drawas

yemenmobile

لحظة يا زمن

ahmed othmanلحظة يا زمن قلة هم الذين يخاطبون الزمن ويتحدثون مع الأيام والدقائق بتأمل في محاولة لتوقيف الزمن لحظة واحدة على الاقل  ليرد الانسان أنفاسه ويتوقف عن الجري واللهث مع الزمن الشارد الذي لايتوقف ولايتعب  ولايرحم من معه  ولا يعمل اعتبارا لشىء مثل العاطفة  الحب والحزن والاحلام  وغريزة البقاء مثلا

بقى محمد المساح يصرخ بالزمن كل يوم (لحظة يازمن ) سنوات على صحيفة الثورة  مرددا دون توقف ان ( لحظة يازمن)

لو سمحت اسمعني شوية طيب ؟

ارحمني وتوقف لحظة اشم فيه انفاسك وارى حقيقة ملامحك شديدة الشرود  لكنه الزمن لايسمع احد ولايلتفت لتوسلات العاشقين ولا لتنهدات الأمهات

يمضي كالسيل هادرا سريعا آخذا معه كل من وجده أو سقط على طريقه،

(لحظة يازمن) لم يكن عنوانا لعمود صحفي  بقدر ماكان تكثيفا فلسفيا يحمل الكثير من المعاني

لم يجد المساح استجابة لا من الزمن لا من الناس حتى رفاقه لم يسمعوه ولم يفهموه  فهم في سباق دائم  مع الزمن يصارعون طواحين الهواء ويطحنهم الحنين المعلوم والمجهول   ويبنون قصورا من وهم كعادة الإنسان  الذي يعيش في غيبوبة حتى إذا ما مات انتبه،

حينها يتوقف به الزمن يركله  خارج الحياة اعني خارج دائرة الزمن المستمر في الجريان ويترك كل واحد وشطارته وعمله وادراكه  لسر الزمان ودورانه وسر الروح وانوارها   والموت والحياة والناء والبقاء   وحقائق  الخلود والزوال.

كان المساح وهو يصيح (لحظة يازمن) يهرب من الزمن الزائل  باحثا عن الخلود وتلك خاصية الانسان وتفرده

نزل المساح من العاصمة تاركا عموده في الثورة لينهي صراخه اليومي  للزمن بعد أن تأكد أن رياح الزمن تمشي عكس ما تشتهي  سفن الخلود.

فخرج ليعيش في قريته راعيا للاغنام مزارعا في الأهواب وللعلم الرجل لم يتغير في شكله وطباعه فقد كان ذلك القروي الذي يمسك قلما في كبرى صحف العاصمة  ليطارد الزمن  راجيا منه تحقيق طلبا واحدا ؟  أن يقف لحظة ليسأله سؤالا  ما أو يتمعن و(يبهرر) في وجهه الطائر لعله يجد اجابة دون جدوى

وفي مساحة (لحظة يازمن) شربنا القهوة ونحن نسمع بشغف صوت ( جارة الوادي) وتعلم الكثير بعض فنون الكتابة والسرد القصير والالغاز الرشيقة تعلوها نكهة الحزن والحيرة الذي يلف وجه الزمن والإنسان

رحل محمد المساح كما هو

قروي بسيط دون بهرجة أو ضجيج لكنه كان يحمل قلما شديد التأمل

مات المساح بجانب غنماته  قريبا من بقرة الجيران وبجانب شجرة السدر والحنى ونباتات الخوعة والضومر  وفاجي السوم.

مات وكل حي يموت

(وكل ما هو آت آت و كل غائب عائد وكل حي ميت )

رحم الله محمد المساح الذي طارد الزمن كي يقف لحظة فلم يفعل لكنه هو من فارق الزمن ليذهب إلى حياة لا جريان فيها للايام ولا شرودا للزمن ولا دقائق تلهث نحو الزوال.

حيث يفنى الفناء ويموت الزوال

رحل إلى دار البقاء حيث  وجه الله ورحمته التي وسعت كل شيء

كاريكاتير