لم يكن حادث العرضي عرضياً، ولم يكن بنيران صديقة أو خللاً فنياً أو تكتيكياً في مناورة حربية حتى يحدث ذلك الكم من الضحايا، وحتى يتباطئ المحققون في التحقيق وتصرح الأجهزة المعنية بالفاعل، ولقد تباينت الآراء وتعددت التحليلات وتضاربت الأقوال وأضحت بعض الأطراف تلمّح بالفاعل، فيما البعض الآخر قد صرّح به، ولكن العجيب في الأمر أن تستبق فئة هذا الحادث وتتهم به غيرها، وكأنها تقول (ستقولون أني الفاعل) كما هي العادة في كل حادث إرهابي وتخريبي!
حادث العُرضي (مجمع الدفاع) وبتلك الاستماتة والبشاعة، بل والبراعة في نفس الوقت، لم يكن يستهدف مريضاً أو مرافقاً له أو مُمرضاً أو طبيباً أو حتى جندياً أو ضابطاً بقدر ما يكون يستهدف صيداً ثميناً؛ إما رئيساً أو مستشاراً، إلا أن القدَر حال دون ذلك، وبهذا الصيد يكون الفاعل قد أثبت قوته ووجوده على الأرض من جهة، وخدم غيره.. وهذا هو المهم من جهة أخرى، وهو المتربص عند كل حدث وهفوة للرئيس وللحكومة وللقوى الممثلة للتغيير، فيجد هذا المتربص الفرصة للانقضاض على السلطة والعودة بها إلى رِحاله على أساس أنه منقذٌ في زمنٍ يصعب على أحد غيره المغامرة لهذا الأمر، فهو أدرى بدروب السلطة وشعاب الحكم، وله تجربة سابقة، أضف إلى ذلك أنه ما زال له أثر ونفوذ في جميع سلطات الدولة، وله من الحلفاء من يؤازرونه في هذا الأمر، ويمتلكون من الإمكانيات الهائلة ما يعينهم على تحقيق هذا الهدف المنشود وعودة الملك المفقود!
حادث العرضي جعل البعض يخرج بآراءٍ متناقضة تستهدف خلط الأوراق وجعلها ركاماً فترى الشك والحيرة والتضليل تخرج من خلاله، فيضع قوسين ويضع بينهما أن المتهم في الحادث لا يخرج عن (علي أو علي أو علي) وبعيداً عنهم جميعاً وعلى فرضية "لمعرفة الفاعل فعلينا معرفة المستفيد" ومما لا شك فيه أن أحد هؤلاء (العلاعلة) مهووس بداء السلطة وحب الظهور، وهو المستفيد الأول، ثم يأتي بعده (معلول) بداء الانفصال ومتيم بالتشظي، وكلا المعلولَين فقدا منصبيهما. أما (عليٌ الثالث) وهو (اللواء علي محسن) ليس بحاجة ولا مستفيد من هذا الفعل، فهو في منصبٍ لا يطمع فيه إلى غيره، وما عُين فيه إلا لفاعليته في الثورة والتغيير والمرحلة الانتقالية، وإيمانا من غالبية المحكومين والحاكم والقوى الوطنية الفاعلة، وكذلك القوى الخارجية التي تؤمن بأن (اللواء) ركناً رئيساً من أركان المرحلة الراهنة..
لم يفقد اللواء مهابته ولم يخبو نجمه ولم تتناقص شعبيته؛ إذ مازال رقماً موجباً وصعباً، مجلسه لا زالت تحضره النخب السياسية والفكرية ومعظم تكوينات المجتمع التواقة للتغيير والحرية، ومكتبه كل يوم في استقبال للوفود والسفراء وما من وافد ذو سلطة قادم من الخارج إلا وعرج على مكتب اللواء وهاتفه مشغولاً باتصالات من سبق، ما زال اللواء يُدعى ويُطلب ويُستشار، وحضوره في أي محفلٍ له قيمته وقدرهُ.. فيما غيره ينتِظر على أبواب المناسبات ويتربص ويكمن للأحداث ويستبشر بالمصائب علّهُ يجد مناسبةً إما ليبعث برقية عزاء أو تهنئة أو ينتظر بفارغ الصبر ولو حتى لمجموعة من الأطفال ليخرجوه من عزلته ووحشته بعد أن عاف مجلسه كبار القوم من العقلاء والشرفاء والوطنيين وليجد مادة إعلامية يطل من خلالها لتسلو نفسه ونفس المتيمين به..
إنّ مصداقية وشفافية وإخلاص الحاكم والحكومة هي التي ستؤكد هذا الرأي أو تدحضه وتنقذ الوطن.. وكلنا ذوو خطأ..
المقالات الاقدم:
أحدث المقالات - من جميع الأقسام:
مقالات متفرقة:
المقالات الأكثر قراءة:
- منظمة الصحة العالمية : 10 آلاف قتيل و60 ألف جريح حصيلة حرب اليمن - 2018/12/10 - قرأ 127117 مرُة
- اليمن .. معركة جديدة بين قوات هادي والحراك الجنوبي في شبوة - 2019/01/09 - قرأ 26806 مرُة
- غريفيث لمجلس الأمن: هناك تقدماً في تنفيذ اتفاق استوكهولم رغم الصعوبات - 2019/01/09 - قرأ 26098 مرُة
- تبادل عشرات الأسرى بين إحدى فصائل المقاومة اليمنية والحوثيين في تعز - 2016/06/01 - قرأ 20467 مرُة
- المغرب يكشف عن "تغير"مشاركته في التحالف - 2019/01/24 - قرأ 17775 مرُة