أنا محمود سالم الصبيحي (مواليد عام 1948) من قرية تسمى (هويرب) مديرية المضاربة ورأس العارة بمنطقة الصبيحة لحج.. ولمن لا يعرف الصبيحة فهي تُنسب إلى ذو أصبح وإسمه الحارث بن مالك بن غوث بن سعد بن عوف بن عدي بن مالك بن سدد بن زرعة حِمْير الأصغر بن سبأ الأصغر، وكان الصبيحة يحكمون عدن وأبين في فترة ما بين 410 إلى 440 هـ.
التحقت مبكراً بالسلك العسكري، وتدرجت في المناصب وحصلت على بكالوريوس علوم عسكرية من الكلية العسكرية في عدن في عام 1976. وبعدها حصلت على درجة الماجستير في العلوم العسكرية من أكاديمية فرونزا في الاتحاد السوفييتي عام 1982.
في عام 1976م كنت مديراً لمكتب وزير الدفاع الأشهر في تاريخ اليمن، علي عنتر، رحمه الله، وفي عام 1982م عُينت أركان حرب لواء "ملهم"، وفي 84م تم تعييني قائداً للواء "25 ميكا"، ثم قائداً للكلية العسكرية في عدن. وفي عام 1990، انتقلت إلى صنعاء نائباً لمدير الكلية الحربية، ثم عُيّنت في عام 1993 مجدداً قائداً للواء "25 ميكا"، وشاركت في حرب 1994م إلى جانب الرئيس علي سالم البيض، وكنت مسؤولاً عن جبهة خرز الساحلية التي كانت عصية على الجميع، ولم يستطع أحد اختراقها، حتى أن قوات الشمال حينها تراجعت بعد مواجهات عنيفة معنا وحولت معاركها إلى أبين، وبعد أن تمكنت من أبين تم التواصل معي عبر وساطة كويتية تطلب التسليم والخروج بأمان، وكنت آخر من خرجت بعد أن سلمت اللواء 25 ميكا بموافقة الضباط والأفراد بعد أن ضمنت عدم الانتقام منهم.
وغادرت البلاد عقب تلك الحرب إلى دول الخليج، تاركاً العمل العسكري، وظليت خارج البلاد حوالي 15 عاماً، وعملت في شركة روسية في الإمارات، ثم انتقلت إلى الكويت وعملت فيها بائعاً للمصوغات الذهبية في محل متواضع في مدينة الأحمدي.
عدت إلى اليمن في العام 2002 ضمن قيادات عسكرية جنوبية عقب تسوية سياسية مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وتم تعييني في قاعدة العند العسكرية، التي كان يقودها اللواء عبداللاه القاضي، حتى قامت احتجاجات العام 2011م ضد صالح، أدت إلى استقالة الكثير من القادة العسكريين ومنهم اللواء عبداللاه القاضي، وحينها قام الرئيس صالح بتعييني قائداً لقاعدة العند خلفاً للقاضي.
وعندها استطعت توطيد علاقتي بمعظم مكونات الحراك الجنوبي، وازدادت هذه العلاقة أثناء وبعد محاربتنا للقاعدة الإرهابية في أبين وشبوة..
ورغم اختلافي مع بعض مكونات الحراك الجنوبي إلا أنني كنت متشدداً في مسألة حماية الفعاليات الجنوبية لأنه من حقها أن تعبر عن آرائها بكل حرية.
وعقب مقتل اللواء سالم قطن -رحمه الله- تم تعييني من الرئيس عبدربه قائداً للمنطقة الرابعة، وكنت حاسماً في موقفي تجاه ممارسات جماعة أنصار الله الحوثية، وخاصة في قضية اقتحام المحافظات وإثارة الحروب، حينها أعلنت موقفي بعدم السماح لها باقتحام محافظة تعز.. وهذا أدى إلى رفع رصيدي بشكل كبير لدى أبناء الشمال، وكان هذا أحد الأسباب لتعييني وزيراً للدفاع. ومؤخراً عرفت بأن السفير الأمريكي بصنعاء هو من اقترح إسمي وزيراً للدفاع، وهذا لا يعني وجود علاقة قديمة بيننا كما يروّج البعض، ويبدو أن السفير الأمريكي كان مرتاحاً لدوري في تطهير أبين وشبوة من تنظيم القاعدة.
ويعلم الجميع بأنني كنت رافضاً لتولي منصب وزير الدفاع لولا إصرار الرئيس هادي على ذلك، وحينها وافقت بشرط أن يقف الرئيس هادي إلى جانبي ويساندني في مهمتي، فوافق على ذلك، وبالمقابل وعدت الرئيس هادي بالدفاع عنه حتى وإن كلفني ذلك حياتي، وكنت صادقاً وجاداً في كلامي لولا أن الرئيس هادي كان كثير التردد في اتخاذ بعض القرارات الهامة، وكان غالباً ما يوجهنا بالتهدئة وضبط النفس وعدم الاصطدام مع الحوثيين، حتى تمكنوا أخيراً ووصلوا إلى دار الرئاسة وإلى منزل الرئيس وقاموا باقتحام المؤسسات ومحاصرة منازل الوزراء، وكنت واحداً منهم.
بالنسبة لخلافي مع الرئيس هادي هو خلاف في وجهات النظر وفي الأداء الإداري..
الرئيس هادي كان يعلم بأن الجميع يقف ضده، بينما هو لا يقف مع نفسه، وكان يعتمد على شخصيات ضعيفة ووصولية وغير ناصحة. بالإضافة إلى أنه كان يتعامل مع من يخالفه الرأي بنوع من الخصومة والشك والتوجس..
أيضاً الحوثيون أسمعوني تسجيلات من مكالمة الرئيس هادي مع مدير مكتبه، وهو يتحدث عني، فأدركت بأن الرئيس هادي لا يهمه إلا مصلحته في المقام الأول، وأنه ما زال يتعامل بعقلية الزمرة القديمة!
ولهذا بعد خروجي من صنعاء ووصولي إلى لحج كنت رافضاً اللقاء بهادي لولا الأخ أحمد المجيدي محافظ لحج الذي أصرّ عليّ بزيارة الرئيس هادي، وقد تعمدت عدم ارتداء الزيّ العسكري كتعبير عن عدم رغبتي في العمل مجدداً تحت قيادة هادي، مثلما رفضت العمل تحت مرجعية الحوثي؛ لأن الطرفين لا يمتلكان الشرعية في ظل ما يحدث في البلاد، وإذا كانت هناك شرعية فهي للشعب، ومن سيقدم التنازلات لإنقاذ الشعب سيكون هو صاحب الشرعية.
بالنسبة لمغادرتي صنعاء فقد تمت بعد تنسيقات مع زعماء قبليين من مناطق مأرب والجوف، واتجهنا طريق صنعاء ـ الحديدة، ثم عبر طريق الخوخة الساحلي حتى وصلنا تعز ثم لحج، وبرفقتي عدد محدود من الحراس.
وللعلم فإن أغلب أفراد حراستي هم من الجنوب والشمال (مأرب ولحج)، ومؤخراً استشهد قائد حراستي البطل الشهيد ناصر جاحص الصبيحي هو وزوجته على أيدي الحوثيين الذين أطلقوا الرصاص عليهما وتركوهما ينزفان حتى ماتا! وكان يظن بأن وجود زوجته بجانبه سوف يمنع نقاط الحوثيين من التعرض لهما.
ولمن أراد أن يعرف سبب عدم انسجامي مع أنصار الله الحوثيين هو تدخلات اللجنة الثورية في عملي، فضلاً عن عدم تنفيذ الأوامر، بل واستفزازي بطريقة لا تمت بعلاقة لأخلاق الفرسان.
لقد وصلت معهم إلى مرحلة لم أعد أعرف "هل أنا وزير الدفاع؟ أم مندوب اللجنة الثورية؟!
وقلت لهم بصريح العبارة " لن أتحمل مسؤولية ﺣﺮﺏ أهلية سواء ﻓﻲ ﻣأﺭﺏ أﻭ في ﺗﻌﺰ أو حتى في عدن..".
وبالمناسبة أنا عملت مع الحوثيين بناء على توجيهات الرئيس هادي، الذي قال لي ولوزير الداخلية ورئيس الأمن القومي ورئيس الأمن السياسي أن نستمر في أعمالنا، ونحن نفذنا توجيهاته، وذلك بهدف الحفاظ على ما تبقى من المؤسسة العسكرية والأمنية..
ولهذا فقد كان حضوري مراسيم ما يسمى بالإعلان الدستوري اختيارياً وليس إجبارياً، ولم أتعرض لأي ضغوط أو إكراه في ذلك، ولهذا فضلت الحضور بالملابس المدنية وليس الملابس العسكرية كتعبير عن أنه حضور شخصي وليس رسمي ولا يعني موافقتي على الإعلان الدستوري، حتى أنهم طلبوا مني إلقاء كلمة بإسم الجنوب لكني رفضت بشدة، ثم اتجهوا نحو حسين زيد بن يحيى..
من الصعب الإفصاح عن الجهة التي تعاونت معي في انتقالي إلى لحج، ولكن يكفي أن أقول لكم عن اتفاقي معها بالتزام الصمت وعدم التسرع في اتخاذ أي موقف، وأن أستريح في منزلي حتى يتسنى لي اتخاذ القرار الصائب دون أي مؤثرات خارجية..
طبعاً أنا سافرت صعدة في زيارة غير معلنة وألتقيت بعبدالملك الحوثي قبل أيام من مغادرتي صنعاء، وطرح عليّ أن أكون رئيساً للمجلس الرئاسي المزمع تشكيله، لكني لم أوافق له صراحة وأيضاً لم أرفض بشكل مباشر.. وبعد زيارتي إلى صعدة شعرت براحة كبيرة في الحركة والتنقل عكس ما كان قبل الزيارة، وكأنهم اطمئنوا تجاهي، إلى حد أن قال أحدهم "لا يعقل أن يهرب شخص ينتظر أن يكون رئيساً؟"
أيضاً لا تستغربوا إذا قلت لكم بأن مغادرتي ربما تكون أشبه بزيارة عائلية وقد أعود إلى صنعاء في أي وقت!
أنا أزعم بأنني أحترم ذاتي كثيراً، وأعمل ما أقتنع به بصرف النظر عن مواقف الآخرين؛ فمثلاً لدي قناعة تامة بأن الخطر الحقيقي على اليمن يتمثل في تنظيم القاعدة الإرهابي قبل جماعة الحوثيين المسلحة، ولهذا حاربنا تنظيم القاعدة بكل شجاعة وصدق وإخلاص، وانتصرنا عليهم،ولم نكن نهتم بعلاقة مع أمريكا أو بتجار مثل هذه الحروب، ولست من القيادات التي تلهث خلف المصالح الشخصية.
أنا لم أنتسب إلى أي تيار سياسي أو جماعة دينية باستثناء جماعة التبليغ التي تأثرت بها كثيراً، وتعلمت منها الحياة البسيطة والمتواضعة. وبالتالي فأنا أنظر إلى جميع التيارات السياسية بعين واحدة وأتعامل معها سواسية..
كما لا أخفيكم القول بأنني التقيت بالرئيس السابق علي عبدالله صالح ونجله أحمد علي، وكان هذا بترتيب من الزميل العزيز جلال الرويشان.. وليطمئن الجميع بأن تلك اللقاءات جميعها تصب لمصلحة الوطن فقط!!
هناك من يعتقد بوجود أطراف محلية وخارجية تقوم بالترتيب لي لتولي زمام مرحلة جديدة.. وهناك من يقول أن مغادرة هادي وأنا إلى عدن مجرد فصل من فصول مسرحية كبيرة، بل أن البعض حاول السخرية والتهكم من موقفي إلى درجة الربط بين مغادرتي لصنعاء وبين اليوم العالمي للمرأة!
وعلى العموم أقول لهؤلاء جميعاً: ليس هناك أسوأ من قهر الرجال، وسواء كانت هذه مسرحية أو خطة خارجية، فلن أقبل بأي عرض يضرّ وطني وتاريخي، ولن أتخذ أي قرار إلا إذا كنت مقتنعاً بصوابيته..
لن أسمح لأحد باستغلال سمعتي الناصعة لتحقيق أهدافه الخاصة وأجنداته المشبوهة.. لن أكون أداة طيّعة بيد هادي أو الحوثي.. ولن أكون مجرد ملحق تابع لمشروع هذا أو ذاك.. بل سأكون ضمن مشروع الوطن الكبير.
المقالات الاقدم:
- جماعة أنصار الله طائفية وخطر ذلك على اليمن والمنطقة - 2015/03/12
- الامنية العليا تطلع على تقدم الحوار السياسي وتقر اضاافة قيادات إلى عضويتها - 2015/03/11
- مسيرتان حاشدتان ضد (انصار الله)الحوثيين في صنعاء وتعز - 2015/03/11
- السعودية ترفض التدخل في شؤونها وللآخرين رفض تدخلات المملكة في أراضيهم - 2015/03/10
- زعيم الحوثيين يهاجم للإصلاح - 2015/03/10
أحدث المقالات - من جميع الأقسام:
- بروفيسور مصري يحذر اليمنيين: تعاطي القات مع السيجارة يسبب الإصابة بسرطان الحنجرة والدماغ - 2023/11/25
- واتس آب يتيح ميزة تجنب الإزعاج في المحادثات الجماعية - 2020/10/02
- في جريمة غير مألوفة.. رجل يغتصب ابنة زوجته ذات السبعة أعوام في حيس بالحديدة - 2020/07/21
- تحذيرات رسمية من مواد مسرطنة في بعض الأدوية المباعة باليمن - 2019/09/24
- طفلة تقتل والدتها بطريقة مروعة وغير مقصودة - 2019/09/14
مقالات متفرقة:
- خرائط "غوغل" تزيد خطر الإصابة بألزهايمر! - 2019/06/01
- إنفلونزا الكلاب الجديدة قد تكون قاتلة للبشر - 2019/04/02
- تحذير أمريكي لإسرائيل من التقنيات الصينية - 2019/07/02
- فريدوم هاوس :تزايد القيود المفروضة على الانترنت خلال العام المنصرم - 2013/10/31
- سامسونج تكشف عن هاتفها الجديد نوت-10 بخصائص تتحدى هواوي - 2019/08/08
المقالات الأكثر قراءة:
- منظمة الصحة العالمية : 10 آلاف قتيل و60 ألف جريح حصيلة حرب اليمن - 2018/12/10 - قرأ 127132 مرُة
- اليمن .. معركة جديدة بين قوات هادي والحراك الجنوبي في شبوة - 2019/01/09 - قرأ 26818 مرُة
- غريفيث لمجلس الأمن: هناك تقدماً في تنفيذ اتفاق استوكهولم رغم الصعوبات - 2019/01/09 - قرأ 26114 مرُة
- تبادل عشرات الأسرى بين إحدى فصائل المقاومة اليمنية والحوثيين في تعز - 2016/06/01 - قرأ 20498 مرُة
- المغرب يكشف عن "تغير"مشاركته في التحالف - 2019/01/24 - قرأ 17787 مرُة