في خضم الأزمات المتتالية التي تعصف باليمن وفي وقت تحتاج فيه اليمن إلى لملمة شتاتها وترميم نسيجها الوطني، تخرج دعوات هنا وهناك تطالب بالانفصال أو إعلان حكم ذاتي!! وآخرها ما يُتداول حول سعي محافظة حضرموت اليمنية وقلبها النابض الكبير ؛ لإعلان شكل من أشكال الحكم الذاتي كدولة مستقلة.. ورغم إدراكنا العميق لحجم المعاناة التي يعيشها أبناء المحافظات جميعها، بمن فيهم أبناء العزيزة حضرموت؛ فإننا نؤمن أن المخرج ليس في التشظي، بل في الانتماء الجامع والحل ليس في التفكك، بل في الفدرالية العادلة.
فحضرموت بتاريخها العريق وحكمتها السياسية وثرائها الثقافي والاقتصادي ودورها الوطني في الاستقلال والوحدة ؛ ليست ولن تكون هامشاً في الوطن ..بل أحد وأهم أعمدته المتينة ولا يمكن لليمن أن يستقيم بلاها؛ كما لا يمكن لحضرموت أن تحقق ازدهاراً بعيداً عن محيطها الوطني والإقليمي.. إن أبناء حضرموت لطالما كانوا صوت العقل ورواد التنمية وشركاء في بناء اليمن لا دعاة للقطيعة والانفصال.
نقولها بوضوح:
إن تقسيم اليمن إلى كانتونات متناحرة أو دويلات صغيرة لن يجلب الأمن ولا التنمية؛ بل يعيدنا إلى دوامات صراع جديدة، ويترك الباب مفتوحاً أمام التدخلات الخارجية والعبث بمصير أجيال كاملة.
نحن بحاجة إلى مراجعة جادة ووقفة وطنية شجاعة، تفضي إلى تطبيق حقيقي لمشروع "اليمن الاتحادي"، لا كخريطة سياسية فحسب؛ بل كعقد اجتماعي جديد يضمن شراكة كل أبناء اليمن في السلطة والثروة على قاعدة العدالة والمساواة والحكم الرشيد؛ فالفدرالية ليست تفتيتاً، بقدر ماهو مشروعاً وطنياً يضمن توزيعاً عادلا للقرار والثروة وتمكيناً للمحليات في إدارة شؤونها بما يعزز من وحدة الدولة لا ينقضها.
ندعو من هذا المنبر كافة القوى السياسية والقيادات المحلية والشخصيات الوطنية في اليمن كلها وفي المقدمة الأعزاء في مؤتمر حضرموت الجامع ومجلس حضرموت الوطني ؛ أن تتحمّل أمام الأجيال مسؤولياتها الأخلاقية والتاريخية وتعمل على إيقاف هذا الانزلاق الخطير نحو التفتت.. ولتكن حضرموت – كعادتها – منارة للحكمة لا ساحة للتجاذبات.
ولنؤمن جميعاً بحقيقة لطالما أكدتها الأحداث التاريخية ؛ بأن مستقبل اليمن لن يُبنى إلا على أسس الشراكة الحقيقية والهوية الجامعة والعدالة الاجتماعية، وكلنا ثقة أن حضرموت وأبناءها سيكونون في طليعة هذا المشروع الوطني الكبير.
في هذا السياق لا يمكن إغفال الدور الذي تضطلع به دول الجوار وفي مقدمتها السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، كدول فاعلة في المشهد اليمني وصاحبة مصلحة حقيقية في استقرار المنطقة وأمنها الجماعي.
إننا نؤمن أن أمن اليمن هو امتداد لأمن الجزيرة والخليج، وأن الحل المستدام لا يكون إلا من خلال دعم دولة يمنية واحدة موحدة، آمنة ومستقرة.. تمتد سيادتها على كامل ترابها الوطني، وتستوعب جميع مكوناتها في إطار اتحادي عادل لا من خلال تشتيت الكيان اليمني أو تغذية النزعات الانفصالية التي لا تخدم سوى مشاريع الفوضى.
ولنعِ جميعاً في اليمن قبل غيرنا ودول الجوار بنفس القدر ؛ أن عدوى التفتيت لا تتوقف عند حدود اليمن وأن السماح بتكريس واقع الانقسام في اليمن .. من شأنه أن يخلق بيئة خصبة لتكاثر بؤر الصراع وبالتأكيد سيعيد تشكيل خارطة التهديدات بطريقة يصعب احتواؤها لاحقاً.
من هذا المنطلق.. نأمل أن يكون دعم الإخوة في دول الجوار مرتكزاً على وحدة اليمن وبناء مؤسساته الفدرالية القوية بعيداً عن الحسابات الآنية أو الاصطفافات الضيقة ؛ فالمصلحة الاستراتيجية الكبرى لا تتحقق إلا بوجود شريك يمني واحد، مستقر وقادر.
المقالات الاقدم:
- الطيران الأمريكي يستهدف مأرب والحديدة بأكثر من 15 غارة - 2025/04/14
- مجلس الأمن يعقد جلسة خاصة بشأن تطورات الأزمة في اليمن - 2025/04/14
- الإعلان عن اتفاق نووي بين السعودية والولايات المتحدة الأميركية - 2025/04/14
- ارتفاع ضحايا العدوان الأمريكي على صنعاء إلى 36 شهيدا وجريحا - 2025/04/14
- إسقاط طائرة أمريكية في أجواء محافظة حجة - 2025/04/14
أحدث المقالات - من جميع الأقسام:
مقالات متفرقة:
المقالات الأكثر قراءة:
- منظمة الصحة العالمية : 10 آلاف قتيل و60 ألف جريح حصيلة حرب اليمن - 2018/12/10 - قرأ 127131 مرُة
- اليمن .. معركة جديدة بين قوات هادي والحراك الجنوبي في شبوة - 2019/01/09 - قرأ 26818 مرُة
- غريفيث لمجلس الأمن: هناك تقدماً في تنفيذ اتفاق استوكهولم رغم الصعوبات - 2019/01/09 - قرأ 26111 مرُة
- تبادل عشرات الأسرى بين إحدى فصائل المقاومة اليمنية والحوثيين في تعز - 2016/06/01 - قرأ 20495 مرُة
- المغرب يكشف عن "تغير"مشاركته في التحالف - 2019/01/24 - قرأ 17784 مرُة