drawas

454x140 صوت واضح

القيادات الجبرية في الجامعات الحكومية!!

abdulmlek al thoraiالجامعات الحكومية في الجمهورية اليمنية هي المعنية برفد خطط وبرامج التنمية بالكوادر المؤهلة من حملة الشهادات الجامعية والعليا، وبناء على جودة التعليم الجامعي نصل إلى مخرجات نوعية تساعد على تحقيق الأهداف التنموية المرجوة، وعكس ذلك تماماً كلما كانت العملية التعليمية في الجامعات لا تتوافق مع الحد الأدنى لجودة التعليم العالي قد تتحول مخرجاتها إلى انتكاسة تنموية.

منذ عقد تقريباً وأعضاء هيئة التدريس والطلاب في عدد من الجامعات اليمنية ومنها جامعة صنعاء يخرجون في مسيرات واحتجاجات جزء من أهدافها تصحيح مسار العملية التعليمية التي تشهد انحسارا مستمراً نتيجة حالة الفساد المستشري فيها منذ عقود، وقد نجم عن تلك الاحتجاجات تغيير بعض رؤساء الجامعات وكان نصيب جامعة صنعاء تغيير ثلاثة من رؤساء الجامعة، ولكن ما يلاحظ أن جميع التغييرات لم تؤدي إلى أي تحسن في مسار العملية الأكاديمية والإدارية، فما زالت التجاوزات القانونية تسير على نفس الوتيرة وكأن للجامعة قيادات ثابتة مخفية لا تتغير وقيادات ظاهرة يتم تغييرها بين الحين والآخر، والدليل على القيادة الجبرية الثابتة  استمرار بعض المشكلات المزمنة ومنها:

$11-      التعيينات الأكاديمية: ينص قانون الجامعات اليمنية على (ويحضر التعيين مطلقاً خارج إطار الإعلان والمفاضلة) ومشكلة التعيينات بدون إعلان ومفاضلة لا زالت قائمة حتى الآن ولمعرفة ذلك يمكن بسهولة لذوي الشأن مراجعة مئات الفتاوى الصادرة عن الخدمة المدنية لتعيينات أكاديمية، وعند مقارنتها بعشرات الدرجات المعلن عنها سنجد أن من يعينوا دون إعلان ومفاضلة أضعاف من يعينوا بإعلان ومفاضلة وتلك المخالفة بينة ومن السهل اكتشافها، الغريب في الموضوع ومن خلال المقابلات مع رؤساء جامعة صنعاء المتعاقبين مثلاً أنهم يصرون على أنهم ينفذون القانون في التعيينات الأكاديمية ولا توجد مخالفات. إذاً من الذي يصدر قرارات التعيين؟ ومن الذي بيده مقاليد إدارة الجامعة؟ ومن الذي يحافظ باستماتة على المخالفات القانونية؟ دون شك أنها قيادة جبرية خفية مهمتها الحفاظ على الفساد الأكاديمي بصورة تذهل المتابعين لمسار العملية التعليمية في جامعة صنعاء، وخاصة أن هذا القضية أثيرت خلال إضراب أعضاء هيئة التدريس منذ سنوات والتزم كتابياً رئيس الجامعة حينها الدكتور خالد طميم بوقف التعيينات المخالفة وإعادة النظر فيما سبق من تعيينات ولمدة أربع سنوات تبدأ من 2006م. وللأسف لا روجع  ما سبق ولا توقف ما لحق حتى الآن!!!!

$12-             مشكلات الطلاب: لقد أشعل طلاب جامعة صنعاء فتيل الثورة الشبابية الشعبية السلمية من بوابة رئاسة الجامعة، وكانت تلك البداية نتيجة مشكلات للطلاب مع رئاسة الجامعة، ومن المؤسف أن احتجاجات الطلاب لم تتوقف، بل تطورت حد محاصرة مجلس الجامعة لعدة مرات، ماهي قصة الطلاب؟ وهل هم دائماً على باطل أم لهم بعض الحقوق؟ هناك عدة مشكلات تعانيها الجامعة تؤدي إلى شعور الطالب بعدم الانتماء لمؤسسته الأكاديمية، وعلى الرغم من المشكلات العديد خلال سنوات الدراسة مثل محدودية التجهيزات المعملية وغياب شبه كلي للأنشطة الرياضية والفنية وتعقيد معاملات الطلاب خلال الترفيعات أو التخرج حتى أن الطالب يقضي أحياناً أكثر من عام لمتابعة إجراءات التخرج في بعض الكليات بالإضافة إلى مشكلات عديدة تؤدي إلى تراجع قيم العلاقة الإيجابية بين قيادة الجامعة وطلابها، وبصورة عامة تعد أبرز المخالفات القانونية والدستورية ما يتعلق بأنظمة القبول والتسجيل، وعلى وجه الخصوص عملية المفاضلة، حيث يمكن ببساطة معرفة تلك المخالفة من خلال الوثائق المعنية بإجراءات القبول فعلى سبيل المثال أعلنت المفاضلة في الكليات العلمية الرئيسية الطب والهندسة بجامعة صنعاء بلغ عدد المتقدمين حوالي (10ألف طالب وطالبة) وبرسوم تصل إلى (2000ريال) لكل طالب وطالبة، تلك العملية أفرغت من محتواها وكما هي العادة ومنذ سنوات نتيجة اختراقات للقيادة الجبرية الخفية حيث يصل عدد الطلاب الآن في قاعات الدراسة إلى أضعاف من أعلنوا  في نتائج المفاضلة ، كيف سيكون شعور الطالب الذي اعتقد بنظافة عملية القبول وعاد إلى منزله على الرغم من أن ما يفصله عن آخر المقبولين رتبة واحدة، ويكتشف فجأة أن زميل له اختبر بجواره جاء ترتيبه بالآلاف ورسب في اختبارات المفاضلة وأصبح في مقاعد الدراسة، أترك للقارئ تخيل حال الطالب المتميز وحجم الجرم المرتكب ضده من قبل أرقى المؤسسات العلمية، تلك المخالفة تفرغ عملية القبول من محتواها وتحول الجامعة إلى إدارة جباية للأموال باسم المفاضلة.

  إن الإشكاليات التي تعاني منها الجامعات الحكومية ومنها جامعة صنعاء عديدة وما نكتبه منذ سنوات ليس ضد أحد، بل محاولة لإنقاذ الجامعات من الانهيار الكامل يوما ما، فما يحدث من تآكل للعملية العلمية منذ سنوات سيؤدي لكارثة أكاديمية لا يحمد عقباها.

  أخيراً ما نتمناه لجامعاتنا أن تكون رائدة بين مؤسسات الدولة كونها مؤسسات علمية وفيها النخبة العلمية في المجتمع، من المعيب أن تستمر المخالفات وخاصة البيّنة منها، من حق الحاصلين على شهادات عليا الالتحاق بالتدريس بالجامعات، ولكن وفق ضوابط قانونية تجسد العدالة بين كل المتقدمين، ومن حق الطلاب المتميزين الالتحاق بالكليات العلمية ففيهم نرى مستقبل الوطن، فهم أولى بالمقاعد التي يحتلها الآن من فشلوا بجوارهم في اختبارات المفاضلة. 

كاريكاتير