قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن الغارات الجوية التي نفذتها القوات الأمريكية على ميناء رأس عيسى في محافظة الحديدة، غرب اليمن، في 17 أبريل/نيسان 2025، أسفرت عن سقوط عشرات المدنيين وألحقت دماراً واسعاً في البنية التحتية للميناء، ما يجعلها “هجوماً غير قانوني” ينبغي التحقيق فيه كـ”جريمة حرب محتملة”.
وذكرت المنظمة الحقوقية في بيان نشرته اليوم أن الهجوم، الذي جاء في إطار الحملة العسكرية الأمريكية على اليمن، أدى إلى مقتل 84 مدنياً على الأقل، بينهم عمال مرفأ وسائقو شاحنات وعناصر من الدفاع المدني، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 150 شخصاً بجروح متفاوتة، بحسب ما وثقته منظمة “إيروارز” المتخصصة في رصد الضحايا المدنيين.
وأشارت الباحثة المعنية بشؤون اليمن والبحرين في هيومن رايتس ووتش، نيكو جعفرنيا، إلى أن “استهداف أحد الموانئ الرئيسية التي تمرّ عبرها غالبية واردات ومساعدات اليمن، بينما يتواجد فيه مئات العمال، يُظهر استخفافاً صارخاً بأرواح المدنيين”، محذّرة من أن تعطيل الميناء في ظل أزمة إنسانية خانقة قد تكون له عواقب كارثية على ملايين اليمنيين.
ووفق تحقيقات المنظمة، استُهدفت منشآت رئيسية في الميناء، بما في ذلك خزانات الوقود ومنشآت التفريغ ومنطقة الجمارك، ما أدى إلى تعطيل شبه تام لعمليات المرفأ الحيوي، في وقت تعتمد فيه البلاد بنسبة كبيرة على موانئ الحديدة لاستيراد الغذاء والمساعدات.
وأظهرت صور الأقمار الصناعية التي حلّلتها المنظمة خطوطاً طويلة يُعتقد أنها تسربات نفطية امتدت من موقع الغارات إلى البحر الأحمر، ما يثير مخاوف إضافية بشأن الأثر البيئي للهجوم. كما أُصيب خمسة من موظفي الإغاثة الإنسانية على الأقل بجروح، بحسب الأمم المتحدة.
من جانبها، بررت القيادة المركزية الأمريكية الهجوم بأنه استهدف “مصدر وقود ومورد مالي غير قانوني يستخدمه الحوثيون في تمويل أنشطتهم”، غير أن هيومن رايتس ووتش شددت على أن القانون الدولي لا يجيز استهداف منشآت مدنية مثل خزانات الوقود لمجرد أنها تُشكّل “مصدراً اقتصادياً” لطرف مسلح، واعتبرت أن التبرير المقدم “لا يلغي الطابع غير القانوني للهجوم”.
وأكدت المنظمة أن التحقيقات لم تُظهر وجود أي أدلة على استخدام منشآت الميناء لأغراض عسكرية، أو على نقل أسلحة أو معدات عسكرية عبره، كما لم تُعلن واشنطن عن إصابة أي أهداف عسكرية محددة خلال الغارات.
واعتبرت هيومن رايتس ووتش أن الغارات الأمريكية تفتقر إلى التناسب، وتشكل انتهاكاً واضحاً لقوانين الحرب، خاصة مع ما خلفته من خسائر بشرية ومدنية جسيمة دون تحقيق مكسب عسكري واضح، داعية الولايات المتحدة إلى فتح تحقيق حيادي وشفاف في الحادثة، وتقديم تعويضات فورية للضحايا المدنيين.
كما ذكّرت المنظمة بسجل الولايات المتحدة في اليمن، مشيرة إلى أن هذه الغارات تأتي ضمن سلسلة من العمليات الجوية التي بدأت في 15 مارس/آذار واستمرت حتى 6 مايو/أيار 2025، حيث أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية تنفيذ أكثر من ألف غارة خلال هذه الفترة.
وخلص البيان إلى أن الولايات المتحدة “ضالعة في انتهاكات متكررة لقوانين الحرب في اليمن منذ عقود، دون أن تقرّ بمسؤوليتها أو تقدّم تعويضاً للضحايا”، داعية إدارة الرئيس ترامب إلى مراجعة السياسات السابقة وإنهاء حالة الإفلات من المحاسبة.