drawas

454x140 صوت واضح

من البوعزيزي إلى شعب اليمن

eskndrفي مثل هذه الأيام من العام 2010م تلقى المواطن العربي التونسي محمد البوعزيزي صفعة من بوليس ناعم وهو يطلب لقمة عيشه وأسرته من خلال (بسطة) يبتاع بها، فأضرم  النار في جسده ولقي حتفه، وترتب على هذا الحادث ثورة شعبية أطاحت بنظام الديكتاتور زين العابدين بن علي وتوالت الاحتجاجات في بلدان عربية واختلفت السياقات الثورية والمآلات السياسية كلا حسب الظروف الموضوعية والحيثيات المحلية والمؤامرات الخارجية، وبالرغم من أن اليمن كانت أكثر الدول حاجة إلى (ثورة) إلا أنها وبحكم قربها من مملكة آل سعود ووجود متسعودين يمنيين نافذين تحولت ثورة الشعب اليمني إلى فورة وبعضهم يطلق عليها باللهجة المحلية (بورة) وهي كذلك من حيث النتيجة بامتياز.. من هنا قرر البوعزيزي في الذكرى الثالثة لاستشهاده أن يبعث برسالة إلى اليمانيين، و لئن شككت بقطعية صدور الرسالة فإني أقطع بقطعية دلالتها، وهاكم نصها:

يا شعب اليمن.. لو علمتم لماذا أضرمت النار في جسدي لما تركتم جسداً بين ظهرانيكم إلا وأضرمتم النار فيه.. فموجباتي لذلك الفعل بالرغم من أنه يُعد حراماً وفقاً لرهط من أرباب الشريعة الإسلامية بوصفه انتحاراً ليست إلا قطرة قياساً ببحر موجباتكم. لقد انتصبت أمام وجهي ثلاث قيم إنسانية مفقودة وأنا أقرر إنهاء حياتي بالنار هي: الكرامة والعيش الكريم والحرية.

فهل يا شعب اليمن حفظت لكم ثورتكم كرامتكم؟ أم هل أمّنت لكم العيش الكريم؟ أم منحتكم الحرية والعدالة؟ أم أنها أضافت إلى الظلم ظلماً وإلى الهوان هواناً وإلى الفقر عوزاً وإلى الفساد إفساداً وإلى الأماكن ظلمة وإلى أرضكم قحطاً وإلى سمائكم مزيداً من طائرات أمريكية دون طيار تقتل أبناءكم دون حسيب؟!

قد تسألون عن مصيري الآن بعد مضي حوالي ثلاث سنوات على استشهادي وقد يعتقد بعضكم أني في الفردوس الأعلى كما يعتقد آخرون أني في جهنم وبئس المصير، ولكني أطمئنكم أني في حال أفضل من الحال التي كنت عليها قبل استشهادي وأني سعيد بمصيري وأراقب مصير بلدي تونس وأراها تتلمس خطاها نحو التغيير- وإن ببطء - ولكنها ستصل بإذن الله على أني في حالتكم لا أجد مبرراً واحداً يبقيكم تحت نير هذا الظلم المقيم فهو أمر مجاف للحكمة وليس من الشجاعة في شيء، فالجبان يموت ألف مرة وأما الشجاع فيموت مرة واحدة. أما قرأتم قول أبي ذر الغفاري قبل 1400 عام : "أني لأعجب من امريء لا يجد قوت يومه ولا يخرج في الناس شاهراً سيفه"، وقبل ذلك ألم تعوا قوله تعالى: (أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون)؟!

لقد قال شاعرنا الشابي: (إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر)... فهل ما تعيشونه حياة؟ وماذا أبقيتم للموت بعد كل هذا؟، وأي قدر ذلك الذي سيستجيب لاستجابتكم للذل؟!

يا شعب اليمن.. إذا كانت حكمتكم قد دعتكم للقبول بكل هذا الهوان الذي ترونه بأم أعينكم فاستعيروا من شاعركم الرائي البردوني عين بصيرته وعيون حكمته التي تقول:

والأُباة الذين بالأمس ثاروا... أيقظوا حولنا الذئاب وناموا

حين قلنا قاموا بثورة شعبٍ... قعدوا قبل أن يروا كيف قاموا

ربما أحسنوا البدايات لكن ... هل يحسّون كيف ساء الختامُ

وللرسالة بقية في الذكرى الرابعة لاستشهادي.. لعلّي أجد شعباً لا نزال نحسبه جذورنا الراسخة وعمقنا الأصيل.

لـكزة ..

من البوعزيزي إلى (المعتاشين) في موفنبيك صنعاء: مبروك عليّ وعلى أحرار اليمن (الشهادة) ومبروك عليكم (القعادة)..!!

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

كاريكاتير