drawas

454x140 صوت واضح

ترهيب الإخوان وأخونة الإرهاب!

أبو شامليبدو أن عقدة المؤامرة لا زالت حلقاتها مستحكمة عند الكثير من القوى الليبرالية والعلمانية أو ما يسمى زوراً بـ(القوى المدنية) وهى الهاجس الوحيد، والمرض الأكيد، الذى يصعب على أي باحث منصف أن يحلل نفسية هؤلاء، الذين قتلوا فينا أعظم حق عرفته الدنيا، ألا وهو (حق الحياة) ولا زالوا حتى هذه اللحظة، يكتبون ويحللون، لكن فى اتجاه، لا أقول إقصاء فصيل، بل إبادة فصيل، وإن كان بحجم (الإخوان المسلمين)..

أحد هؤلاء الذين أُركسوا في حمأة الجهل والتعصب وخرجوا عن إطار الموضوعية والإنصاف، وتماهى تماماً مع تيارالانقلاب الدموي الفاشى العنصري في مصر, هو المدعو/عبدالباسط الحبيشى، فقد كتب مقالاً في صحيفة (اليقين) الغراء، العدد(145) بعنوان (مصر واليمن.. مقاربات ومفارقات) وكان فعلاً شبه متقارب مع ما يروّج له قادة الانقلاب الدموي وأبواقه فى مصر وخارجها. تحدث الكاتب عن الدور الخارجي فى ابتكار وسائل جديدة، حتى بما فيها الوسائل الإرهابية لتطويع هذه الدول وتركيعها.. وهذا صحيح؛ فعندما فازت جماعة (الإخوان) وحزبها السياسي (الحرية والعدالة) بالوسائل المتعارف عليها دولياً، فى عملية انتخابية شهد لها العدو قبل الصديق بالحيادية والنزاهة، بعد ذلك خرجت علينا قوى التخلف والرجعية بتحالف ضم بقايا علوج مبارك، وعجائزالليبرالية والعلمانية، وبعض الخاسرين فى الانتخابات الرئاسية, وشكلوا ما يسمى بـ(جبهة الإنقاذ الوطنى) وهي في الحقيقة "جبهة إنقاذ الحزب الوطني"! ولإكمال المخطط، بحسب الحبيشى فقد خرج من رحم هذه الجبهة حركات عنف سياسي كـ(البلاك بلوك، وتمرد، وأنصار بيت المقدس وغيرها) وكان جلّ هذه الحركات قد صنعت على عين المجلس العسكري وأشرفت عليها المخابرات.. وهذا ليس بخافٍ على باحث منصف، كان آخرها تبني أنصار بيت المقدس ترشيح السيسي للرئاسة، ومثله الآن يعتمل في تونس واليمن, والمخرج واحد اسمه (الثورة المضادة)! ثم ينتقل الكاتب إلى الفاعلين الحقيقيين (الطابور الخامس) المتعاونين مع أعداء الاستقلال الوطني والاختيارالشعبى! لقد تماهى الكاتب –بقصد أو بدون قصد- مع هذا الطابور وبدأ بنشر سمومهم، ووضع حاجز للفصل بين الشعب واختياراته، وكأنه يحاكي -هو وأبواق الانقلاب- ما كان يعتمل أيام الفصل العنصري فى جنوب أفريقيا؛ فهو مثلاً يقول: فإن مصر واليمن تواجهان خصماً واحداً مشتركاً اسمه (الإخوان المسلمين)!!

ثم قام باستخدام ألفاظ وقواميس الانقلابيين وأذنابهم، كالإرهابيين.. العصابة..! وكأن قادة الكيان الصهيوني، ومتطرفي الغرب المسيحي، وكهنة السيسي، وعبدالباسط الحبيشي, خرجوا من مشكاة واحدة!! ولو رجع الكاتب إلى تصريحات هؤلاء المجرمين لأدرك خطورة ما يقول. هذا الخصم السياسي فاز في خمسة استحقاقات انتخابية حرة ونزيهة لم تحدث منذ أيام الفراعنة.. هذه التجربة الرائعة والمبهرة والمنقذة لمصر والعالم أُريد لها أن تموت وتُمحى من ذاكرة شعب مصر وشعوب العالم الحرة.. والمستفيد الوحيد والحصري هم قادة الكيان الصهيوني، وأمريكا، وربيباتها في المنطقة العربية، والحلف العسكري الاستراتيجي بين عسكر مصر وجيش الاحتلال الصهيوني، بالإضافة إلى الفاشلين سياسياً، وكانت تلك هي الأداة التي اتكأ عليها هذا الانقلاب الدموي، والمؤامرة الدنيئة..

 فكيف -يا حبيشي- تبرر لهم اليوم تحالفاتهم المشبوهة مع منتهكي الحقوق وقاتلي الأطفال والنساء؟.. قل لي, بالله عليك، من هم الذين خرجوا في ثورة ما يسمى بـ30 يونيو؟ أليسوا هم الذين كانوا من أشد المناوئين لثورة الـ25 من يناير؟ فالبابا وشيخ العسكر ومفتيهم وبقايا النظام المباركي وحتى العفاشى في اليمن! فقد ظهر يحي صالح, وإخوة له مثيل, في ميدان التحرير, يداً بيد مع من قتلوا الثوار وانتهكوا الحقوق وصادروا الحريات، وبرأهم قضاة الانقلاب، ومن يحملون خصومات سياسية أو دينية مع الإخوان. صحيح أن هناك كتلة خرجت بسبب الشحن الإعلامي المهول ضد الإخوان، وكانت مطالبهم، انتخابات مبكرة فقط.. حتى الإعلام المعادي لثورة 25هو الذي أدار هذه المسرحية منذ فوز الرئيس مرسي، ولا زال حتى اللحظة، كالقنوات التابعة لرجال أعمال مبارك، وقنوات العربية والمسيرة والكذب اليوم.. حتى الدول التي وقفت مع المخلوع مبارك كانت هي التي أشرفت وموّلت ودعمت هذا الانقلاب الدموي؛ فأي الفريقين أحق بوصف (الإرهاب/ العصابة)؟!

ومن المفارقات العجيبة أن الكاتب حاول أن يغطي على فضائح الانقلابيين بعد عزل أول رئيس مدني منتخب، وذلك بادعائه أن مصر قد حافظت على مؤسساتها الإعلامية.. ونسي أو تناسى بأن هذه هي أدوات مبارك الاستبدادية العميقة، وكانت جزءاً أصيلاً في عملية الانقلاب على الديمقراطية وإرادة الشعب المصري! وكلما كان الرئيس الشرعي مرسي يقترب من هذه المؤسسات العميقة كانت أبواق الإعلام النازي، والليبراليون الفاشيون تصيح وتولول: إلحقونا (إخونة الدولة) ولأن الرئيس الشرعي، محمد مرسي لا يريد أن يصطدم مع دولة عميقة جذورها ممتدة إلى مملكة (آل سعود) وإمارة (آل نهيان)، وتل (نتنياهو) حتى وزارة (الدفاع) الأمريكية..! فبدأ -فك الله أسره- بالتدرج في إصلاح منظومة الفساد، وفعلاً كان قد بدأ بتغييرحقيقي في مؤسسة الجيش والأمن، كما ذكر ذلك الشاب يحيى حامد -مستشارالرئيس ووزير الاستثمار في حكومة الشاب هشام قنديل- على قناة الجزيرة في (بلا حدود) مع الإعلامي أحمد منصور.

أما أكذوبة أن جماعة الإخوان تتبنى (الإرهاب) في الداخل والخارج، فهذه شنشنة عرفناها, ولا زالت تثبت لنا يوماً تلو الآخر مدى فجوركم في الخصومة وانعدام أخلاقكم في التعامل مع الخصم السياسي.. وبالمقابل مدى أخلاق الفرسان (الإخوان) مع خصومهم، وكيف كانوا يتعاملون وهم فى أوج قوتهم مع العفش الرجعي المتخلف! والذي خرج من رحم الاستبداد والديكتاتورية اللعينة! هل سمعت بمنظّرالقومجية العربية والناصري المعروف عبدالحليم قنديل؟ أين هو الآن؟ وما هي الأجندة التي يبشر بها الآن؟ حقيقة أنا في غاية الحزن لما وصلتم إليه من انحدار أخلاقي وسياسي مخيف، بلغ بكم الحال أن تساووا بين الضحية والجلاد، وتعلنوا تحالفكم مع القتلة والمجرمين ومنتهكي الحقوق والحريات! ما هكذا تورد الإبل –مسترحبيشى!! ألست تزعم -بل وتكذب مع سبق الإصرار والترصد- بأن الإخوان جماعة إرهابية، وأنهم عصابة مسلحة؟ ثم كيف تزعم بأن خارطة المستنقع الدموي والفاشي العنصرى قد أخرجت مصر من محنة التقسيم والتمزيق والحرب الأهلية؟ أليس السيسي نفسه -وهو قائد لهذا الانقلاب- قد قال: لا تفكروا مجرد تفكير بنزول الجيش إلى الشارع، فنزوله يعني عودة مصر إلى الوراء (أربعين سنة) هل نسيت أو تناسيت؟

هل تعلم –سيد حبيشي- بأن مرسي لم يفشل كما يزعم إخوانك، بشهادة رموز ليبرالية كانوا جزءاً من هذه المسرحية؟ قالوها في صحوة ضمير بعد ما رأوا هول ما جرى في ثورة الـ30(حرامي) إذ لو كانوا يعلمون أن مرسي سيفشل ولو بنسبة تمكنهم من إقناع الشعب بالبديل، لما أقدموا على ما أقدموا عليه من جريمة وخيانة؟ ولا شك أن التاريخ سيسجلها في صحائفهم السود.

 لقد أدركوا مبكراً نجاح تجربة حكم الإخوان، وبوادر ذلك كانت قد بدأت تظهر للعيان.. حينها أدرك الانقلابيون أنها معركة حياة أو موت، فرفضوا جميع الحلول المقترحة، ولجؤوا إلى من يوصلهم ولوعلى ظهور الدبابات وبحور من الدماء؛ ولسان حالهم ومقالهم: لن نصنع مجداً لمرسي وجماعته على حساب مصالحنا! فنجاح الإخوان، يعني نهاية حتمية لمشروعهم المتهالك.

ما ذكرته ما هو إلا نزر يسير من معركة ممتدة لعقود بين مشروعين: مشروع عروبي نهضوي إسلامى استقلالى، ينهض بالأمة ويحافظ على الهوية.. ومشروع فاشي عنصري استبدادي، يعود بالأمة إلى عصور سحيقة من التخلف والانحطاط، أخذ أسوأ ما عند الغرب وترك أجمل ما لديهم.. مشروع يقتات عليه اللئام! واسأل منظمات حقوق الإنسان ونقابة الصحفيين في مصر: لماذا سكتت..؟

هذا المشروع آمن بالتبعية، وحارب الهوية؛ بدليل إحراق المصاحف والمساجد وإغلاق ومصادرة أموال الجمعيات الداعمة للفقراء، وآخرها نزع الحجاب وضرب الحرائر واقتيادهن للسجون..! هذا هو المشروع الذي يتبناه الفاشيون الجدد.. ومقالك الأخير يثبت أنك- لا شك- تعيش هذه الحالة من الفاشية اللفظية والعنصرية المقيتة. والحمد لله الذي عافانا مما ابتلاكم الله به.

كاريكاتير