drawas

454x140 صوت واضح

• الحوار.. حوار العافية

abdullah muslehلا أحد يستطيع إنكار الجهود الكبيرة التي بذلها أعضاء مؤتمر الحوار الوطني طيلة الفترة الماضية، وليس من المنطق والعدل إغفال (1600) مُخرجاً توافق أعضاء مؤتمر الحوار بمختلف تشكيلاته.. لا يمكن لأحد مهما بلغت عجرفته أن يجاهر برفضه للحوار من حيث المبدأ، نظراً لأهميته في ظل ظروف كهذه التي تعيشها بلادنا..

ليس ثمة من يقلل من الخطوات التي قطعها مؤتمر الحوار الوطني رغم وعورة الطريق وتعملق العوائق وتكاثر التحديات كلما اقترب المتحاورون من خط النهاية..

ومن الإجحاف والحيف وصف مؤتمر الحوار بالسوء المطلق، لكنه بالمقابل أيضاً لم يكن نجاحه بالقدر المأمول لدى غالبية الشعب اليمني.. ولم يحقق الكثير من الطموحات التي يصبو إليها الجميع.

كما أنه لم يخلُ من إبرام الصفقات الثنائية والجماعية وعقد لقاءات خلف الكواليس، وتوقيع اتفاقيات سرية باهضة لاستقطاب شخصيات جنوبية إلى مؤتمر الحوار. ومن كانت بداياته خاطئة فغالباً ما تأتي النتائج ملطخة بالخطيئة!

البعض دخل مؤتمر الحوار من أجل الغنائم.. والبعض من أجل تغطية جرائمهم التخريبية، وآخرون دخلوا الحوار بهدف إفشاله منذ البداية.. وقليلون هم أولئك الذين جاؤوا إلى الحوار من أجل إنقاذ وطن على حافة الهاوية!!

من السذاجة الانتظار من الرئيس السابق مساندة الحوار.. من الفشل الذريع الركون على قيادات عتيقة ومتخشبة في إقناع أبناء الجنوب باحترام نتائج الحوار.. من البلاهة تصديق مليشيات مسلحة بأنها ستتعامل بإيجابية مع مؤتمر حوار قد يفضي إلى دولة مدنية حديثة!!

من الكذب الواضح اتهام رئاسة الحوار بتقسيم اليمن؛ لأن الرئيس سيغدو الخاسر الأكبر.. ومن التضليل القول بأن مؤتمر الحوار نجح نجاحاً باهراً في القضاء على كافة مشاكل البلاد.

من الخطأ القول أن الفيدرالية حل ناجع لبلادنا.. ومن الأكثر خطأ رفض الفيدرالية كحلٍ متاح في الوقت الراهن!

لكن بالمحصلة فإن مسألة الرضى والسخط تجاه مؤتمر الحوار تعتمد على مدى انسجام مخرجاته مع مصالح هذا الطرف أو ذاك؛ فمن كان مستفيداً من الحوار فسوف يتعامل معه بإشادة بالغة إلى حد القداسة والثوابت والخطوط الحمر! ومن كان متضرراً من مخرجات مؤتمر الحوار فلا شك أنه سيلجأ إلى القدح في الحوار ورميه بأقذع الاتهامات والشكوك اللا متناهية!!

يعني باختصار لا علاقة للوطن والوطنية والمواطنة برفض هذا للحوار أو قبول ذاك له!! وإذا لم ينجح الحوار هذه المرة بالشكل المطلوب فقد يتحقق هذا في حوارات قادمة.. وما زلنا في بداية المشوار، والذي لم يعجبه هذا الحوار فقد تعجبه الحوارات القادمة. المهم عدم التفكير في غير الحوار مهما كانت نتائجه وعوراته.. وكما يقال فإن الحوار حوار العافية!!

وفي النهاية فإن مخرجات مؤتمر الحوار مهما كانت مثالية ورائعة سوف تبقى مجرد حبر على ورق ما لم يتم تنفيذها على أرض الواقع. مع التأكيد أن مرحلة ما بعد نجاح مؤتمر الحوار الوطني ستكون أفضل بكثير من المراحل السابقة، لكن هذا لا يعني الوصول إلى قمة النجاح وإنما هي الخطوة الأولى –ربما- في الطريق الصحيح.

كاريكاتير