drawas

454x140

الحياة تخصصات

د.محمد عبدالله الحاوريإن سائق الباص لا يراك ذكرا أو أنثى كبيرا أو صغيرا وسيما أو دميما إنه يراك قيمة مقعد ليس أكثر، ولذلك ينتظر ليمتلئ الباص بالركاب فإذا امتلأ انطلق لا يلوي على شيء.

إن الحلاق في صالون الحلاقة يراك رأسا ولحية وشنبا موضع عمله، فهو يعدهم بحساب عدد الرؤوس في صالون حلاقته، فإذا حلق لك، جاءه الملل منك لو جلست عنده وتضايق من بقائك، موقف يناقض سعادته بك حال انتظارك لتحلق عنده.

إن الحياة تخصصات وكل تخصص يفرض أسلوب حياته على صاحبه، تلك ضرورة العمل، فحامل المسك له مسلكه في الحياة وهو مسلك يختلف عن نافخ الكير كما في حديث مثل الجليس الصالح والجليس السوء.

إن الحياة تخصصات من حيث اهتمامات الأشخاص فهناك من تخصصه الحياتي بائع الورد فهو أخلاقي مع كل من يقابل، وبشوش مع كل من يلقاه، يحسن انتقاء الألفاظ ويجيد تشكيلها في عبارات جميلة وبتشكيلات أكثر جمالا.

وهنالك من جعل نفسه لملاحقة الاخطاء وتوجيه الانتقادات، فهو لا يرى الجمال أصلا، وإنه ليجد في الرجل مائة صفة 99 منها صفة جيدة جليلة القدر عظيمة الشأن وصفة واحدة غير جيدة فتعمى عينه عن كل الصفات الجميلة ولا يرى غير تلك الذميمة يتحدث بها ويتكلم عنها، وهكذا تجده تخصص في حياته.

وهناك من جعل تخصصه مهرج إنه يهرج لكل الأطراف ومع كل الأطراف، لا يبالي أي ثوب لبس، ولا تحت أية راية يقف، هذا المهرج تجده أشبه ما يكون بنعل الحمام العام يقبل أي قدم تحشر نفسها فيها، فيقوم بخدمتها والانقياد لها.

وهنالك الطبيب الذي يرى العافية فيعزز وجودها بالرياضة والحمية وحسن التعامل، ويرى المرض فيحسن التعامل معه بالرحمة والرأفة والصبر على مرضاه، هذا النوع من الناس تحتاجه الحياة كثيرا، والمربي طبيب القلوب كما أن الطبيب المهني طبيب الأجساد.

هل يستطيع الإنسان تغيير مهنته الأخلاقية للأحسن؟

نعم، إنه يستطيع تغييرها للأحسن، وأما كيف؟ فالتغيير يكون بسلوك أخلاقيات كل مهنة خلقية، فنحن نتعلم السباحة بالسباحة، والكتابة بالكتابة، وقيادة السيارة بقيادة السيارة، ومن المهم ملاحظة أن عضلات الوجدان تحتاج مران كما عضلات الأبدان، وأنها تترهل كما تترهل عضلات البدن، فمرن نفسك في المسلك الحسن تكن من أهله

كاريكاتير