drawas

454x140

الحرب اليمنية-الأمريكية.. صراع بين حق دائم وباطل زائل

mansor zendany أمريكا بكل ما تملك من اسباب القوة المادية شاركت في الحرب ضد غزة مع العدو الصه-يوني منذ لحظاتها الأولى (٢٠٢٣/١٠/٧) بطريقة مباشرة وغير مباشرة مع البعض من حلفائها وخاصة بريطانيا والمانيا وفرنسا وايطاليا واستراليا والاف المرتزقة الدوليين المحاربين من دول عديدة أمريكيون واسيويون واوروبيون وغيرهم الذين تقاطروا إلى الكيان من دول شتى ، وكانت نتيجة العدوان على غزة قتل اكثر من خمسين الف جُلهم من الأطفال والنساء والمدنيين وأكثر من 150 الف جريح، كما فرضوا على سكانها حصاراً من كل الاتجاهات البحرية والبرية، ومارسوا بكل صلف على نحو مليونين من أبنائها حرب بشعة من التجويع والعطش والتشريد والتهجير القسري، والحرمان من الدواء وسُرقت ممتلكاتهم الخاصة والعامة، واجمعت دول العدوان على رفض وتعطيل العمل بقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة الداعية إلى وقف فوري لإطلاق النار ورفع الحصار، واستمروا بتخطيط مسبق في القتل من أجل القتل وتدمير مدينة غزة بطريقة ممنهجة حتى لا تكون صالحة للعيش.
لقد نفذ الكيان والولايات المتحدة أكبر الجرائم ضد الإنسانية في غزة وجرائم حرب متعددة ومتنوعة لم يسبق لها مثيل في تأريخنا المعاصر، وتحول جميع من شارك بتلك الجرائم إلى ابطال في أوطانهم، رغم انهم مجرمون في نظر العدالة الدولية.
لكننا ندرك أن الكيان ومعه حلفائه وفي مقدمتهم حكومة واشنطن لم يعد يهمهم في سبيل تحقيق اغراضهم الشريرة وغير الإنسانية لا قانون دولي ولا قانون دولي إنساني ولا اتفاقيات دولية ولا أمن جماعي ولا سلام دولي، ولا قرارات مجلس الأمن الدولي أو قرارات الجمعية العامة، ولا دين ولا قيم ولا أخلاق ولا أعراف دولية أو إنسانية ولا حقوق الإنسان ولا حقوق المرأة أو حقوق الطفل ، لقد مارسوا الإبادة الجماعية بكل اشكالها على سكان غزة بكل ما تمتلكه جيوشهم من قوة عسكرية جوية وبحرية وبرية، واستخدموا قدراتهم الإعلامية لتظليل الحقائق على شعوبهم وعلى العالم، ومارسوا التهديد والوعيد بل والحرب الفعلية على كل من يفكر أن يقدم أدنى مساعدة لأبناء غزة حتى وان كانت شربة ماء او بعضاً من الدواء.
 لقد مارسوا أساليب المستعمر الدولي القديم بتطهير الأرض من أبنائها وتطهيرها ايضا من كل ما عليها من مدارس وجامعات ومستشفيات وبنية تحتية وكهرباء ومساكن وآبار، وقدموا بصورة واضحة لا لبس فيها حقيقة الاستعمار الدولي الجديد بصورته البشعة، انها تلك السياسات التي تمارس اليوم على أوسع نطاق ضد غزة وسكانها، لا لسبب الا أن الكيان المحتل يطمع بالتوسع في الأرض الفلسطينية ، اما ترامب فقد قرر ان يُشبع غروره ببذله كل السبل لتملك غزة، كما اوضح ذلك مرات عديدة بهدف انشاء مشروعا سياحيا تجاريا يريد أن ينجزه في غزة الجميلة بحسب قوله .
 
*السقوط الأمريكي في الحرب على غزة* 
 إن هذه الرغبة الشيطانية الطائشة والقرارات الأمريكية العشوائية في السياسة الدولية ليست الا عناوين خطرة لطبيعة العلاقات الدولية المعاصرة في العصر الأمريكي الجديد كما يراها ترامب. 
ان ما يجري من عدوان بائس أمريكي وصه-يوني وحشي تجاه غزة وابنائها لا يقبل به عقل سليم، ولا انسان سوي في دينه وقيمه وأخلاقه.
 لقد سقط ترامب كما سقط من قبله بايدن في جرائم حرب الإبادة التي قاموا بها ضد سكان غزة وسقط معهم ايضا المجرم النتن-يا-هو، وضاعت قيم الحق والعدالة والقيم الإنسانية التي ظلت واشنطن تُسوقها كذباً لعشرات السنين كمبادئ انسانية امريكية خالصة تُميزها عن غيرها من حكومات العالم المستبدة.
وفي بحر مليء بالخزي والمهانة والخيانة صنعه تحالف الشر الغربي ، سقط ايضا البعض ممن ينتمون إلى الأمة العربية والإسلامية من النخب السياسية والمسؤولين الذين كان لهم دورا واضحا في تمزيق روابط الأخوة العربية والأخوة الإسلامية ، حين سكتوا عن العدوان ضد غزة بل ان بعضهم ذهب متخفيا للتعاون معه بشكل مباشر او غير مباشر، بإعتبار ان غزة وفلسطين لم تعد تعنيهم لا من قريب ولا من بعيد ، متجاهلين بذلك طبيعة المعركة الجو-سياسية التي لازالت الأمة العربية والإسلامية تعيشها في مواجهة العدوان الصه-يو-صلي-بي المستمرة منذ قرون ، خاصةً وأن الاستعمار الدولي الجديد ليس الا امتداداً للإستعمار الدولي القديم ، الذي احتل في الماضي كل جغرافية الوطن العربي والعالم الإسلامي ولم ينجو منه إلا اربع دول منها اليمن ، من مجموع سبع وخمسون دولة عربية وإسلامية .
إن ما يجري في وطننا العربي وعالمنا الإسلامي اليوم في العراق ولبنان والسودان وليبيا وسوريا وغزة والضفة الغربية وزرع الكيان الصهيوني في فلسطين عام ١٩٤٨م، وما جرى ويجري من حرب مباشرة على اليمن من قِبل تحالف حارس الشر "حارس الإزدهار"، سابقا ثم تلاه عدوان امريكي-بريطاني وصهي-وني، والآن عدوان أمريكي جديد واسع النطاق وبدعم غير خفي من حلفاء واشنطن الا دليل قاطع على ان الحرب متعددة الأسباب ولغايات استراتيجية تخوضها دول الاستعمار الدولي الجديد وحلفائها تنتهي بالسيطرة على منطقتنا العربية والإسلامية من جديد وذلك ما تؤكده أفعالهم واقوالهم . 
 نعم الآن المعركة موجهة فقط نحو غزة واليمن، الا أن هذه الحرب ليست الا جزء من معركة وجودية وانسانية، ومعركة حياة تخضوها اليمن وغزة دفاعا عن الدين ودفاعا عن الأمة .
 انها حرب مصيرية بين الحق والباطل، وبين الشر والخير وبين الحرية والعبودية وبين لصوص الأوطان وبين من يدافع عن سيادتها، انها حرب شرعية بكل قوانين العالم والقوانين الدولية دفاعا عن النفس وعن السيادة الوطنية وعن السلام والكرامة.
ومع ذلك يذهب الإعلام الغربي ويروج السياسيون الى ان الحرب ليست الا على غزة واليمن لأنهما يهددان الأمن والسلم الإقليمي والدولي في الشرق الاوسط، الذي تدعو لتغييره امريكا والكيان وحلفائهم الى شرق أوسط جديد، بحسب زعمهم.
 والحقيقة ان هذا التغيير المنشود أمريكيا وغربيا  ليس الا بهدف تحقيق حلم الكيان بإنشاء ما يسمى "إسرائيل الكبرى" على حساب دول المنطقة واعادة تقسيم كل دولة عربية وإسلامية لإضعافهم واستغلالهم إلى عدة دول جديدة.
 وهذا ما يلمسه كل متتبع لطبيعة ما يجري من حروب في المنطقة العربية والإسلامية خاصة في العراق وسوريا والسودان وليبيا والصومال واليمن كوجبة استعمارية أولى  لتحقيق خطة الدكتور اليهودي الصه-يوني الأمريكي برنارد لويس، وخلاصتها إعادة تقسيم الوطن العربي والعالم الإسلامي إلى أكثر من( 100) دولة، وهي الخطة التي اقرها الكونجرس الأمريكي بجلسة سرية عام (1983م).
اليوم الشعوب العربية والإسلامية كلها تشعر بالحزن والألم بسبب العدوان الهمجي الوحشي على غزة وعلى اليمن الا ان الَمَهم وقَهرَهُم يزداد من سلوك البعض من أبناء جلدتهم الذين يدورون ذهابا وايابا حول الحضيرة الأمريكية وحول ال-صه-يونية العالمية، وبحماقة جاهلية مقيتة يصطفون مع العدو ضد اشقائهم لا لشيء الا لأنهم غير قادرين على التمييز بين الحق والباطل حيث أصبحوا جزء من تحالف الشيطان "الاستعمار الدولي الجديد" ضد أمتهم العربية والإسلامية.
إن التطهير العرقي الممارس ضد الفلسطينيين والحرب على اليمن هو عمل عدواني وجنوني ضمن مخططات الأعداء، وهو جزء من حرب البداية نحو الحرب الكبرى الموجهة من قبل العدو ضد الأمة العربية والأمة الإسلامية، وهذا الأمر ليس جديدا لا في وقته ولا في وسيلة تنفيذه، فقد سبق ذلك بعض الحروب على أفغانستان وعلى العراق وعلى ليبيا، وتجري الآن أمثالها كحرب غزة أو الحرب على الضفة الغربية أو على بيروت ودمشق وطرابلس والخرطوم وبغداد وصنعاء ومقديشو، وجميعها ليست الا حروبا متتابعة صنعها الأعداء وشاركوا فيها في طريق المعركة الكبرى للإجهاز على الإسلام كدين وتشريع وحضارة، وايضا للتحكم والسيطرة والنفوذ على جغرافية وثروات الوطن العربي والعالم الإسلامي وهم لا يخفون ذلك كما يؤكد الكثير من السياسيين والأكاديميين الغربيين والأمريكيين .
معاركنا التي نخوضها ليست الا جزءً من حربنا الممتدة مع اعداء الأمة، وهي معركة إستراتيجية شاملة، حضارية وعقائدية وسياسية وعسكرية واقتصادية وثقافية وجيو-سياسية يمارسها العدو بحروبه الناعمة أو بحروبه الصلبة أو بالحروب الذكية أو بالوكالة ضد شعوب الأمة في كل مساحتها الجغرافية.
ان الاستعمار الدولي الجديد القادم الى اوطاننا يتمترس خلف شعارات وبرامج العدو الصه-يوني الماس-وني الصلي-بي من خلال ادواته في فلسطين وفي امريكا وبريطانيا والمانيا واستراليا وايطاليا وفرنسا وحلفائه الإقليميين والدوليين ومنظماتهم الدولية الحكومية وغير الحكومية.
 *إنها حرب شاملة في كل الميادين*
إنها حرب ضارية تدركها الأمة وتخوضها في ميادين كثيرة دفاعا عن الإسلام والحق والعدل والقيم والمبادئ وعن الأخلاق والتعليم والتكنولوجيا والصناعة ، انها حرب ندافع فيها عن قوانيننا وهويتنا الوطنية وعن القوانين والأعراف الدولية، وعن الحرية والكرامة والمساواة واستقلال قراراتنا وهي حرب ضد من اعتداء علينا ونصرة للمظلومين من اشقائنا وحماية سيادة دولنا وبحارنا وثرواتنا الاقتصادية في البر والبحر التي تنهب منا وتمارس علينا بشكل علني أو بطريقة مستترة ، وليس لذلك من بديل الا الاستسلام والخضوع للمستعمر الجديد وشروطه كما خضعت شعوبنا وحكامها للاستعمار في القرنين الماضيين التاسع عشر والقرن العشرين ، حيث لازالت الأمة تعاني من آلام المستعمر القديم وعبثه وفساده حتى يومنا هذا الذي نعيشه ، وما يجري في غزة وفي كل فلسطين من حرب بشعة الا شاهد على مؤامرات ومخططات الاستعمار في اوطاننا الذي لا يسمح للحكومات حتى بقول كلمة "لا" لأفعاله ومخططاته . 
*اسباب العدوان الأمريكي على اليمن وجهة نظر امريكية*
الرئيس ترامب وحكومته اليوم ولأكثر من شهر يقومون بعدوان غبي وبشع على اليمن استعراضا للقوة العسكرية الأمريكية . إنه عدوان يؤكد ان حكومة البيت الأبيض اصبحت خطر حقيقي على السلام العالمي لأن اعضائها عديمي الخبرة في السياسة الدولية او في التعاطي مع ازماتها، وهم غير مهتمين بالتعاون الدولي او الأمن الجماعي والسلام الدولي، وكل ما يعرفونه هو صناعة الأزمات لأنهم مجموعة من المغامرين المتطرفين، عاجزون عن إدارة دولة بحجم الولايات المتحدة الأمريكية سواءً في شؤنها الوطنية أو علاقاتها الدولية بكل تبعاتها السياسية والاقتصادية والعسكرية. أما سياساتهم الخارجية فهي سياسات يمينية متطرفة يعرف ذلك الأمريكيون كما نعرفها ويعرفها العالم كله، فهم يعتقدون ان أدول العالم إن لم تكن معهم وتنفذ رغباتهم وطلباتهم فهي دول تكره أمريكا وعدوة لها. ورغم انهم يعانون من مشاكل كثيرة مع العالم كله الا ان سياستهم الخارجية الجديدة تجاه الإسلام والمسلمين اليوم تنطلق في الأساس من مفهومهم للحروب الصليبية، وهذا ما أكده وزير الدفاع الأمريكي الجديد الذي تطوع كجندي للقتال في الحرب الأمريكية على العراق والحرب على الأمريكية على أفغانستان لأنه اقتنع انها حروب صليبية.
ان قرارات وسياسات حكومة ترامب وفريقه قد اكدت ان امريكا اليوم لا يحكمها قانون دولي أو قانون وطني، بل هي فوق كل القوانين، وسياساتها تمثل أكبر خطر يهدد أمن واستقرار العالم.
 إنهم اليوم ودون دول العالم يمارسون عدوانا ليس له سند قانوني على اليمن. فبحسب زعمهم انهم يدافعون بكل ما أوتوا من قوة لحماية أمن وسلامة الملاحة البحرية الدولية في البحر الأحمر . 
ومرة ثانية: يتجاهلون مسألة حماية الملاحة الدولية في البحر الأحمر ويعلنون أنهم بإعلانهم الحرب على اليمن انما هم في الأساس يدافعون عن حليفتهم "اسرا-ئيل".
 ومرة ثالثة: يؤكد ترامب نفسه أن امريكا تدافع عن مصالحها العليا في حربها على اليمن . 
وفي حالة رابعة هم يؤكدون أن حربهم ضد اليمن هي تطبيق لشعارات ترامب والحزب الجمهوري الحاكم "امريكا اولاً" في حملتهم الانتخابية.
 وخامسا: يؤكد صناع السياسات في البيت الأبيض ويصرون أنهم لا يحاربون اليمن، الا انهم يحاربون فصيلا فيه لأنه يهدد مصالح حليفهم الكيان المحتل لفلسطين متجاهلين ان الشعب اليمني وشعوب الأمة العربية والإسلامية يقفون صفا واحدا مع غزة وضد ممارساتهم الوحشية ضد الشعب العربي الفلسطيني .
وسادسا: يبررون عدوانهم على اليمن بأنهم إنما يحاربون الإرهاب الدولي ، علما أن مفهوم الارهاب ليس الا مصطلح سياسي غربي يتم توظيفه عند الحاجة من قبل الدول الغربية بهدف تحقيق أغراض سياسية لتشرعن لنفسها امام شعوبها الاعتداء على سيادة الدول النامية، وربما احتلالها وقتل خصومها خارج القوانين الوطنية أو القوانين الدولية، وتجاوزا لصلاحية القضاء بشقيه الوطني والدولي.
 وفي سبب سابع يقول صناع القرار الأمريكي أن حربهم على اليمن ليست الا رسالة استراتيجية لإيران، وكأنهم لا يعرفون الموقع الجغرافي لإيران .
وهنا نؤكد ان كل الأسباب السابقة التي تتستر بها امريكا ليست ذات حجية أو ذات معنى وفقا للقوانين الدولية لان مسألة ما يجري في البحر الأحمر امر لا يخص الولايات المتحدة ولا يهدد أمنها ولا مصالحها الحيوية، ولا حتى مصالحها الهامة أو الثانوية، لأن المعني بأمن وسلامة الملاحة البحرية عند الضرورة القصوى وفقا للقانون الدولي في البحر الأحمر هي الدول المشاطئة له أو مجلس الأمن الدولي، علماً ان المسافة بين البحر الأحمر والساحل الشرقي الأمريكي هي أحد عشر ألف كيلو متر.
 وللتوضيح فإن سلوك  اليمن في البحر الأحمر قانوني وفقا لقانون البحار اليمني ووفقا للقانون الدولي للبحار وايضا وفقا لمعاهدة قانون البحار والمحيطات الذي اقرته الأمم المتحدة عام ١٩٨٢ الذي وقعت وصادقت عليه اليمن وأكثر من ١٧٠ دولة بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، وتم سريان هذا القانون الأممي والعمل به منذ العام 1994م.
 *من عجائب العلاقات الدولية*
ومن عجائب العلاقات الدولية الأمريكية المعاصرة هو إدعاء حكومة واشنطن انها تعمل على حماية امن وسلامة الملاحة الدولية في كل بحار العالم بما في ذلك البحر الأحمر، الا ان امريكا رغم انها وقعت على قانون البحار الدولي برعاية الأمم المتحدة، الا انها من القلة القليلة جداً من دول العالم التي لم تصادق على ذلك القانون حتى هذه اللحظة، ونفس الموقف اتخذه الكيان المحتل لفلسطين الذي لم يوقع على القانون ولم يصادق عليه ايضا حتى يومنا هذا.
ولو أن اليمن في حالة اسناده لغزة قد خالف قانون البحار المقر من الأمم المتحدة وقوانين البحار الدولية الأخرى كما يزعم الكيان الصه-يوني وواشنطن ومن يتحالف معهما، لكان مجلس الأمن قد شكل قوة دولية مشتركة لاتخاذ ما يلزم لحماية امن وسلامة الملاحة الدولية في البحر الاحمر لان ذلك في نطاق اختصاصه ومهامه المتعلقة في قضايا حفظ السلم والأمن الدوليين.
 إن ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية من عدوان على اليمن هو عمل غير مبرر ومخالف لصريح القانون الدولي للبحار ومعاهدة الأمم المتحدة الخاصة بالملاحة الدولية ، وان الولايات المتحدة هي فعلا من تخالف القوانين الدولية البحرية وتهدد سلامة الملاحة الدولية في البحر الأحمر لأنها قد جعلت من نفسها شرطي العالم، وكما لو أنها ايضا قد أجازت لحكومتها في البيت الأبيض بأن تكون المحكمة الدولية العليا او الحكومة العالمية وأن وزارة دفاعها هي المنوط بها عالميا كقوة عسكرية لحفظ الأمن والسلم الدوليين نيابة عن العالم وعن مجلس الأمن الدولي.
 
*تخبط واشنطن في سياستها الدولية*
ان المشكلة الحقيقية هي في تخبط واشنطن في سياساتها الخارجية نحو العالم، فهي على اقتناع تام بأنها اصبحت الوريث الشرعي للنظام الدولي الجديد وقائدته، بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وتفكك حلف وارسو في تسعينيات القرن الماضي، لذلك هي تتحدث للعالم أجمع بأن القرن الواحد والعشرين هو القرن الأمريكي بلا منافس أو منازع، ومن ليس معها فهو ضدها وكنتيجة لهذا السلوك الأمريكي فهي في خلاف مع كثير من دول العالم، لذلك هي لا تعتمد على القوانين والأعراف الدولية لحماية مصالحها ولا حتى بالتوافق، وانما جعلت القوة بكل عناصرها كوسيلة لتحقيق أغراضها وحماية مصالحها، ولأن اليمن لم يستسلم لسياساتها العدوانية الجديدة، فقد تعرض لاعتداءات متعددة الأطراف  أمريكية وبريطانية وصه-يونية ومن قبل بعض الدول الغربية وحلفائها من دول جنوب شرق آسيا متجاوزين بذلك كل قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وقوانين البحار الدولية.
ولم تقف عند مخالفتها لتلك القوانين في اعتدائها على اليمن، بل انها تجاوزت ذلك بتوجيه معظم ضرباتها العسكرية الجوية والصاروخية من البحر نحو الكثير من الأعيان المدنية وقَتلت وجرحت الكثير من المدنيين، واُنتهكت فيها سيادة الجمهورية اليمنية الدولة العضو في الأمم المتحدة. 
إن هذا العدوان الجديد القديم على اليمن قد تجاوز قرارات مجلس الأمن الدولي بخصوص الحالة اليمنية المعقدة وكذلك تجاوز دور ومهام التحالف العربي، والتي من شأنها جر المنطقة كلها إلى حالة من الفوضى والاحتراب الداخلي والخارجي.
    ومن بعض الأسباب التي ساعدت على تعجيل العدوان الأمريكي على اليمن هو استمرار صنعاء في دعم الأشقاء في غزة ورفضها رفع الحصار البحري عن دولة الاحتلال حتى وقف الحرب فيها.
علما أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد صوتت لصالح قرار غير مشروط يؤكد على وقف إطلاق نار فوري في غزة وتم تأييده من قبل 158 عضوا ورفضه 9 أعضاء منهم الولايات المتحدة وكيانها المحتل، وامتنع 13 عضوا عن التصويت.
 
*مساندة اليمن لغزة وأبعادها*
ان الأمم المتحدة تعلم يقينا ان اليمن قد استخدم حصار العدو بحريا كوسيلة ضغط بهدف وقف إطلاق النار في غزة، وقام بمنع سفن الكيان في البحر الأحمر من الوصول إلى ام الرشراش، وهو ما يتفق تماما مع قواعد القانون الدولي للبحار بين الأطراف المتحاربة ، وهذا هو نفس الموقف الروسي الذي أُعلن قبل ايام ان الحرب الأمريكية وتدميرها للمنشآت المدنية غير مبررة ، الا ان السياسة الأمريكية ترفض تماما موقف اليمن تجاه الكيان ولأن ذلك يتعارض مع اهدافها كما تزعم في ("الشرق الأوسط") اي في سياساتها تجاه الوطن العربي .
 لقد تأكدت امريكا ان العدو الصهي-وني قد تأثر فعلا اقتصاديا بموقف اليمن ، ولأن الولايات المتحدة وبريطانيا قد انزعجوا من ذلك سببا ونتيجة، فقد ادركوا أن التصرف اليمني يهدد مخططاتهم الاستعمارية في السيطرة على البحر الأحمر نظرا لأهميته الإستراتيجية عالميا ، ولكونه جغرافيا يقع في قلب العالم ، ولأنه في حقيقة الأمر يكاد ان يكون بحرا عربيا خالصا تحكمه فقط الدول المطلة عليه .
 إن المنطقة العربية تمر اليوم في فوضى سياسية وحروب داخلية وإقليمية بمشاركة دولية مدمرة، سببتها وشاركت فيها سياسات خارجية منحازة للولايات المتحدة وحلفائها الأوربيون في مناطق عديدة منها، مثل الحرب في غزة والضفة وسوريا ولبنان وفي العراق وليبيا والسودان واليمن، وصاحب ذلك غياب تام عن أي فعل يذكر للجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة تجاه الفوضى السياسية والحروب المدمرة في المنطقة ، وفي مقدمة ذلك القتل والتدمير والتهجير القسري والحصار لغزة وسكانها والتي لازالت حتى هذه اللحظة. 
اعمالا لنصوص ميثاق الأمم المتحدة ذات العلاقة وعملا بالواجب القانوني الدولي والأخلاقي والشرعي فقد أصبح واجبا أخويا واسلاميا وانسانيا على كافة العرب والمسلمين ان ينصروا غزة وينصروا أهلها من الاعتداءات الهمجية والوحشية التي يتعرضون لها ، وهو ما قامت به اليمن .
 لقد كان ولازال الموقف اليمني تجاه الوضع في غزة شرعيا وينسجم تماما مع القوانين الدولية لأن الحال فيها قد وصل الى درجة الإبادة الجماعية لسكانها وجرائم ضد الإنسانية لم يسبق لها مثيل والتدمير الكامل لها والتهجير القسري لأبنائها والاستمرار الممنهج في ابادتهم بهدف إفراغها من ساكنيها، وعلى أثر ذلك وكنتيجة لما يجري فيها وايمانا بما هو واجب اتخذ اليمن قراره الشجاع والمسؤول، حيث قامت القوات المسلحة اليمنية بواجبها الأخلاقي والديني والقومي والإنساني، وتم مواجهة الكيان من خلال فرض حصار عليه في البحر الأحمر مساندة لغزة وبهدف رفع الظلم عنها .
ولليمن سابقة تأريخية منفردة بها ومشابهه لنفس الفعل، حيث شارك شطري اليمن مع القوات العربية المصرية في إغلاق مضيق باب المندب في وجه الملاحة البحرية إلى إيلات (أم الرشراش) وفرضت على الكيان حصارا بحريا شاملا في البحر الأحمر وذلك اثناء حرب (6 أكتوبر عام 1973م) .
ومثال آخر على الإسناد اليمني لأشقائه العرب كانت اليمن هي الدولة العربية الإسلامية الوحيدة التي قطعت علاقاتها بالولايات المتحدة بسبب دعمها الكبير للكيان في حربه مع العرب عام ١٩٦٧م. وظلت العلاقات بين الدولتين في انقطاع كامل حتى تم التوصل إلى اتفاق لعودتها عام ١٩٧٢م. 
 لقد أعلن اليمن ولازال أن هذا الحصار الجديد على الكيان سيتم رفعه بمجرد وقف الحرب على غزة والسماح بدخول المساعدات الغذائية لأبنائها، غير ان هذا الموقف اليمني قد أقلق صناع القرار السياسي والعسكري على المستوى الإقليمي والعالمي واصابهم بالإحباط لأنهم عندما شاركوا وشجعوا وسهلوا وعملوا على اعداد ودعم القوات العسكرية في الدول العربية كان شرطهم الوحيد أن تُوجه هذه القوات سلاحها فقط في الصراعات الداخلية أو في حالة خلافهم مع جيرانهم العرب او المسلمين وليس نحو الكيان المحتل لفلسطين أو دول الاستعمار الدولي الجديد.
وعندما تجاوز اليمن تلك القاعدة الخبيثة التي وضعها النفوذ الأجنبي في المنطقة العربية ، فإن بعض عواصم العالم الامبريالي الغربي بما في ذلك واشنطن قد سارعت لحماية العدو الصه-يوني وقدمت له كافة التسهيلات الإستراتيجية في حربه على غزة وعلى اليمن، لأن القوات المسلحة اليمنية قد حددت أهدافا جديدة وعُرفاُ جديدا لقواعد الاشتباك في المنطقة لا يتوافق والمخطط الغربي الإمبريالي المرسوم لدولها، حيث وجهت نيرانها نحو العدو الحقيقي واختارت الانتصار لإرادة شعوب الأمة العربية والإسلامية  لدعم غزة وحماية الممرات المائية البحرية في البحر الأحمر وبحر العرب من نفوذ وسطوة وسيطرة الدول الغربية، وهو ما جعل مسألة الحرب بين اليمن وصهاينة العالم في جنوب البحر الأحمر وبحر العرب عمل فيه تحول استراتيجي وتأريخي جديد في العلاقات الغربية العربية لم يستوعبه الكثير. 
لقد أكد العدو أن ذراعه في البحر الاحمر طويلة وتصل إلى أي مكان يريد أن يصل بها لتأديب من يفكر ان يمارس حقوقه السيادية على مياهه الإقليمية، الا ان اليمن تجاهل هذا التهديد وقام بما يجب أن يقوم به وتحدى حرية السيطرة والنفوذ للكيان وللدول الغربية في البحر الأحمر، فكان لابد من وجهة نظر دول الاستعمار الدولي الجديد من مواجهة القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر.
 وعندما فشلت القوات الغازية أن تحقق أهدافها، حيث استطاعت البحرية اليمنية أن تواجه ارادة العدو واستمرت في فرض حصارها البحري على الكيان وهو الأمر الساري حتى هذه اللحظة. ولأن الأعداء قد فشلوا في فرض إرادتهم السياسية والحربية على اليمن في باب المندب والبحر الأحمر، وامام هذا الموقف المحرج لهم، لم يجد العدو الا وسيلة واحدة ظنا منه انه قادر من خلالها فرض ارادته على اليمن تمثل ذلك في نقل حربهم من البحر لتبدأ معركة جديدة الى داخل البر اليمني باستخدام قواتهم الجوية والبحرية، وهو ما تم بالفعل من خلال الهجوم بالطيران الحربي الصه-يوني والأمريكي والبريطاني والبوارج الحربية على المنشآت المدنية في صنعاء والحديدة وتعز ومأرب وصعده وذمار واب والجوف وعمران والبيضاء وحجة . 
ونؤكد هنا إن ذراع العدو الجوية والطويلة للكيان الصه-يوني ولحلفائه لن تنجح في كسر ارادة الشعب اليمني أو ارادة قواته المسلحة، وسيكون مصير قواتهم البحرية والجوية الهزيمة حتى وأن تعاظم حجم  الدعم للكيان من قبل القوات الجوية الامريكية والبريطانية مع دعم لوجستي من حلفائهم الإقليميين والدوليين.
لقد تأكد للعدو أنه لن يحقق أية مكاسب تذكر امام القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر فلجأ الى مهاجمة المنشآت المدنية الهامة كالمطارات ومحطات الكهرباء والموانئ وقتل وجرح المدنيين العاملين فيها بعدوان سافر، وهذا الأمر تاريخيا ليس بغريب على دول العدوان.
  *رسالة اليمن للعدو الصهيوني*
 ونُذكر العدو الصه-يوني وامريكا ومن وقف معهما انهم في حربهم ضد غزة قد استخدموا كل انواع القوة الغبية من خلال مآت الطائرات الحديثة وآلاف الدبابات والقوة الصاروخية والبوارج الحربية وأكثر من اربعمائة ألف جندي وضابط ونحو (12000) من مرتزقة العالم والآلاف من قواته الاستخباراتية، علاوة على دعم عسكري وسياسي واقتصادي واعلامي إقليمي وعالمي، ورغم كل تلك القوة العسكرية التي جُمعت لمواجهة غزة الا أن العدو وأعوانه قد فشلوا في تحقيق أهدافهم باعتراف قادة العدو واعتراف حلفائه. 
ولأن اليمن وشعبه قد ايدوا وباركوا سياسيا طوفان الأقصى بل وشاركت قوات يمنية في حصار العدو في البحر الأحمر، الا ان المجرم النتن-ياهو الذي يعيش حالة كبيرة من الذعر مع عصابته قد أطلق تهديداته العسكرية وقام بتنفيذها بقصف المنشآت الوطنية المدنية والبنية التحتية اليمنية ردا على الموقف اليمني الداعم والمساند للأشقاء في غزة، وتوجه مع حلفائه بقواتهم الجوية لضرب المنشآت المدنية في اليمن المحمية في الحروب وفقا لقواعد القانون الدولي وأكدوا للعالم ما هو مؤكد بأن ذلك الاعتداء ليس بغريب على الكيان الصه-يوني ولا على حلفائه الإقليميين والدوليين لأن التدمير للبنية التحتية وقتل المدنيين في سياستهم هو اقصر الطرق لصناعة النصر المزيف .
واليوم تقف واشنطن وتعلن حربا وعدوانا ضد اليمن بالتشارك مع العدو الص-هيوني وبدعم وتأييد من نفس الدول الأوربية وبتعاون خفي من بعض الأطراف الإقليمية والدولية التي شاركت أمريكا في حربها ضد غزة ولبنان وأفغانستان والعراق وليبيا بهدف حماية كيانهم المدلل والمزروع من قبلهم جميعا في فلسطين المحتلة، لأنهم يرون دولة الاحتلال عبارة عن قاعدة عسكرية ثابتة آمنة ومخزن استراتيجي لأسلحتهم وذخائرهم متقدمة في قلب الوطن العربي تعمل على حماية مصالحهم الاستعمارية في المنطقة.
 
        *إنها حرب مصيرية*
علينا أن نفهم يقينا اننا أمام حرب مصيرية في تأريخنا المعاصر تهم كل الدول العربية والإسلامية شعوبا وحكومات ، لأن ما يمارس اليوم من قبل الكيان وحلفائه ضد العرب والمسلمين أكثر بكثير من تلك الحروب الصليبية والاستعمارية التي تعرضت لها دول وشعوب المنطقة في الماضي البعيد والقريب ، والتي لم تتوقف حتى الآن، وعنوانها الجديد (الحرب الص-هيو-صليبية) الموجهة فقط ضد العرب والمسلمين، وهي حرب حقيقية معلنة أحيانا، ومستترة احيانا أخرى، ويعترف بذلك الكثير من زعماء الغرب وكتابهم وقياداتهم السياسية والعسكرية على انها حرب عقائدية ضد الإسلام والمسلمين، وهو ما أفصح عنه وزير الدفاع الأمريكي السابق تشيني عام ١٩٩١م عندما انهار الاتحاد السوفيتي بقوله "*إن الإسلام هو العدو البديل للشيوعية*".
 وبنفس المسار ايضا أكد فيلي كلاس امين عام حلف الناتو بقوله "*إن خطر الاصولية الإسلامية يساوي على الأقل خطر الشيوعية*" وهذا هو ما ذهب اليه عالم السياسة الأمريكي المشهور الدكتور صامويل هنتنجتون المحاضر في جامعة هارفارد بكتابه "صراع الحضارات" أو "صدام الحضارات" وملخص نظريته تؤكد على"*أن الليبرالية قد انتصرت ثقافيا على الشيوعية ولم يعد هناك غير الإسلام في مواجهتها*".
ونظرية صراع الحضارات هي أساس نظري قد مهد لشرعنة عدوان الغرب بقيادة الولايات المتحدة على العالم الإسلامي بكل دوله أمام الرأي العام الغربي، حيث يرى الكاتب: "*إن أخطر صراع قادم سيكون بين الحضارة الغربية والحضارة الإسلامية*".
 ولا ننسى أن نُذَكِر هنا بما كتبه وزير خارجية امريكا السابق هنري كيسنجر مطلع الألفية الثالثة في سياق سياسة امريكا الخارجية حيث أكد بقوله: "*إن حرب شرق أوسطية يتم الإعداد لها وستنتهي باحتلال سبع دول فيها*" وهو يشير هنا للدول العربية السبع في الجزيرة العربية ومنها اليمن.
ولمزيد من التوضيح نشير إلى ان الدكتور الأمريكي الشهير "فوكوياما" صاحب مؤلف نظرية (نهاية التأريخ) الذي تم نشره في تسعينيات القرن الماضي وجوهره :"*ان الليبرالية والديمقراطية الغربية قد انتصرت عالميا وثقافيا وحضاريا وما دونها قد انتهى*" وهي اشارة لكل الثقافات ةالخضارات العالمية التي تختلف في المضمون مع الليبرالية الغربية ، وهذا هو مفهوم العولمة بكل ابعادها الدينية والثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية ، وهو الأمر الذي أكده الرئيس الأمريكي بوش الابن حين أعلن الحرب على العراق عام 2003 بقوله : "*من ليس معنا فهو ضدنا*".
اننا نعرف ان المؤامرات والمخططات الإمبريالية على دول وشعوب المنطقة العربية والإسلامية لم تنتهي وان ما يجري من عدوان بغيض على اليمن ليس الا جزء من تلك المؤامرت والمخططات التي يصنعونها .
 ورسالتنا لهم ولمن يتعاون معهم من الخارج الإقليمي والدولي، إن اليمن وشعبه لن يترددوا لحظة واحدة في وقوفهم مع حقوق اشقائهم الشعوب العربية والإسلامية، وفي مقدمة الجميع الأشقاء في غزة وفي كل فلسطين حتى تتحرر من الاحتلال الصه-يوني وتلك هي مبادئنا.
 نحن في اليمن ندرك تماما اننا كنا ولازلنا العمق الإستراتيجي للأمة العربية والأمة الإسلامية كما يدرك ذلك غيرنا، وكما ظلت اليمن حصن العروبة الحصين، فهي ايضا قلعة الأمة الإسلامية المنيعة واهم قلعة فيها التي لم تسقط منذ 1446 هجرية .
اليمن بتأريخها وحاضرها ومستقبلها هي مجدنا وفخرنا وعزتنا وكرامتنا لم نسمح في الماضي ولن نسمح في الحاضر لعدو يمزقنا او قريب يفرقنا، أكد الشعب اليمني ذلك لكل العالم، وهنا نؤكد من جديد ما هو مؤكد للعدو وحلفائه ولكل طامع قريب او بعيد، ان يمننا سيظل شامخا بكل أبنائه ولن تأخذوا منه حبة رمل من ترابه او قطرة ماء من بحاره او أجوائه، سنحميه بأرواحنا ودمائنا وتأريخنا شاهد على ذلك.
 إن العدوان الهمجي على اليمن سيفشل وينكسر، نعرف ان امريكا هي أقوى دولة عسكرية في العالم ونعرف ان حلفائها أقوياء عسكريا ، ولكننا نعرف أيضا أننا كما قال سبحانه وتعالى عنا: "*نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد*".
 في هذه الحرب وفي مواجهة عدوان المستعمرالدولي الجديد وفي هذه المعركة نعرف ان الحق مع اليمن والحق يدوم وينتصر، والعدو الأمريكي واعوانه على باطل والباطل يزول وينهزم، وعلى الباغي تدور الدوائر. 
الشعب اليمني من أكثر شعوب العالم محبا للخير والسلام ولكنه في الحروب عصي على اعدائه وهو جاهز دائما لكل الاحتمالات ولن يُفرط بسيادته الوطنية او بأشقائه مهما كانت الظروف والصعاب.
     *راية اليمن ستظل عالية*
 ستظل راية اليمن عالية ترفرف فوق جبالها وفي وديانها وبحارها وجزرها وسمائها، وعلى من يجهل ذلك عليه ان يعتبر بمن سبقهم من المستعمرين الذين كان لهم اطماع فيها عبر التأريخ، فمن دخلها محاربا لن يعود الى وطنه ابدا وقد عُرفت اليمن بين الأمم "بمقبرة الغزاة"، اي ان العدو ان دخل غازياً إلى ارضها فلن يعود إلى وطنه أبدا، لأنه سيقتل ويدفن فيها أو يحاط به ويؤسر.
 اليمن بأرضها وبحارها وسمائها، خلقها الله لشعبها فقط، وخلقنا الله لها، فهي نار على اعدائها وجنة لأبنائها، ولن يشاركنا فيها أحدا، هذا هو عهد ابنائها في الماضي وعهدهم في الحاضر وعهدهم في المستقبل، وبكل ثقة وعزة سنظل نردد دائماُ: 
وسيبقى نبض قلبي يمنيا
            لن ترى الدنيا على ارضي وصيا .
سيظل اليمن واحدا موحدا وبالحوار الوطني- الحر والمستقل تحت سقف ثوابتنا اليمنية الوطنية سنتجاوز كل العقبات والصعاب التي تم تغذيتها من أطراف خارجية إقليمية ودولية.
وعندما يُنجِز اليمنيون حوارهم واتفاقهم وهو الأهم سيتجهون وبكل ثقة إلى حوار مع الأشقاء والأصدقاء بهدف حماية المصالح المتبادلة بين اليمن وبين دولهم لتحقيق الغايات الإنسانية والأمن والسلم للجميع في منطقتنا وفي العالم من خلال الالتزام بالقوانين الوطنية والقوانين الدولية، وعدم التدخل في الشؤن الداخلية.
 لن يسمح الشعب اليمني بالمطلق بتحويل الصراع السياسي الداخلي إلى صراع مذهبي أو مناطقي خدمة لأجندات خارجية تسعى الى تمزيق الوطن، وتأريخنا وحاضرنا شاهدان بأن اليمن لا توجد فيه مثل هذه الفتن :
ليس منا أبدا من مزقا 
                 ليس منا أبدا من فرقا 
ليس منا ابداً من يسكب
       النار على ازهارنا كي تحرقا .
 اليمنيون في وطنهم متساوون في الحقوق والواجبات وذاك ما تعلمناه من عقيدتنا ودستورنا ثم أكدته قوانينا، واليمنيون اثناء الأخطار التي تهدد وطنهم ينسون كل خلافاتهم ويقفون صفا واحدا وقد تجلى ذلك بكل وضوح عندما أكد الشعب اليمني وحدة موقفه لرفض العدوان الأمريكي على اليمن ، وكذلك من خلال موقفه ومساندته للأشقاء في غزة في مواجهة ما تتعرض له من عدوان وحشي وهمجي من قبل تتار الحضارة الصه-يونية الأمريكية وبعض الدول الأوربية الغربية الذين ارسلوا بوارجهم الحربية وجيوشهم واحدث طائراتهم الحربية وصواريخهم وقنابلهم الغبية لقتل أبناء غزة ، وشكلوا طوق حماية للعدو الصه-يوني في شرق البحر الأبيض المتوسط وفي كل البحر الأحمر، وأتاحوا له الفرصة بعد الأخرى ليجهز على غزة بجرائم ضد الإنسانية فاقت بكثير كل ما قالوه عن الجيش النازي لهتلر . وحتى الأمم المتحدة ومجلس أمنها الدولي ظلت عاجزة في وقف العدوان على غزة أو تقديم شربة ماء للمحاصرين من الأطفال والنساء والجرحى والمغدورين من قبل الأعداء .
 
*الحوار السلمي طريقنا لوطن آمن وقوي* 
لذلك ليس لنا في اليمن رغم خلافاتنا السياسية الداخلية الا أن نعزز الثقة بيننا، وأن نعيد رص الصفوف لمواجهة الأخطار، وأن نقبل ببعضنا البعض وفقا لمرجعيتنا الشرعية والدستورية، لأن المستفيد من خلافاتنا هو العدو الذي يقصف الآن صنعاء والحديدة وصعده وحجة كما يقصف مأرب وإب وتعز والبيضاء وذمار والمحويت وعمران والجوف وغيرها في يمننا الغالي علينا جميعا .
 لقد أخطأنا جميعاً وبنسب متفاوتة، الا ان لدينا الكثير جدا من المشتركات الإيجابية التي تجمعنا كيمنيين، ونحن على ثقة أن كل مشكلة لها حل وكل خطأ لابد من تصحيحه دون تجاوز ما لا يجب تجاوزه شرعا وقانونا من خلال تحكيم شرع الله بيننا الدستور والقوانين النافذة وما يُعرف دوليا بالعدالة الإنتقالية . 
 نعم المسألة اليمنية مركبة ومعقدة جدا بحكم تعدد اطرافها داخليا وخارجيا ، غير اننا نعرف وبالحكمة اليمانية سنتجاوز مسألة الصراع الداخلي ان صدقت النوايا من الجميع، وان احسنا التصرف وتجاوزنا ما هو سلبي بيننا وتمسكنا بما هو إيجابي. وحتما أننا قادرون على تجاوز خلافاتنا مع اشقائنا وأصدقائنا في المحيط الإقليمي والمحيط الدولي فنحن جزء من الأمة العربية والإسلامية ونحن ايضا جزء من هذا العالم الذي نعيشه فيه . 
الإسلام ديننا وشريعتنا ومنه كُتب دستورنا وقوانينا، واليمن بيتنا الكبير، ووحدته وأمنه واستقراره خيارنا، تلك هي مصالحنا العليا، ومن يريد أن يفرقنا أو يجزئنا من الخارج الدولي فهو عدو لنا جميعا، وان كان من الداخل الوطني فعليه ان يراجع تصرفاته للتآلف مع الشعب اليمني الذي يفرح بتصالح أبنائه كما عودنا في منعطفات تأريخية كثيرة .
يجب علينا أن نتفق على تحريم الحرب بيننا كيمنيين، وكذلك بيننا وبين اشقائنا العرب والمسلمين ونجسد ذلك بمواد دستورية، وأن نشارك في صنع السلام مع العالم، ومن اعتدى علينا نرد عليه بمثل ما اعتداء علينا.
 النظام الجمهوري خيارنا والمساواة والعدالة والحرية والتكافل الاقتصادي والاجتماعي لكل أبناء الشعب اليمني غايتنا، والشورى "الديمقراطية" منهج نظام حكمنا والتداول السلمي للسلطة سلوكنا وطريقنا ومنهج حياة، والسلام الاجتماعي قوة لنا جميعا.
يرفض اليمنيون التدخلات الخارجية في شؤنهم الداخلية بكل اشكالها ، وكذلك يرفضون التدخل الخارجي في شؤنهم السيادية الوطنية ، ونؤكد هنا لكل اليمنيين ان اليمن لن يعرف الأمن والسلام والاستقرار الا بتفعيل هذه المبادىء التي ستحفظ لليمن سيادته الوطنية .
نفتخر كشعب يمني بأننا مُوَحَدون في هويتنا اليمنية العربية الإسلامية التي تجمعنا ولا تفرقنا وتُمثل لنا عزتنا وكرامتنا وامننا واستقلالنا واستقرارنا.
 هذه هي ثوابتنا الوطنية التي ناضل من أجل تحقيقها كل ابناء اليمن في شماله وفي جنوبه، وفي شرقه وفي غربه وفي وسطه، الذين لن يحيدون عنها ابداً، ولن يسمحوا لأي طرف أياً كان بتجاوزها او العبث بها او الخروج عنها واستبدالها بغيرها.
سيظل اليمن قوياً بوحدة شعبه، ويظل اليمن مخلصا وصادقا وسندا قويا حقيقيا وامينا لعروبته لأنه أصلها، ويظل الشعب اليمني، كما كان، حاملا راية الإسلام عالية خفاقة لأنه هو من حمل كلمة التوحيد إلى مشارق الأرض ومغاربها، إنه يمن الإيمان والحكمة الذي أحببناه وأحبنا ولم نستبدله بغيره منذ خلق الله الأرض ومن عليها.
وأخيراً نؤكد أن يمن الإيمان، ويمن المدد، ويمن الأمة العربية والإسلامية وهازم الإمبراطوريات ومُروضها، لن يسمح للنظام الاستعماري الدولي الجديد أن يحققوا أهدافهم، ولهم في التأريخ عبرة إن كانوا يعلمون أو يعقلون .
 
* أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية جامعة صنعاء .
* عضو مجلس النواب اليمني

 

كاريكاتير