drawas

454x140 صوت واضح

هل كانت ثورة 11 فبراير ثورة الإصلاح فقط؟

المهندس عبدالرحمن البخيتيبكل تأكيد الجواب لا. رغم تصدر المشهد حزب الإصلاح لكونه أكبر أحزاب المعارضة آنذاك وأيضا المحاولة الدائمة من الأحزاب المعارضة للثورة أو بعض من انقلبوا عليها يحاولون بشتى الطرق والوسائل إلصاق الثورة بالجماعات الدينية وبحزب الإصلاح خاصة وذلك لأسباب سياسية بحتة ومحاولة تحييد بقية القوى السياسية عن الصراع المحتدم والذي تطور فيما بعد إلى صراع عسكري مباشر.

ولكن تظل الحقيقة قائمة بأن ثورة 11 فبراير هي ثورة كل قوى الشعب اليمني بكافة أطيافه واتجاهاته، ربما بسبب السبق المطلق للسيدة المناضلة توكل كرمان في قيادة الاحتجاجات ولأنها تنتمي لحزب الإصلاح فإن الحزب هو من كان يحركها ويوجهها وهذه معلومة مغلوطة وتنتقص من ثورية هذه المرأة الجبارة، ومن خلال متابعتي لهذه الثورة العظيمة من خلال اللقاء الدائم بشباب يشاركون في فعاليات الثورة رغم عدم انتمائهم لأي فصيل سياسي أو جماعة حزبية أو غيرها بل العكس من ذلك كان لديهم أثناء الثورة وقبلها وحتى اليوم بعض التحفظات الكبيرة عن حزب الإصلاح، ومع ذلك وجدت أن هؤلاء الشباب ارتبطوا بعلاقة ثورية قوية مع المناضلة توكل كرمان وهي وحيدة لا رفيق لها إلا زميلة لها ترافقها مثل ظلها وتدافع عنها بكل بسالة تخونني الذاكرة الآن في تذكر اسم هذه المرأة البطلة..

وللتدليل على ذلك فقد كانت السيدة كرمان تبحث دائماً عن من يناصرها ويقف معها من شباب الثورة بمختلف مشاربهم السياسية والمناطقية وتجول في الخيام وتحث الشباب على التجمهر ومواصلة الاحتجاجات، ولأن الشيء بالشيء يذكر سأورد لكم بعض الأحداث من ساحة التغيير في بداية تأسيس الساحة وإقامة الخيام فيها، فقد تم نصب خيمة من بعض شباب قبيلة الحدأ أذكر أسماء البعض منهم والذين تعرفوا على الثائرة توكل كرمان وخاضوا معها أصعب المراحل الثورية ورافقوها في كثيرا من تحركاتها الاحتجاجية من هؤلاء الثوار غير المنتمين لحزب سياسي آنذاك وبعضهم غير منتمي حتى اليوم منهم أحمد عبد العزيز سعد البخيتي، وأكرم سعد داعر البخيتي، وعبد الله علي حمود البخيتي، وعلي يحيى سعد البخيتي.. هؤلاء النماذج الثورية تعرّفت عليهم الأخت توكل كرمان وأعجبت بحماسهم وقوة عزيمتهم وثقافتهم الثورية المميزة فطلبت أن يرافقوها في أقوى الاحتجاجات وأكثرها دموية وعنف من قبل السلطة الحاكمة مثل الاحتجاج أمام مجلس الوزراء.. تلك الحادثة الشهيرة التي استشهد فيها الكثير من أبناء اليمن وأصيب وجرح الكثير والتي كادت كرمان تدفع حياتها فيها لولا بسالة تلك المرأة المرافقة لها والتي دافعت عن توكل وحمتها بجسدها وأخرجتها من المشهد سالمة فتحية لها من مرافقة بطلة وفيّة، وإن جهلنا اسمها فإننا عرفنا فعلها، وكان من بين هؤلاء الشباب الذين ذكرتهم وكاد يفقد حياته في موقعة رئاسة الوزراء هو الشاب البطل أكرم سعد داعر البخيتي والذي لولا عناية الله لكان مع الشهداء فقد أوسعه الجنود ضربا وركلا حتى ظنوه ميتاً بعد أن فقد وعيه وتم إسعافه بواسطة أحد الموتورات كأحد الشهداء ولكنه والحمد لله ما زال هو ورفاقه الذين ذكرتهم سابقاً أحياء ويرزقون وسيصل إليهم مقالي هذا بالتأكيد.

وزيادة في توضيح أنها ثورة كل الشعب وكل القوى السياسية والمستقلة وليست ثورة الإصلاحيين لوحدهم اختتم مقالي هذا بقصة طريفة حدثت للسيدة توكل كرمان وللشباب الذين ذكرت أسمائهم سابقا وكما رووها لي بعدها بيوم وهم يضحكون وقد بدأت الحكاية بقدوم السيدة توكل كرمان إلى خيمة قبيلة الحدأ ومعها مرافقتها الشجاعة المجهولة وكانت قد مرت على بعض الخيام الأخرى وقد قالت السيدة كرمان موجهة كلامها لشباب الحدأ (صدقوني إخواني الأعزاء أنني أشعر بالأمان معكم كثيراً عندما ترافقونني وهذا ما أشعر به الآن وأطلب منكم أن نخرج هذه اللحظة لقيادة مسيرة جديدة إلى الساحة وقد مررت على بعض الخيام وهم منتظرين لخروجي معكم)، هب الشباب معها وانطلقوا باتجاه جولة كنتاكي ومعهم بعض الشباب من الخيام الأخرى وبعد تجاوزهم لجولة كنتاكي والاقتراب من تقاطع شارع الجزائر قرروا أن تنطلق المسيرة من هناك، فالتفتوا خلفهم وعن شمالهم ويمينهم ولم يعد معهم أحداً من الشباب، ومع ذلك قرروا الشباب الأربعة والسيدة توكل كرمان ورفيقتها المخلصة التحرك من هذه النقطة والناس ستحتشد معهم على طول الخط حتى الساحة. وبينما توكل كرمان تفتح شنطتها اليدوية التي تحملها معها دائما لإخراج مكبر الصوت منها فجأة يكتشف الجميع أنهم مطوقون بجنود أكثر منهم وبكامل عتادهم العسكري وعلى الفور يصيح أحد الجنود "إمشوا من هنا، اذهبوا قبل أن يقع يومكم اليوم" رغم المفاجأة للثوار إلا أنهم تمالكوا أنفسهم وخاطبوا الجنود قائلين "نحن في الشارع ولا نزعج أحداً.. هذا شارع عام للجميع" فرد عليهم أحد الجنود "امشوا.. أنتم الآن أمام مكتب الفندم أحمد علي" فتفاجأ الثوار لأنهم لا يعرفون بوجود مكتب لأحمد علي أو غيره، وتحركوا ببطء وقلق عائدين من حيث أتوا، وما إن ابتعدوا عن حراسة أحمد علي حتى نظر بعضهم إلى بعض وانفجروا ضاحكين من الموقف الصعب الذي كانوا فيه ولسان حالهم يردد المثل الشعبي (يا رازقي لا فمه) ورغم ذلك ما إن وصلوا إلى جوار عمارة لا إله إلا الله إلا وقادوا مسيرة بدأت بهم الثوار الستة ولم تصل الساحة إلا وهي مسيرة احتشد فيها المئات بل الآلاف غالبيتهم من المستقلين وقوى سياسية أخرى غير حزب الإصلاح.

فلا تحاولوا سرقة ثورة شباب الشعب اليمني وتجييرها لصالح طرف سياسي، لا تحالوا أبداً فلن يصدقكم أحد من شباب اليمن لأنهم كانوا هناك في الساحات وما زالوا مستعدين للنزول للساحات مرة أخرى.

كاريكاتير