كما هو معروف بأن العصيد التي تتكون من خلطة الدقيق والماء تعتبر وجبة رئيسية في المطبخ اليمني، كما أنها أيضاً من وجبات بعض الشعوب العربية منها لبنان ومعظم شعوب أمريكا اللاتينية كالمكسيك، إلا أنها لدى كل الشعوب الغير يمنية تُطبخ وتقدم وتؤكل بطريقة مختلفة عنها في اليمن، بأسلوب فيه نوع من الذوق والرقي والكياسة والأناقة واللياقة بحيث تكون مقبولة وصائغة ولذيدة لمعظم شرائح هذه المجتمعات.
وكما تنسجم طباخة العصيد وتقديمها وأكلها مع طبيعة المجتمع الذي يُقبل عليها، تنسجم أيضاً طريقة تعاطيه في السياسة بنفس القدر الذي يتعاطى به مع العصيد؛ فعندما يتطرق أي باحث في الشأن السياسي لأي دولة من الدول في العالم نجده يشرح الوضع السياسي بإسهاب دقيق ومرتب وموزع ومقسم وواضح فيهضم الموضوع بسهولة ويسر، بنفس الطريقة بالضبط التي يتم بها تقديم العصيد في المجتمعات الغير يمنية. وفي المقابل يصعب على أي باحث متخصص في الشأن اليمني أن يقدم تقييماً واضحاً وواعياً للوضع السياسي القائم في اليمن مما يسبب عُسر في الفهم لأي متلقي، فضلاً عن المثقف الغير متخصص بالشأن اليمني نجدهم جميعاً يفرون من التعاطي في الأحداث اليمنية إلا بما قد يكون تلميحاً. أما إذا حاول الغوص في التفاصيل فإنه يضيع في أحراشها ويخرج هو والمتلقي بأمراض قولونية في الدماغ.
السبب وراء هذا الجهل العالمي عن حقائق الشأن اليمني هو الطريقة التي يتناول بها عصد قضايانا الوطنية من قبل كبار العصادة المحليين لدرجة أن كثير من الدول تمدد لسفرائها في اليمن أطول من فتراتهم المعتمدة لأنه مجرد أن يبدأ السفير فهم ما يحدث من كثرة العصيد تكون فترته التي قضاها في اليمن قد انتهت مما يضطر دولته للتجديد له أفضل من ابتعاث سفير جديد ليبدأ الدرس من أوله.
أعتقدت الدول الخليجية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة بأنها قد أتت بالذئب من ذيله ووضعته في جيبها عندما فرضت المبادرة الخليجية على اليمن وآلياتها المزمنة ومؤتمر حوارها الشامل وأعتبرته ابتكاراً فريداً وأنموذجاً يحتذى به سيتم تطبيقه على بقية دول الربيع العربي دون أن تستوعب طريقة الخلطة التي يعصد بها اليمنيون وجبتهم الرئيسية حتى لا يقومون بعصد مبادرتهم الخليجية وآلياتهم وابتكاراتهم الإقليمية والدولية كما يحدث الآن في مجمل الساحة اليمنية.
اليمنيون أهل العصيد وأهلٌ للعصيد في أي زمان ومكان ومن أي نوع اجتماعي أو ثقافي أو سياسي أو غيره.. كل شيء عندهم يعتبر عصيد. ما يحدث الآن في أروقة مؤتمر الحوار إنما هو تجسيد لقدراتنا نحن اليمنيين على تمتين وترقيق العصيد، وما يحدث في كل أنحاء اليمن من فوضى عصيدية، ماهي إلا أجزاء متناثرة ترتبط جميعها إرتباطأً عضوياً وموضوعياً بالعصدة الرئيسية في موفنبيك صنعاء وذلك حرصاً على أن تكون مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل معصودة بطريقة تتناسب وتتلاءم مع الشهية اليمنية لوجبة العصيد اللذيذة بالطريقة اليمنية.
المقالات الاقدم:
- الفترة الانتقالية.. منذ سبتمبر1962م وحتى اليوم - 2013/11/18
- صورة لحسين الأحمر في كتاف تثير جدلاً واسعاَ.. وأنباء عن وصول شقيقه صادق الى الرياض بشكل سري - 2013/11/17
- جلسة سرية لمحاكمة الفتاة السعودية التي فرت إلى اليمن (تفاصيل) - 2013/11/17
- رونالدو يغيب عن حفل الكرة الذهبية احتجاجا على الانحياز لميسي وريبيري - 2013/11/17
- 23 نوفمبر انطلاق بطولة الرئيس الدولية للشطرنج بصنعاء - 2013/11/17
أحدث المقالات - من جميع الأقسام:
مقالات متفرقة:
المقالات الأكثر قراءة:
- منظمة الصحة العالمية : 10 آلاف قتيل و60 ألف جريح حصيلة حرب اليمن - 2018/12/10 - قرأ 127117 مرُة
- اليمن .. معركة جديدة بين قوات هادي والحراك الجنوبي في شبوة - 2019/01/09 - قرأ 26806 مرُة
- غريفيث لمجلس الأمن: هناك تقدماً في تنفيذ اتفاق استوكهولم رغم الصعوبات - 2019/01/09 - قرأ 26098 مرُة
- تبادل عشرات الأسرى بين إحدى فصائل المقاومة اليمنية والحوثيين في تعز - 2016/06/01 - قرأ 20467 مرُة
- المغرب يكشف عن "تغير"مشاركته في التحالف - 2019/01/24 - قرأ 17775 مرُة