drawas

454x140

حزب المداكي

alhubishiأطلقوا عليهم في مصر بحزب الكنّبة لأنهم لم يتفاعلوا بشكل إيجابي مع مجمل القضايا السياسية في وطنهم، ولم يشاركوا بشكل فعال في ثورة 25 يناير 2011 فاستطاع الطابور الخامس أن يركب على موجة الثورة المصرية ويختطف السلطة، إلا أنهم - حزب الكّنبة - تعلموا الدرس وتداركوا الخطأ فنزل الكثير منهم في 30 يونيو 2013 فتسنى للشعب المصري تصحيح مسار الثورة وإسقاط الطابور الخامس. ونتيجة لذلك تمر مصر حالياً بمخاض ولادتها العسير – بناء الدولة المدنية – وتعمل على تغيير وجه سيرها إلى الاتجاه الصحيح بعد أن كانت تسير في الاتجاه المعاكس الكارثي. وعلى غرار ما حدث في مصر يحاول الشعب التونسي والشعب الليبي تصحيح مسارات ثورتيهما مستلهمين القدوة المصرية.

بالمقابل ما سُمي في مصر بحزب الكنبة، يمكن تسميته في اليمن بحزب (المدكى) أو (المداكي) بصفة الجمع الذي قد يشكل حالة إيجابية فيما لو تم تخفيف مضغ القات دون الدعوة هنا إلى الإقلاع عن مضغه نهائياً، بل إلى الاستفادة على الأقل من هذه العادة السيئة واستغلال تجمعاتها للقيام بعمل ما ذو شأن وجدوى لا سيما وأن الساحة السياسية في اليمن شبه فارغة إلا من المجرمين واللصوص والمرتزقة.

بينما تشمل أحزاب المداكي غالبية الشعب اليمني بكل شرائحه الاجتماعية العليا والدنيا بما فيهم أساتذة الجامعات والمثقفين والنخب الاجتماعية الذين يقوم جُلهم وأفضلهم، بإضاعة وقتهم الثمين دون غاية أو هدف بالاستفراغ المبتذل المسفسط على صفحات الفيسبوك مبتعدين عن قضايا بلادهم الوطنية وتاركين ملاعب السياسية والاقتصاد والثقافة لحفنة قليلة من المرتزقة والعيال الضالة التي تبيع وتشتري بالوطن كيفما تشاء، باستثناء طبعاً شعب الجنوب الحي الذي ينقصه القيادة، وجماعة أنصار الله المقيدة بإرثها الأيديولوجي التي تحاول أن تتخطاه.

في مصر خرج حزب الكّنبة وقام بتغيير المعادلة لصالح الشعب المصري الذي قام بالتخلص من ركام الماضي الكارثي الذي كاد أن يعصف به ويطمس هويته العربية والإسلامية والحضارية. في اليمن تشرئب أعناق حزب المداكي بكل مثقفيه ونخبه المختلفة لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني الفاشل الذي لم يشاركوا فيه، وتُملى عليه مخرجاته من الجوار وخلف البحار، غير مستنكفين وغير مبالين بهذه الصفقة الوضيعة، وكأنهم ينظروا إلى اليمن من جزيرة واق الواق، وليسوا مواطنين يمنيين يعيشون على أرضه ويستظلون بسمائه، عليهم واجبات ولهم حقوق، بل يقضون في انتظار (غودو) الذي لن يأتي إلا إذا تركوا مداكيهم وخرجوا لقيادة شعبهم في طلبه للحرية واستعادة حقه في أرضه وثرواته ومستقبل أجياله.

الشعب اليمني بأحزابه ونخبه ومثقفيه ومنظماته المختلفة، مع كل الحزن والأسف، يعيش دائماً لحظة انتظار للغير في إطار ما يسمى باللحظة التاريخية التي يحياها دون أن يكون لها نهاية. لا بد للجميع أن يدرك بأن مرحلة الربيع العربي التي قام بصنعها البعض قد انتهى مفعولها بإحراقها ولا بد من صناعة مرحلة جديدة للاستفادة من المخرجات التي لم تكتمل بنفس الطريقة التي قام بها الشعب المصري العظيم مع الفارق طبعاً بين الكنّبة والمداكي.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

كاريكاتير