drawas

454x140 صوت واضح

الحبيب الجفري على خطى أبيه

ahmedgalebاستمعت إلى الداعية الحبيب الجفري في فيديو قصير سُجل في جامع القاهرة على ما أعتقد، وكان الحبيب متحفزا قلقا، على غير عادته، ومنسلخا من صورته التي اعتدنا عليها من الهدوء والوقار، والدفع بالتي هي أحسن، ربما لأنه ولج ميدان السياسة فجأة وبدون مقدمات أو لأنه يقول كلاماً لا يفترض بـ(عالم) أن يقوله لأنه مجافياً لرسالة العالِم ووظيفة الداعية التي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتدعو إلى الألفة والوحدة والسلام والوئام. أو تلتزم الصمت وذلك أضعف الإيمان.

خلاصة ما قاله الحبيب أن الوحدة انتهت. هي باقية فقط على الورق وأن لا أمن ولا استقرار في اليمن إلا بالانفصال. ونسي الحبيب أن الجنوب لم يعد جنوباً وأن الشمال لم يعد شمالا.

وأن أهل الجنوب يقتتلون في الجنوب فيما بينهم وأهل الشمال والجنوب يقتتلون في الشمال مع طرف آخر يتكون أيضاً من شماليين وجنوبيين.

ما قاله الحبيب، ذكرني بموقف لأبيه عبد الرحمن في عام 2013 تقريباً خلال فترة الحوار الوطني، عندما التقيناه هو والأستاذ حيدر العطاس والأستاذ سالم صالح محمد بفندق لي مريديان في دبي. كنا مجموعة من وزارة المالية والبنك المركزي ومعنا الأستاذ صخر الوجيه وزير المالية حينذاك ومحمد بن همام محافظ البنك المركزي وآخرين نتفاوض على برنامج اقتصادي مع صندوق النقد الدولي. وكان الأستاذ الجفري ومن ذكرت من الأساتذة معهم لقاء في نفس الفندق مع جمال بن عمر وفريقه يتعلق بموضوعات الحوار والقضية الجنوبية.

وجرى حوار حول الوضع اليمني بيننا كيمنيين. سأتطرق لأهم وجهات نظر الأساتذة حول رؤيتهم لحل القضية الجنوبية. كان الأستاذ سالم صالح كعادته ديبلوماسياً ولم تكن له آراء حادة وقاطعة حول الموضوع..

الأستاذ العطاس يعرف ما يريد ويعمل من أجله "فيدرالية من إقليميين لمدة ثلاث سنوات ثم استفتاء على حق تقرير المصير".

الأستاذ الجفري وهو بيت القصيد ليس له رؤية محددة يطرحها أو مقترح يقدمه إلا ترديد المقولة عن انتشار الكراهية وتزايدها وأن لا حل إلا بالتمزيق ليس إلى شطرين بل أشطار إن لزم الأمر. وأهم ما قاله: إن الجنوبيين أصبحوا يكرهون الشماليين ولا يستطيعون التعايش معهم، وأنه أفضل لليمنيين أن ينقسموا إلى عشرين دولة بدلاً من وحدة بالكراهية!

 الكل احترم وجهات النظر التي طرحت بما فيها وجهة نظر الأستاذ الجفري مع التحفظ على التعميم والترويج للكراهية والتمزيق والتحدث باسم الكل، وكان أطرف تعليق قاله الأستاذ صخر الوجيه مخاطباً الجفري: الآن يا أستاذ عبدالرحمن بحسب ما تقول أنا أمي جنوبية، وأنا شمالي، فهل أمي تكرهني ومثلي الآلاف من هنا أو هناك؟ وهذه حقيقة أوردها الأستاذ صخر الوجيه وليس مثالاً.

ومع حبنا واحترامنا للحبيب العالم والداعية المتصوف البعيد عن السياسة فإن ما قاله قد قاله والده من قبل ويكرره دائماً وعلى الهواء، وهو ربما اعتقاد أو توجه سائد في الأسرة بل في أدبيات حزب الرابطة المملوك للجفري منذ قيامه على أرض الجنوب ولم يأتِ بجديد، هو فقط تأخر بإعلان وجهة نظره لاعتقاده أن الوقت صار مناسباً ليسجل مثل هذا الموقف ويا ليته سكت!

كاريكاتير