drawas

454x140 صوت واضح

تقاعد.. ولكن بعنصرية

noman al hakemتتملكني الحيرة من جراء تطبيق (قانون التقاعد) والذي يحدد أجلين للموظف هما: العمر الوظيفي (35) سنة.. والعمر الزمني (60) سنة، أحدهما أو كلاهما, لكننا نختار من التطبيق المزاجي لهذا القانون, وبخاصة علينا نحن هنا في (عدن) وكذا الجنوب أو المحافظات الجنوبية والشرقية على وجه الدقة.

وأنا عندما أكتب ذلك، إنما بالاستناد لخبرات سابقة كسبناها من النقابات والعمل الحزبي بعدن, وكنا نقسو على رفاقنا وزملائنا, بالقانون.. ولم يكن يمنح للموظف -أياً كانت مكانته الحزبية- إلا ما يستحقه بالقانون, ولو حدث أن تم مجاملة شخص ما -وهذا لم يحدث- كان يتم محاسبته في إطار العمل الحزبي والرقابي والعملي، ولهذا نجد أنفسنا اليوم قد ظلمنا كثيراً من خلال:

أ‌-       كنا نحتسب الخدمة بالمؤهل القديم بالنصف, كأن يتوظف أحدهم بالثانوية العامة ويحصل بعد سنين على مؤهل أعلى (دبلوم - بكالوريوس- ماجستير- دكتوراة).. كانت سنين الخدمة مثلاً للثانوية العامة تُقسم على اثنين ليؤخذ النصف ذاك ليُضم إلى المؤهل الجديد لغرض التقييم والترقّي.. إلخ.

ب‌-  الآن وبعد تطبيق استراتيجية الأجور (الكارثة) شطبت سنين الخدمة السابقة للمؤهل الجديد.. شطبت من التقييم والترقية والاستحقاق, لكنها محتسبة في سنين التقاعد.. تصوروا هذا الظلم يا أمة محمد!!

ج- تجد نفسك محال للمعاش بـ (35) سنة خدمة, مثلاً وقد استبعدت منك مثلاً أيضاً (10) سنوات هي خدمة للثانوية العامة، وتم إحالتك للتقاعد بالبكالوريوس. ولا ينظر لقدرتك على مواصلة العمل والقدرة على العطاء, على الأقل لتعويض تلك السنين الملغية من عمرك، وهي زهرة شبابك ورونقه.

د – يزداد الحنق والغبن والظلم والضيم عند إحالتك للتقاعد بمثل هذه الحالة أو غيرها سواء كانت السنين الملغية هي (2 أو 10 سنوات) وذلك عندما ترى أن شيوخاً قد تقاعدوا قبل سنين, وتم تعيينهم اليوم بمواقع قيادية, مثلاً في التربية.. هناك شباب يحق لهم أن يكونوا في موقع صنع القرار لمزايا عدة, لكن يقولون لك: هذا متجاوز الأجلين.. ولكنك لا تجد جواباً لسؤالك عن تعيين أناس قد تجاوزوا الأجلين بكثير, وهم في صور رثة!

لكن الحزبية المقيتة هي التي تحدد هذه المسارات اليوم، للأسف الشديد.

هـ - نعم للعمل وللكفاءات، لكن ليس بهكذا معايير, وينسى هؤلاء أن التقاعد نفسه لم يمنح لأصحابه حقوقهم منذ عام 2005م إلى اليوم في عدن، ويظل المربي محروم من البدلات والعلاوات والمزايا, حتى لو وصل إلى الرتبة (الأولى/ واحد).. فهناك عندنا مسميات (تربوي- إداري) في حين هي اللهجة العامية (سعيد الحاج/ والحاج سعيد) أقصد أن الحصة الدراسية تمر بسلسلة حلقات, ولن تكتمل بدون إحدى حلقات هذه السلسلة, لكنهم يجزئون التربية ويخربون التعليم والأجيال.

حقيقة نحن نستغرب لبقاء هذه القوانين المجحفة بحق الناس, وقد كنا في ظل نظام الاشتراكي وقبله المستعمر الأجنبي نحصل على حقوقنا بسهولة ويسر, وبحقانية منقطعة النظير, لكننا في عام 1990م تمت زحلقتنا بدرجات دنيا وبحذلقة شيطانية, ولم نكن نعِ ذلك أو نفكر فيه..

كان الهم هو الوحدة/ اللحمة.. يلعن أبوها مسميات، أوصلتنا اليوم إلى الدرك الأسفل من الحياة.. فهل هناك أفضع أيها السادة من أن يتم إقعادنا وتحجم مستحقاتنا ويدير شئوننا كهول, أكل الدهر عليهم وشرب؟!

إذاً لماذا يقاعدوننا هنا, ويبقون هم حتى الوفاة؟ أليس ذلك الواقع يعكس نوايا قذرة, تبيح لهم ما لا يباح, وتحرمنا من المتاح بالقانون ولا شيء سواه؟!

إنها النفوس الميتة.. وعلى وزارة التربية أن تتجنب الحزبية, وتبحث عن الكفاءات حتى لو كانوا من المهمشين!

بالمناسبة- صار أحد الأخوة المهمشين من عمال النظافة في عدن أيام زمان- صار مديراً لإدارة الإرشيف وكاتم الأسرار فيه والمؤتمن على ختم الوزارة (التربية) حتى عام 1990م, لأنه بالعلم والكفاح والعزيمة صار علماً نعتز به, وصار أبناؤه معلمون مرموقين.. وهكذا تكون الوطنية أيها البائسون المفلسون, فلا فروقات إلا بالعلم والكفاءات وإثبات الجدارة في صنع الجديد المفيد.. فالعلمُ يعُلي والجهل يُدني!

كاريكاتير