبرزهم عيدروس الزبيدي الذي ينتمي للضالع وهاني بن بريك ابن يافع، وهذا الأخير وعد بإرسال قواته لمساندة قبائل حجور وكذا العود، ناهيك عن مشاركتهم في الساحل الغربي، ولهذا فإن كسر شوكتهم قد يسقط عدن آليا.
كما أن الضغط الحوثي جنوبا قد يؤدي إلى سحب القوات الجنوبية في الساحل الغربي حيث تحشد الإمارات لتفجير الوضع عسكريا هناك، وفقاً لمراقبين، ومثلها الشرعية التي منعت مليشيات يافع والضالع رئيسها من دخول عدن وحكومتها لا تزال مهددة وجوديا مالم تنفذ الأجندة الإماراتية بحذافيرها ولو ظهر رئيس الوزراء بشخصية هزيلة يستلم شهادة تقدير من موظف إماراتي في عدن، فخلاصها لن يكون إلا بانكسار المليشيات المناوئة لها والتي تتخذها الإمارات كرمح في خاصرة الشرعية، لكن الأخطر في المعارك الأخيرة أنها باتت تتلقى ضوء أخضر من التحالف ذاته، يتجلى ذلك بغياب الطيران الذي كان يسند الحزام الأمني في أتفه الاشتباكات داخل عدن، وغيابه في الضالع يعكس رغبة السعودية والإمارات بدخول الحوثيين، فالسعودية التي تعرضت قواتها في سيئون مؤخرا لأكثر من 11 محاولة هجوم بطائرات مفخخة كما يقول ناطق التحالف تركي المالكي، يتهم الانتقالي بتدبيرها، قررت القضاء على مليشيات الانتقالي التي أجهضت خطط السعودية لعقد البرلمان في عدن والمكلا، ولو كان الثمن تسليم المدينة للحوثيين، فالرياض التواقة لتقليم أظافر أبوظبي تدفع نحو مسارين: سياسياً بالضغط على الانتقالي للانخراط في صفوف الشرعية، ناهيك عن مساعيها لتشكيل فريق جنوبي خارج الانتقالي للمشاركة في المفاوضات المقبلة، وعسكرياً بالضغط أيضاً باتجاه حلّ مليشيات الانتقالي أو ضمها إلى قوام قوات هادي وقد نجحت فعلا بتحضير عرض عسكري للنخبة في حضرموت تحت مظلة علم الجمهورية اليمنية، في حين ترى الإمارات في تقدم الحوثيين فرصة للانتقام من السعودية التي قطعت الطريق عليها للسيطرة على حقول النفط في شبوة واستأثرت بنفط سيئون.
ولعل هذا ما يفسر سقوط المناطق في إب والضالع في غضون أيام وبعضها خلال ساعات، رغم بقائها صامدة طيلة أربع سنوات.
وثمة من يرى أن ما يحدث في مناطق التماس المحاذية مع المحافظات الجنوبية، ليست مجرد معارك عسكرية ومواجهات قتالية بين طرفين، بقدر ما هي عملية ترسيم جديد للحدود الشطرية بين ماكان يعرف سابقاً باليمن الشمالي واليمن الجنوبي.
وفيما يرجع البعض سبب انتصارات الحوثيين إلى الصراع الإماراتي السعودي الذي لم يعد خفياً على أحد، يتحدث البعض الآخر عن اتفاق سعودي إماراتي لاستنزاف مقاتلي هذه المناطق الذين يدينون معظمهم بالولاء للشرعية أو لأحزاب إسلامية ترفض تقديم فروض الطاعة للتحالف وتحديداً للإمارات.
ومهما تكن أسباب انتصار هذا الطرف ودوافع انكسار الطرف الآخر، يبقى اليمنيون وحدهم من يدفعون الثمن، وحتى الأهالي في تلك المناطق باتوا أكثر وعياً باللعبة، يتجلى ذلك بمسارعة قبائل في إب والضالع والبيضاء وحتى لحج لعقد اتفاقيات مع الحوثيين تقوم على قاعدة "لا ضرر ولا ضرار".
المقالات الاقدم:
- استقرار أسعار النفط بالأسواق العالمية خلال تعاملات اليوم - 2019/04/24
- "تويتر" يكتسي حلة جديدة - 2019/04/24
- برلمان صنعاء يمنح المشاط رتبة المشير والأخير يوجه بصرف نصف راتب للموظفين - 2019/04/24
- عقبة تنتظر صلاح وماني أمام برشلونة - 2019/04/24
- أنباء عن تتويج فان ديك بجائزة أفضل لاعب في إنجلترا - 2019/04/24
أحدث المقالات - من جميع الأقسام:
- واشنطن تمدد بقاء حاملة الطائرات "ترومان" في البحر الأحمر لأسبوع آخر - 2025/05/02
- قوات صنعاء: إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي ثانٍ على حيفا المحتلة - 2025/05/02
- الأمم المتحدة تحذر من مجاعة وشيكة في اليمن - 2025/05/02
- 45 شهيدا جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي على غزة منذ فجر الجمعة - 2025/05/02
- صحة صنعاء: إصابة 3 مدنيين بغارة أمريكية على العاصمة - 2025/05/02
مقالات متفرقة:
- دراسة حديثة توصي بضرورة ارتداء الكمامات حتى في المنزل - 2020/05/30
- تظاهرة شعبية ضد قوات طارق صالح في المخا - 2024/11/02
- عدن .. محمود الصبيحي يلتقي عيدروس الزبيدي بدون علم الانفصال - 2023/04/29
- طيران التحالف يشن خمس غارات على جبل النهدين بصنعاء - 2022/02/03
- تعيين الجنرال الهندي "جوها" رئيساً لفريق المراقبين الدوليين في الحديدة - 2019/09/12
المقالات الأكثر قراءة:
- منظمة الصحة العالمية : 10 آلاف قتيل و60 ألف جريح حصيلة حرب اليمن - 2018/12/10 - قرأ 127132 مرُة
- اليمن .. معركة جديدة بين قوات هادي والحراك الجنوبي في شبوة - 2019/01/09 - قرأ 26818 مرُة
- غريفيث لمجلس الأمن: هناك تقدماً في تنفيذ اتفاق استوكهولم رغم الصعوبات - 2019/01/09 - قرأ 26114 مرُة
- تبادل عشرات الأسرى بين إحدى فصائل المقاومة اليمنية والحوثيين في تعز - 2016/06/01 - قرأ 20495 مرُة
- المغرب يكشف عن "تغير"مشاركته في التحالف - 2019/01/24 - قرأ 17787 مرُة