ركلات من تحت الطاولة.. هل اقترب موعد انفراط عقد السعودية وأمريكا؟

كل يوم تتسع دائرة الضغوط الأمريكية على السعودية لعلها تدرّ المزيد من الدولارات لإشباع شبق ترامب ذلك الذي لم يخفِه يوماً على مدى ثلاث سنوات من وجوده في السلطة، لكن رغم تمكن أمريكا من إغراق السعودية في أكثر من مستنقع تحاول الرياض التعلق بأوراق علّها تنقذها من الطوفان الأمريكي في العصر الحديث.

أمريكا التي ظل مسؤوليها لعقود مضت يتحدثون عن السعودية كحليف استراتيجي في الشرق الأوسط، باتت اليوم ترمق الرياض بنظرات العداء التي تجاوزت السرية أو حتى اللياقة الدبلوماسية، وها هي اليوم ترسل أكبر حاملات الطائرات إلى الخليج بحجة مراقبة نشاطات إيران مع أنها حققت لتوها نصراً استراتيجيا لطهران بعد إعلان سحب قواتها من سوريا، ووقفت حجر عثرة بين الرياض وطموحها بمعارضة تصعيد التحالف في اليمن، والضغط على الأطراف لإنهاء النزاع بطرق سلمية.

قبل إرسال أمريكا حاملات الطائرات إلى مياه الخليج، كانت علاقاتها بالسعودية قد انفرطت بتحريض أمريكي صريح للسعوديين بالخروج عن النظام، وقد برز ذلك جلياً بتخصيص السفارات والقنصليات الأمريكية في السعودية مساحة على مواقعهما الرسمية للحديث عن فاعلية التظاهرات السلمية في وجه "الأنظمة المستبدة".

كانت هذه رسالة واضحة للنظام السعودي، الذي قال ترامب يوماً بأنه لن يصمد أسبوع واحد بدون الحماية الأمريكية، لكنها ليست الأخيرة، فالسهام الأمريكية لا تكاد تتوقف عن خرق الجسد السعودي المنهك أصلا، ولا تحصى، فمنذ مطالبة ترامب السعودية بالدفع مقابل الحماية خلال تدشينه حملة الانتخابات النيابية في الولايات المتحدة ورفض ولي العهد، محمد بن سلمان، تلك المطالب شمرت الولايات المتحدة عن سواعدها لتلف بعد أيام قليلة على تصريحات بن سلمان حبل خاشقجي حول مستقبله، ولا تزال تداعيات تلك القضية باسطة ذراعيها على الرياض إلى اليوم، فالكونجرس صوّت لتوّه على مشروع قرار يُحمّل بن سلمان مسؤولية قتل خاشقجي، ويدرس إقرار قانون ماغنيسكي لفرض عقوبات على الأسرة الحاكمة في السعودية، إضافة إلى تصويته في وقت سابق على مشروع قرار لوقف دعم التحالف في اليمن، إلى جانب قيادة الولايات المتحدة لوبي في الغرب لوقف إمداد الأسلحة للسعودية.

في المقابل تحاول السعودية مقاومة الإجراءات الأمريكية وقد بالغ وزير الخارجية السعودي بقدرة بلاده على الرد على تصويت الكونجرس والتحركات الدبلوماسية الأمريكية، لتنعكس هذه التهديدات في صورة دعوة قادة طالبان إلى أبوظبي وإخضاع الولايات المتحدة لحوار مباشر مع الحركة التي تتلقى دعماً من أطراف خليجية عدة لا سيما السعودية التي سبق وأن احتضنت مؤتمراً عاماً لقادة الحركة وعلماء المؤتمر الإسلامي، إلى جانب ذلك تتحدث تقارير إعلامية عن إيفاد الرياض لعمر البشير، الرئيس السوداني، لقيادة وساطة مع الرئيس السوري بشار الأسد، وتوجهاتها للانفتاح على إيران والصين وروسيا بصورة أكبر من ذي قبل بهدف كسر الاحتكار الغربي للنفوذ في المنطقة، وفقاً لما ذكرته تقارير غربية.

أضف إلى ذلك توجه السعودية بالاتفاق مع روسيا لخفض إنتاج النفط العام المقبل مما قد يسبب ارتفاع لأسعار الوقود عالمياً ونكسة حقيقية لترامب الذي يسعى لخفض الأسعار قُبل انتخابات التجديد النصفي القادمة.

تغرق إدارة ترامب مالياً وقد تراجعت أسهم السندات الأمريكية بصورة كبيرة خلال الأيام المقبلة، وبلغت الأزمة ذروتها اليوم بإغلاق عدد من المؤسسات الحكومية الأمريكية جراء امتناع الكونجرس الأمريكي على اعتماد الموازنة المالية الجديدة بسبب إصرار ترامب على تضمين الموازنة تكاليف بناء الجدار مع حدود المكسيك، وهو ما يرفضه الكونجرس، يضاف إلى ذلك تقلص عائدات البنتاجون بعد ما رفضت السعودية تسديد أكثر من 300 مليون دولار كتكاليف تزويدها بالوقود جواً، لكن التحركات الأمريكية ضد الحلفاء الخليجيين تشير إلى أن الإدارة الأمريكية في حال سقطت فإنها ستسحب الأنظمة في الخليج بما فيها السعودية إلى مستنقعها وإن استدعى ذلك انقلاب عسكري.