مات ودود.. بالأمس القريب كنت أفكر بعد أن عرفت أنه في غرفة العناية المركزة والتي يحلو لي تسميتها: الـ إن عـاش.. هل سيعيش ودود لنضحك سوية كما فعلنا قبل أكثر من عقد ونصف من الزمن؟!... ودود.. الذي يحب الحياة بقوة تؤدي إلى الموت.. مات فعلاً.. كانت صدمة.. ولكن الموت أصدق من صدمتي وصدمة محبيه ومن عرفوه..
عرفت عبد الودود محمد المطري الشاعر والكاتب الساخر والصحافي صيف 2000م في القاهرة.. كانت أول زيارة لي لمصر وقتها التي قدمت إليها من سورية.. تعرفت عليه صدفة في الشارع وبمجرد أن عرفني كان ودوداً معي حيث كان زميلاً لوالدي وأعمامي في نادي الطليعة بتعز في بداية شبابهم.. فالودود كان رياضياً ويتمتع بروح رياضية لعله فقدها في السنوات الأخيرة نتيجة لضغوط الحياة وأعبائها وشعوره بالخيبة وهو شعور مشترك بين كل اليمنيين ولكن بنسب متفاوتة.
دمشق التي كنت أقطنها زارني فيها أكثر من مرة وأقام عندي في منزلي أيام العزوبية حيث كان يحرص على الاتصال بي منذ وصوله مطارها.. الرجل كان يقرأ كثيراً وفي كل زيارة يأتي حاملاً معه كتباً وروايات ويعود ومعه عدد أكثر مما حمله وهو قادم.
الغربة التي بدأها المطري عربياً وصفها بالتيه عندما باتت في الغرب وهناك في لندن تحديداً التي توفرت له فرصة وصولها لعلاج ابنه (فهيم) وصف غربته بالتيه بعد أن تحولت من رحلة علاج لابنه إلى قصة لجوء والتحاق بالمعارضة التي تشكلت هناك بعد العام 1994م، فيما كان يسمى جبهة (موج).
وهذه الرحلة كان قد عاد منها عندما التقيته في القاهرة وحينها أهداني نخب تلك الرحلة المتمثل بكتاب (تائه في بلاد الإنجليز) الذي سرد فيه حكاياته مع الغربة والمغتربين اليمنيين.. ثم فاجئني بكتاب آخر بعنوان (77 لعنة) عندما التقيته في دمشق في وقت لاحق.
وفي اليمن التي عاد إليها بعد غربة طويلة وقد تصالح مع النظام أو مع نفسه كما كان يقول لي عاد ليعيد لصحيفته (الراصد) الروح ولكنها لم تقاوم المزاج السائد فوجد نفسه أمام تجربة جديدة حينما تم تعيينه مستشاراً إعلامياً مساعداً في سفارتنا بالقاهرة لسنوات طويلة انتهت بعد ثورة 11 فبراير 2011م، ولعلها أكثر سنوات حياته هدوءاً واستقراراً.
جمعتني به أكثر من مناسبة في دمشق بينها مقيل بحضرة أحد أمراء بيت حميد الدين وهو الأمير الصديق علي بن إبراهيم الذي كانت له فيلا في ضواحي دمشق..لا أنسى أن ودود يومها عبر بجرأة عن مكانة وأهمية ثورة 26 سبتمبر ولم يكن المقام الإساءة لها ولكنه كان يشعر بالاستفزاز ربما لأننا في حضرة الأمير الذي كنا نحاكم معه وقائع التاريخ بروح من التجرد والموضوعية.. وقد أورد ودود في كتابه (تائه في بلاد الانجليز) قصة زيارته للإمام محمد البدر في مقر إقامته في (كنت) ووصيته الأخيرة.
آخر لقاء بالصديق عبد الودود المطري كان في القاهرة قبل بداية هذا العام بأيام وكعادته كان متأهباً لاستقبال عام جديد 2015م على أمل أن تتغير الأحوال إلى أحسن ولكن الموت كان سباقاً ولم يمهله لرؤية شيء مما كان يحلم به.. كما لم يسعفني لرؤيته مجدداً عندما كان يحاصرنا التوتر والقلق لدرجة كان معها غاضباً مني وتستفزه كلماتي وكلمات غيري في الفيس بوك.. فهل كان يشعر بالأجل ويقول لي بصمت لا تستعجل؟!.. فهو اليوم تائه في ملكوت ربه...!!
رحمك الله يا ودود وعصم قلوب أهلك ومحبيك وألهمهم الصبر والسلوان.. وإنا لله وإنا إليه راجعون..
المقالات الاقدم:
- جماعة أنصار الله طائفية وخطر ذلك على اليمن والمنطقة - 2015/03/12
- الامنية العليا تطلع على تقدم الحوار السياسي وتقر اضاافة قيادات إلى عضويتها - 2015/03/11
- مسيرتان حاشدتان ضد (انصار الله)الحوثيين في صنعاء وتعز - 2015/03/11
- السعودية ترفض التدخل في شؤونها وللآخرين رفض تدخلات المملكة في أراضيهم - 2015/03/10
- زعيم الحوثيين يهاجم للإصلاح - 2015/03/10
أحدث المقالات - من جميع الأقسام:
مقالات متفرقة:
المقالات الأكثر قراءة:
- منظمة الصحة العالمية : 10 آلاف قتيل و60 ألف جريح حصيلة حرب اليمن - 2018/12/10 - قرأ 127117 مرُة
- اليمن .. معركة جديدة بين قوات هادي والحراك الجنوبي في شبوة - 2019/01/09 - قرأ 26806 مرُة
- غريفيث لمجلس الأمن: هناك تقدماً في تنفيذ اتفاق استوكهولم رغم الصعوبات - 2019/01/09 - قرأ 26098 مرُة
- تبادل عشرات الأسرى بين إحدى فصائل المقاومة اليمنية والحوثيين في تعز - 2016/06/01 - قرأ 20467 مرُة
- المغرب يكشف عن "تغير"مشاركته في التحالف - 2019/01/24 - قرأ 17775 مرُة