على العكس مما قد يبدو في تعيين الجنرال علي محسن نائبا للقائد الأعلى للقوات المسلحة، بأنه توجه للحسم العسكري للمعركة، يمكن القول أنه أكثر من ذلك يؤسس لتسوية سياسية في البلاد، على قاعدة استعادة التوازن العسكري..
فإن كانت الحرب الراهنة هي نتيجة لكسر ذلك التوازن الذي كان يمثله "صالح ومحسن" في الجيش عبر الحوثيين الذين تغولوا بمليشياتهم على الجميع، فإن الذي كان يمنع الذهاب إلى التسوية السياسية كل الفترة الماضية هو ذلك الخلل في الميزان العسكري والسياسي في البلاد.
وهذا كله وفق الرؤية السعودية لليمن، فكما لم ترغب المملكة بأن تتجاوز ثورة الـ٢٠١١ صالح وأبقت عليه، هي أيضا لم يرقها استعانته بالحوثيين للإخلال بالميزان العسكري والسياسي والذي آل لصالح الحوثيين وايران، وهذا هو السبب الذي لم يجعل الأمور تجري وفق ما خطط لها صالح، والذي كان يظن أن المملكة ستلجأ إليه لمعالجة المسألة الحوثية، ليعود هو وحيدا في الساحة أو ببعض الشراكة مع الحوثي..
فلم تكن المملكة لتقبل أن يؤول ميزان القوة في حديقتها الخلفية لطرف وحيد وغير مأمون الجانب، بل وذهب من وراء ظهرها للالتقاء مع خصمها الإقليمي وتقوية ذراعه المليشاوية في البلاد، فكانت عاصفة الحزم..
أما الآن، وقد نجحت المملكة في كسر الانقلاب وافشاله، كما نجحت في إعادة الميزان العسكري عبر الجيش الوطني بقيادة محسن، والذي بات على أبواب العاصمة، فالقضاء على الطرف الآخر في الميزان العسكري والسياسي والذي يمثله صالح قد لا يكون هدفا للمملكة إن قبل الانخراط في طي صفحة الحوثي، وإعادة السلطة الشرعية إلى البلاد والمساهمة في تأمينها وبالخصوص تأمين العاصمة، والانطلاق من ذلك لاستكمال ما تبقى من المرحلة الانتقالية بالطرق السلمية،
في إطار التوازنات العسكرية والسياسية والتي هي الغاية الحقيقية من عملية إعادة الشرعة التي كانت قائمة أصلا على ذلك التوازن.
الحديث هنا عن صالح كطرف آخر في ميزان القوة في البلاد، هو ليس بالضرورة بشخصه وإنما بما يمثله من الناحية السياسية والعسكرية، والتي قد يساعد انخراطها في تسوية سياسية في طي صفحة الحوثي وطي صفحة الحرب، وأيضا في تطبيع الحياة فيما بعد الحرب، وفق التوازنات التي كانت ولا تزال تحتاجها البلاد لتعود لحالة السلم..
وفق المعطيات الراهنة، أظن أن لا شيء يمنع المملكة كما القوى الدولية ومحسن وصالح من التفكير بهذه الطريقة والتوصل لمثل هكذا تسوية، فالتسويات هي ما تنتهي إليه الحروب المشابهة في العادة..
المقالات الاقدم:
أحدث المقالات - من جميع الأقسام:
مقالات متفرقة:
المقالات الأكثر قراءة:
- منظمة الصحة العالمية : 10 آلاف قتيل و60 ألف جريح حصيلة حرب اليمن - 2018/12/10 - قرأ 127117 مرُة
- اليمن .. معركة جديدة بين قوات هادي والحراك الجنوبي في شبوة - 2019/01/09 - قرأ 26806 مرُة
- غريفيث لمجلس الأمن: هناك تقدماً في تنفيذ اتفاق استوكهولم رغم الصعوبات - 2019/01/09 - قرأ 26098 مرُة
- تبادل عشرات الأسرى بين إحدى فصائل المقاومة اليمنية والحوثيين في تعز - 2016/06/01 - قرأ 20467 مرُة
- المغرب يكشف عن "تغير"مشاركته في التحالف - 2019/01/24 - قرأ 17775 مرُة