drawas

weeb y

وجع العيش وقهر عمالة الأطفال

ali alshibanyللحروب آثارها المدمرة ولاشك ، لكن هناك ما هو أكثر وجعا من الحرب ذاتها ودماءها المسالة ، خاصة حروب الجغرافية العربية .

في العالم جرت حروب كثيرة وبدوافع متعددة ، غير ان المجتمعات التي بليت بها خلصت إلى قناعة بضرورة تجاوزها بغض النظر عن تكلفتها وأسبابها .

فالعالم الاول تحولت مضمون صراعاته إلى صراعات اقتصادية وتنافس انتاجي شملت مجمل حاجات الانسان خارج عالمهم بما في ذلك وسائل وأدوات الموت .

هناك من بلدان عالمنا الثالث في افريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية من خسروا كثيرا في حروبهم البينية ، غير أنها أفضت بهم في نهاية المطاف الى نتائج ايقاف الحروب والاتفاق على حلول شكلت ارضية صلبة لقادم حياتهم على جميع المستويات اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا ، وأظن ما جرى في رواندا هذه الدولة الافريقية التي خاضت حربا عنصرية وعرقية مخيفة بين قبائل التوتسي والهوتو ، وقد شاهد جميعنا على شاشات التلفزيون حجم الحقد المتبادل والذي عبروا عنه بعدد القتلى وتلك الصور البشعة في قتل بعضهم بما في ذلك الاطفال والنساء ، وبلوغ عدد ضحاياهم الملايين ، غير انهم في نهاية المطاف خلصوا الى قناعة جماعية بضرورة إيقاف الحرب والبدء ببناء نظام سياسي اوصلهم بعد سنين قليلة الى حالة لافتة من التقدم الاقتصادي والسياسي والاجتماعي ، مستفيدون في ذلك من سنوات الضياع وعدد القتلى والخسائر الاخرى التي منيوا بها على مستوى كامل البلاد والعباد .

في وطننا العربي يختلف الأمر تماما ، فقد ظلت منطقة ساخنة تهيمن عليها الحروب منذ 1400 عام بدوافع مختلفة ، غير أن الحروب المذهبية ظلت هي الطاغية على ما دونها كما يحدث اليوم في أكثر من قطر عربي.

الأمر الأكثر أسفا أن حروبنا تجر الى حروب أكثر ضراوة من سابقاتها ، وعداواتنا تتضاعف وخصوماتنا تكبر وفرقتنا تأخذ أشكال متعددة وغير متجاوزة كما هي العادة لاستجرار أحداث وصراعات مرت عليها أكثر من 1400 عام .

كما أشرت فإن حروبنا أكثر دموية في التعبير عن حقد أطرافها ، وبالتالي فإن مترتباتها لا تقل خطورة عن أسبابها وبما يقود كالعادة الى حروب تمثل امتدادا لبعضها وبحقد ودموية مضاعفة ، خاصة هنا في اليمن .

الفقر وعمالة الأطفال أكثر ما يمكن مشاهدته على أرض الواقع وبشكل يومي ، من خلال الكم الهائل لعدد الشحاذين وكم الاطفال العاملين في كل المجالات الخدمية ، في مقابل الانتشار اللافت لعدد المباني الشاهقة والقصور المشيدة بتلك المناظر والمظاهر الباذخة .

كغيري ، كم أشعر بالضيق والوجع وأنا أصادف أطفال بأعمارهم الصغيرة وقد تركوا المدارس والتحقوا بأعمال لا تناسب أعمارهم البتة ، نتيجة للفقر وحاجات أسرهم اليومية لتوفير لقمة العيش .

وكلما طالت الحرب كلما كثرت عدد الأسر الفقيرة وما يترتب على ذلك من مضاعفة لعمالة الأطفال في كل المدن اليمنية الرئيسية والفرعية منها بما في ذلك الأرياف.

في كل مرة أجد نفسي متوترا من هذا الأمر ، وكم من المرات قررت البقاء في البيت تجنبا لما يثيرني على هذا الصعيد ، غير أن لقمة العيش تضطرني كغيري من الناس للخروج بحثا عما يفي بالتزاماتي وحاجات أسرتي ولو بحدها الأدنى ، فمتى يا ترى سيصحى المواطن ويثور على مجمل هذه الاوضاع ويخوض تجربة بناء الدولة المدنية ، دولة النظام والقانون بنفسها الديموقراطي ... لله الأمر من قبل ومن بعد !!

كاريكاتير