drawas

454x140

التاريخ: الرئيس صالح وحد اليمن ومزقه الموفنبيكيين

alhubishiإن التاريخ دائماً لا يَذكُر ولا يُذكر بالتفاصيل، وإن ذكرها تكون في أحسن تقدير مشوهة ومختلطة في بعضها أو مزورة في معظمها أو من صناعة المنتصر في المرحلة الزمنية المعينة بذاتها التي قامت بكتابته لخدمة مصالحها. لذا فإن التاريخ عادةً ما يذكر العناوين الكبيرة المكتوبة ببساطة وبجلاء ووضوح.

قد يذكر التاريخ على سبيل المثال بأن الرئيس السابق علي عبدالله صالح هو من قام بتوحيد اليمن، ولن يذكر تفاصيل الشيطان بأنه أيضاً كان المسؤول عن تمزيقه وعن تفشي الفساد ونشر الفتن بين الناس وتدمير التعليم والثقافة والأخلاق والتنازل عن أراضي البلاد وتجهيل الشعب والتآمر عليه.

وقد تكون أيضاً من العناوين التاريخية البارزة؛ "أنه بعد أن قام صالح بتوحيد اليمن تآمر عليه الكثير من الأعداء في الداخل والخارج وقاموا بمحاولة اغتياله وهو يؤدي صلاة الجمعة في محراب الجامع مع مجموعة من رجالات الدولة اليمنية، وذلك انتقاماً على قيامهم بتوحيد اليمن. ورغم فشل محاولة الاغتيال إلا أن الأعداء استطاعوا أن يحكموا السيطرة على البلاد بعد إخراجه منها للعلاج". وسيضيف التاريخ بأنه "ما إن استتب لهم الأمر في البلاد حتى قاموا باستدعاء الأجانب مع العرب والعجم ووضعوا اليمن تحت وصايتهم ومشورتهم. فقام الأجانب بجمع 565 يمني من أتباع هؤلاء الخونة ليتولوا تمزيق اليمن إلى أقاليم متعددة".

وقد يواصل التاريخ كالآتي: "فانتحل هؤلاء النفر من اليمنيين المنتدبين من الأوصياء الأجانب، الذين تم تسميتهم بالموفنبيكيين، صفة تمثيل اليمن دون أي مسوغ شرعي أو قانوني، وقاموا بالموافقة على تنفيذ مخطط تقسيم اليمن الذي تم رسمه في الخارج إرضاءً لشركات النفط الأجنبية مقابل الفتات من المال بالعملات الأجنبية التي كانت ترمى لهم يومياً على موائد الخيانة ولمدة سنة كاملة زمن إنجاز هذا المخطط". وقد يضيف التاريخ "إن هذه العملية الإجرامية تعتبر أكبر خيانة عرفها التاريخ في العالم من حيث أن أبناء البلاد هم أنفسهم من تولوا القيام بارتكابها نيابة عن القوى الأجنبية في سابقة خطيرة من نوعها قد لا تتكرر في أي بلدِ آخر، بينما تقوم كافة الشعوب الأخرى في المنطقة مثل الشعب المصري والسوري والتونسي وغيرهم في مناهضة التدخلات الأجنبية السافرة بكل أنواعها وأشكالها.

هذا ما قد يسجله التاريخ إن تم لا سمح الله تقسيم اليمن إلى أقاليم متعددة دون وجود مبررات موضوعية أصيلة سوى الاستهلال لمقدمات تقسيمه بشكل نهائي وكامل. فهل يعي هؤلاء (الموفنبيكيون) كناية بإسم الخان الذي يحتضن مؤتمر الخيانة، ما هم مقدمون عليه؟ أم أن هذا لا يعنيهم؟. إنه فعلاً لا يعنيهم لأن وجودهم لا يمثل إلا تكملة عدد لأداء وظيفة (الكومبارس) المصاحب لتنفيذ المؤامرة باحتراف سياسي فريد من نوعه لدرجة أنه لم يتم حتى الالتزام باللوائح الداخلية والقوانين المنظمة لسير هذه العملية السياسية الموفنبيكية البيزنطية المبتكرة.

بينما تتم على نفس السياق الثوري مفارقات بنسبة 180 درجة عن المعطى اليمني، وهي خروج مصر من عنق الزجاجة، وذلك بالاستفتاء بـ(نعم) على دستورها المعدل بتحد شعبي كبير ضد كل المؤامرات الخارجية بما يقضي نهائياً على جماعات التطرف، وتنطلق مجدداً لإكمال خارطة الطريق السياسية. وعلى نفس المستوى يصنع الشعب التونسي دستوره الجديد لإقامة دولته المدنية الحديثة. أما في سورية، فتزحف إليه كل قيادات الاستخبارات الغربية متوجهةً إلى (الأسد) تستسمحه وتستعطفه للتعاون معها للقضاء على كل الإرهابيين، الذين تم تصديرهم إلى بلاده، وذلك خشية من عودتهم لنشر الإرهاب في دولهم بما يعني انتصار سورية الأسد على كل المؤامرات الإقليمية والدولية.

إذاً ماذا سيسجل التاريخ عن اليمنيين الذين يمتلكون كل المقومات لبناء دولة حقيقية متكالمة سوى أنهم استسلموا بكل رضى وخنوع لإرادة القلة منهم المجرورة بأهوائها الفاسدة المجردة من كل القيم الوطنية والأخلاقية؟

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

كاريكاتير