أعلنت الولايات المتحدة الأميركية الاعتراف رسميًّا بشرعية المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، والتي تعتبر بموجب القانون الدولي مستوطنات "غير شرعية".
وبهذا القرار، تكون إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد ذهبت خطوة إضافية وراء الخطوط العريضة التي رسمتها الإدارات السابقة للتعامل مع قضية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتخلّت عن الرأي القانوني الصادر عن وزارة الخارجية عام 1978، والذي ينصّ على أن المستوطنات في الأراضي المحتلة عام 1967 "تتعارض مع القانون الدولي".
رغم ذلك، زعم وزير الخارجية الأميركي أن هذا القرار لا يتطرق إلى الوضع النهائي في الضفة الغربية، والذي تُعتبر المستوطنات الإسرائيلية إحدى قضاياه الأربع الرئيسية إلى جانب القدس واللاجئين والحدود. وقال بومبيو إن "الوضع النهائي سيحدده الفلسطينيون والإسرائيليون من خلال المفاوضات".
وأضاف بومبيو: "بعد دراسة جميع جوانب النقاش القانوني بعناية، توافق هذه الإدارة... على أن (إنشاء) مستوطنات مدنية إسرائيلية في الضفة الغربية لا يتعارض في حد ذاته مع القانون الدولي". حتى الآن، كانت السياسة الأميركية تعتمد، نظريا على الأقل، على رأي قانوني صادر عن وزارة الخارجية في عام 1978 يعتبر ان إقامة المستوطنات في الأراضي الفلسطينية يتعارض مع القانون الدولي"، وفق ما نقلت وكالة "رويترز".
ومن شأن هذا القرار، وفق "أسوشييتد برس"، أن يقدم "دفعة" لرئيس وزراء الاحتلال المنتهية ولايته، بنيامين نتنياهو، ويقف حاليًّا على مفترق طرق في حياته السياسية، بعد فشله في تشكيل الحكومة، وانتظار حسم مصيره مع صدور القرار القضائي النهائي بشأن قضايا الفساد التي تلاحقه.
وبهذا القرار، يكون ترامب قد منح إسرائيل أكثر من الوعود التي قطعها على نفسه في الانتخابات، ليصبح هذا الاعتراف الأميركي الحلقة الأخيرة في سلسلة قرارات منحازة لإسرائيل اتخذتها الإدارة الحالية، على خلاف جميع الإدارات السابقة، ومن ضمنها الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال ونقل السفارة الأميركية إليها، والاعتراف بسيادته على الجولان المحتلة أيضا، ووقف المساعدات الأميركية للسلطة الفلسطينية، وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية على الأراضي الأميركية.
يأتي هذا بالتزامن مع تكثيف الاحتلال الإسرائيلي من إنشاء المستوطنات في الضفة الغربية، وبما يفوق المئتي مستوطنة يقطنها أكثر من 620 ألف مستوطن، ويلاحظ أن أكثر من نصف تلك المستوطنات هي بؤر استيطانية أقيمت من دون مصادقة حكومية.
ووفق معطيات لمركز المعلومات لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم" (وهو منظمة إسرائيلية)، فإنه منذ عام 1967 وحتى نهاية 2017، أقيمت في أنحاء الضفة الغربية أكثر من 200 مستوطنة، منها 131 مستوطنة اعترفت بها وزارة الداخلية الإسرائيلية كبلدات، ومنها أيضا نحو 110 مستوطنات أقيمت من دون مصادقة رسمية "بؤر استيطانية"، ولكن بدعم ومساعدة وزارات حكومية، وعدد من الجيوب الاستيطانية في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، فيما رصد وجود 11 حياً استيطانياً في القدس الشرقية أقيمت على أراض في الضفة الغربية ضمّتها إسرائيل إلى منطقة نفوذ القدس، وكذلك عدد من الجيوب الاستيطانية في قلب الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية.
وبلغ عدد المستوطنين الذين يسكنون في تلك المستوطنات أكثر من 620 ألف مستوطن، منهم أكثر من 413 ألف مستوطن في مستوطنات الضفة الغربية، باستثناء شرق القدس، وأكثر من 209 آلاف مستوطن في أراضي الضفة الغربية التي ضُمّت إلى بلدية القدس.
وقال "بتسيلم" إن "المستوطنات هي العامل الأكثر تأثيرا على واقع الحياة في الضفة الغربية وإسقاطاتها على حقوق الإنسان الفلسطيني، وهي مدمّرة وتطاول ما هو أبعد بكثير من مئات آلاف الدونمات التي سُلبت منهم لأجل إقامتها".
وأشار المركز إلى أن تلك المصادرات للأراضي شملت المراعي والأراضي الزراعية التي صودرت أراضٍ منها لأجل شقّ مئات الكيلومترات من الشوارع الالتفافية المخصّصة للمستوطنين؛ والحواجز والوسائل الأخرى لتقييد حركة الفلسطينيين فقط، وأقيمت تبعًا لمواقع المستوطنات؛ وكذلك إغلاق مجال وصول الفلسطينيين إلى كثير من أراضيهم الزراعية تلك الواقعة داخل نطاق المستوطنات أو خارجها؛ وترسيم المسار الملتوي للجدار الفاصل، والذي يمسّ على نحوٍ خطير بحقوق الفلسطينيين القاطنين في محاذاته، داخل أراضي الضفة الغربية، والهدف الأساسي لإسرائيل من ذلك أن تبقي إلى الغرب من الجدار ما أمكن من المستوطنات والأراضي التي تعدّها لتوسيع المستوطنات.
ويمتدّ عمران المستوطنات حاليا على مساحة 538.127 دونماً، وتشكّل نحو 10% من مساحة الضفة الغربية، يضاف إليها 1.650.376 دونما هي مساحة مناطق نفوذ المجالس الإقليمية للمستوطنات، وتشمل براري شاسعة لا تدخل في منطقة عمران أيّ من المستوطنات.
وتبلغ مساحة الأراضي الواقعة تحت سيطرة المستوطنات مباشرة نحو 40% من مجمل مساحة الضفة الغربية، وتشكّل 63% من مساحة مناطق C.
وأشار "بتسيلم" إلى أن امتناع إسرائيل عن الضمّ الرسميّ (سوى ضمّ القدس الشرقية)، لكنها تعامل المستوطنات كجزء من مناطق تملك فيها السيادة الفعليّة وتعمل على محو شبه تامّ للخط الأخضر بالنسبة إلى مواطنيها الإسرائيليين، في مقابل تركّز السكّان الفلسطينيين في 165 جزيرة أرخبيليّة منفصلة ومتحلّلة (مناطق A و-C).
في غضون ذلك، يؤكد مركز المعلومات الوطني الفلسطيني أن إسرائيل أقامت ما بين الأعوام 1996 والعام 2016 العديد من المواقع الاستيطانية في الضفة الغربية التي أصبحت تعرف فيما بعد بـ"البؤر الاستيطانية"، وأن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ادعت أنها لن توفر لتلك المستوطنات غطاء قانونيا، لكنها وفرت لها غطاء أمنيا.
وأضحت ظاهرة البؤر الاستيطانية تضاهي المستوطنات القائمة؛ حيث يسيطر المستوطنون على مساحات شاسعة من المناطق العشوائية في الضفة، ويعملون على تقطيع المناطق الفلسطينية لتعزيز سياسة الفصل الإسرائيلية، وهو يخالف ما تمت الإشارة إليه في خريطة الطريق، بخصوص إزالة تلك البؤر لإقامة دولة فلسطينية ذات تواصل جغرافي يتمتع بالسيادة.
وحتى أواخر عام 2016، تمكنت إسرائيل من إقامة 121 بؤرة استيطانية في محافظات الضفة الغربية، وبلغت المساحة الكلية التي تحتلها تلك البؤر 5805 دونمات من أراضي الضفة الغربية، فيما بلغ عدد المستوطنين الذين يسكنونها حتى عام 2012 حوالي 7934 مستوطنا.
وتبدو الأطماع الإسرائيلية في الضفة الغربية واضحة من خلال الأطماع بالأغوار الفلسطينية شرقي الضفة، وهو ما بدا في تعهد رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، في سبتمبر/أيلول الماضي، بالسيطرة على الأغوار الفلسطينية ومنطقة شمال البحر الميت الواقعة شرقي الضفة الغربية، حال فوزه بالانتخابات الإسرائيلية.
وتشكل الأغوار الفلسطينية ما بين 27-28% من مساحة الضفة الغربية، حيث تبلغ مساحة منطقة غور الأردن وشمال البحر الميت 1.6 مليون دونم.
ومنذ أن احتلت إسرائيل الضفة الغربية عام 1967 وحتى الآن، فقد أقامت دولة الاحتلال 36 مسـتوطنة في الأغوار الفلسطينية، على حوالي 27 ألف دونم صالحة للزراعة ويعيش فيها ما يقارب 9500 مستوطن، وفق حقائق ومعطيات لدراسة أعدتها الباحثة تحرير صوافطة العام الماضي.
في المقابل، بلغ عدد السكان الأصليين من الفلسطينيين في الأغوار عام 2012 حوالي 70 ألف فلسطيني يعيشون في 29 بلدة على مساحة 10 آلاف دونـم تقريباً، وهناك حوالي 15 ألف فلسطيني يعيشون في عشرات التجمعات البدوية الصغيرة.
وتشكل الأغوار الفلسطينية حوالي 28% مـن مسـاحة الضـفة الغربية، لكن 88% من أراضي الأغوار تصنف مناطق "ج" الخاضعة لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي.
المقالات الاقدم:
- واشنطن تصفع حلفائها العرب وتعترف بالإستيطان الإسرائيلي في فلسطين - 2019/11/19
- قوات صنعاء تعلن احتجاز ثلاث سفن إحداهن سعودية - 2019/11/18
- الرئيس التونسي يحمّل التحالف العربي مسؤولية الحرب والوباء في اليمن - 2019/11/18
- مقتل 10 مدنيين في غارات للطيران الإماراتي على مصنع في ليبيا - 2019/11/18
- مقتل 10 مدنيين في غارات للطيران الإماراتي على مصنع في ليبيا - 2019/11/18
أحدث المقالات - من جميع الأقسام:
- 20 غارة إسرائيلية على مناطق مختلفة جنوب لبنان - 2025/03/07
- السودان يرفع دعوى ضد الإمارات في محكمة العدل الدولية - 2025/03/06
- حماس تعلن استعدادها للتنازل عن "حكم غزة" مقابل شرط وحيد - 2025/02/28
- الجيش السوداني يواصل تقدمه في الخرطوم والبرهان يعلن رفضه للحلول الخارجية - 2025/02/17
- مصر تستضيف قمة عربية طارئة بشأن تطورات القضية الفلسطينية - 2025/02/09
مقالات متفرقة:
- الآلاف من مقاتلي قوات الشرعية يصلون إلى العاصمة صنعاء - 2021/12/04
- الصين تعلن انتهاء أزمة الصاروخ التائه وسقوط بقاياه في المحيط الهندي - 2021/05/09
- اشتباكات العشائر تمتد إلى الفلوجة واستقالة 44 نائبا - 2013/12/30
- الاحتلال ومستوطنوه يرفعون العلم الإسرائيلي على الحرم الإبراهيمي - 2023/04/24
- مأرب .. اغتيال قائد اللواء الأول مشاة جبلي في جبهة مدغل - 2020/11/11
المقالات الأكثر قراءة:
- منظمة الصحة العالمية : 10 آلاف قتيل و60 ألف جريح حصيلة حرب اليمن - 2018/12/10 - قرأ 127116 مرُة
- اليمن .. معركة جديدة بين قوات هادي والحراك الجنوبي في شبوة - 2019/01/09 - قرأ 26806 مرُة
- غريفيث لمجلس الأمن: هناك تقدماً في تنفيذ اتفاق استوكهولم رغم الصعوبات - 2019/01/09 - قرأ 26098 مرُة
- تبادل عشرات الأسرى بين إحدى فصائل المقاومة اليمنية والحوثيين في تعز - 2016/06/01 - قرأ 20465 مرُة
- المغرب يكشف عن "تغير"مشاركته في التحالف - 2019/01/24 - قرأ 17775 مرُة