drawas

454x140

الحرب على اليمن تقترب من نهايتها

طالب الحسنينقترب من نهاية الحرب على اليمن، ونقترب أيضا من نهاية العام الرابع على هذه الحرب التي تركت أسوأ أزمة إنسانية حاليا في العالم، فرق كبير في الخارطة السياسية والإنسانية والاجتماعية في اليمن قبل الحرب وبعدها، المفارقة الأكثر غرابة أن السعودية التي قادت “التحالف العربي” هي الأخرى تتجه نحو خارطة جديدة ومستقبل مجهول أبرز من يرسم هذه الخارطة ويشكل سعودية المستقبل هي نفسها الدول التي شكلت الظهر والسند والحليف الأكبر للسعودية ، ليس بإمكان هذا الحليف الراديكالي المصلحجي ليس فقط أن يمضي مع السعودية إلى نهاية النفق، بل أن يعتبر نفسه شريكا في الخسارة، ولكنه بالتأكيد كان يجهز نفسه لقطف ثمار الربح الذي لم يتحقق، حتى هذه النتيجة التي تكررت في سوريا والعراق ولبنان لا تزال السعودية تقاربها مقاربة بائسة ولو قدر لمحمد بن سلمان وفريقه أن يخرجوا من هذه المعمعة ولا يظن قارئ حصيف أن يحصل ذلك وأن ينجو محمد بن سلمان ،لوضع يده مجددا في اليد الأمريكية ومضى في مشروع تدميري وفاشل جديد !! الغرب يحاول أن يغسل يده من تبعات العدوان على اليمن في الإناء السعودي ويقدم رؤية للحل والخروج من الحرب كما لو أنه لم يكن شريكا استراتيجيا وفاعلا رئيسيا في كل أحداثها الدموية التي قتلت أكثر من ثلاثين ألف إنسان، ألم يكن الأفضل للسعودية أن تخرج من هذه الحرب قبل هذه السنوات الطويلة وأن تسمع للأصوات التي أطلقها الكثيرون؟

الرؤية الأمريكية والمقاربات التي قدمت من وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكية تقر بهزيمة التحالف عسكريا وسياسيا وإنسانيا، وبالتالي البناء على نتائج فشل “عاصفة الحزم” والتسليم بالتعامل مع القوى التي واجهت السعودية باعتبارها قوى حققت انتصارا استراتيجيا على المديين الجاري والبعيد، أبرز مسلماته أن السعودية خسرت جارا عربيا وشعبا ساهم في تأسيس البنية التحتية، إذ أن أكثر من اثنين مليون مغترب يمني شكلوا اليد العاملة الأولى في السعودية منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي، خلافا لرجال الأعمال اليمنيين الذين استثمروا أموالهم في السعودية ، ومن المهم التذكير هنا بأن رجل الأعمال اليمني العمودي يقبع حاليا في المعتقلات السعودية ضمن حملة محمد بن سلمان التي استهدف عددا كبيرا من رجال الأعمال.

نعود إلى خارطة الحل الأمريكية إن جاز التعبير لإحصاء ما خسرته السعودية في العدوان على اليمن والذي كان بالإمكان تجنبها لو تريثت قليلا وساعدت في إيجاد حل سياسي مقبول دون نزعة الإقصاء والشمولية التي تعاملت بها السعودية في هذا البلد المهم بالنسبة لأمنها القومي والحيوي ، فعلاوة على خسارتها للحرب فقد خسرت أوعية سياسية فاعلة ومؤثرة في المشهد السياسي اليمني كما كان الحال بالنسبة لصالح وحزبه المؤتمر الشعبي العام ، بات هذا الحزب بعد مقتل صالح وقاعدته الشعبية يسير في اتجاه آخر مناهض للسعودية وشريك رئيسي لحركة أنصار الله الحوثيين ، وأتحدث هنا عن التيار الأوسع وقيادته الممثلة بالأمانة العامة برئاسة عضو المجلس السياسي الأعلى صادق أمين أبو راس الذي جدد في أكثر من مناسبة استمرار تحالفه مع أنصار الله ومشاركته في حكومة الإنقاذ الوطني في العاصمة صنعاء برئاسة الدكتور عبد العزيز بن حبتور القيادي في المؤتمر ، ولا يختلف اثنان أن السعودية باتت خارج المشهد اليمني كليا وستصبح هذه القطيعة دائمة فمن الصعب أن تعيد السعودية حضورها مجددا في اليمن بعد هذه الحرب التي اسقط منها كل ماله علاقة بالجوار والأخلاق والإنسانية

لقد أنتجت هذه الأحداث خلال السنوات الثمان الماضية خارطة سياسية جديدة على رأسها قيادة أنصارالله الحوثيين الذين ذهبوا وفق تصريحات سابقة للمتحدث الرسمي باسمهم والقيادي في الحركة محمد عبدالسلام إلى الرياض لتقديم تطمينات تتعلق بحسن الجوار وتعزيز الثقة وإزالة المخاوف ، لكن كل ذلك رُفض بحسب تصريحات عبدالسلام وأصرت الرياض على المضي بدفع العجلة نحو ضرورة إقصاء الحركة من المشهد السياسي كليا ، حتى لو اقتضى ذلك إلى عملية جراحية قلسية والجملة الأخيرة لسعود الفيصل وزير الخارجية السعودي السابق ، كشف عن هذا التوجه وزير الشؤون الخارجية في دولة الإمارات أنور قرقاش خلال مقابلة مع الـ بي بي سي قبل نحو شهرين من الآن ، فماذا لو أن الرياض لم تركب هذه العاصفة المجنونة ؟ بلا شك أن واقعا أفضل كان سيتحقق ولو طال العمر بسعود الفيصل لعض أصبع الندم .

نعم لا يزال الطريق طويلاً أمام اليمنيين لقطف ثمار صمودهم سواء تحقق السلام قريبا أو تأخر قليلا فالمؤكد أن الحرب في أشهرها الأخيرة إن لم تكن الأسابيع ، ومن المؤكد أن يمنا جديدا سيخرج من غبار وأنقاض هذه الحرب التي لم يكن يستحقها ، ولم تكن السعودية مضطرة إليها مطلقا .

كاريكاتير