التاريخ لا يعيد نفسه ولكنه قد يكرر بعضاً من المظاهر المتشابهة والمتماثلة أحياناً، فمثلما ترافقت الجهود الرامية إلى إبرام وتوقيع وثيقة العهد والاتفاق عام 93م – 94م بالاغتيالات السياسية آنذاك وآلت الأوضاع إلى الحرب قبل أن يجف حبر الوثيقة الموقعة في الأردن برعاية الملك المتوفي الحسين بن طلال.. تترافق اليوم الاغتيالات في اليمن اليوم مع انعقاد مؤتمر الحوار الوطني برعاية الملك السعودي والدول العشر والذي قبل أن يختم جلساته ويعلن عن مخرجاته تجري الاغتيالات على قدم وساق مترافقة مع الحرب في دماج شمال البلاد .
تبدو مشاركة الحوثيين (أنصار الله) في مؤتمر الحوار ذات دفع ضريبي مزدوج على حسابها وتاريخها الذي يبدأ سياسياً وإن كان له جذور أو بذور سياسية سابقة لحروب صعدة الست.. ومن الواضح أن عملية استهداف الكوادر الاشتراكية في جرائم اغتيالات 93- 94م ستستبدل في هذه المرحلة بالكوادر المحسوبة على جماعة (أنصار الله) ولكن لن تكون موجهة إلا على العناصر الحقيقية التي تخشاها القوى التقليدية قولا وفعلا وليست تلك الكوادر التي تكثر من الكلام وتخدم القوى التقليدية بشكل أو بآخر بصورة مباشرة أو غير مباشرة أمام أو وراء الكواليس وهم يعرفون أنفسهم جيداً.. ويدعم هذه المقاربة الظروف الموضوعية إضافة إلى أن المتهمين في اغتيال الاشتراكيين هم أنفسهم المتهمين في اغتيال أنصار الله وفي الحرب على صعدة.
الدفع الضريبي المزدوج لجماعة (أنصار الله) لا يتمثل فقط بما ستدفعه الجماعة من شهداء في صفوفها الأساسية والحقيقية والمحترمة وما تدفعه حالياً من حالة استنزاف في دماج وحالة تحشيد طائفي ومذهبي ستمتد آثارها لسنوات طوال بل تدفع الجماعة أيضاً من رصيدها السياسي الذي لايزال متواضعاً - إن صح التعبير- على أن أهم ما ستدفعه هو خسرانها المحتمل للرصيد (السلمي) في ساحات الثورة ليس في صعدة بل في كل ساحات اليمن والتي كانت قد سجلت فيها أرقاماً مهمة أرعبت خصومهم في أيام الثورة والتظاهرات التي كانت تخرج كرافد أساسي للثورة السلمية حتى بعد أن انفضت الثورة وانتهى موسمها.
كل هذه الدفع بسبب القوة والخبرة السياسية لخصوم الحوثيين و الخيارات الصعبة التي انخرطت فيها الجماعة وأهمها حوار موفنبيك وأطماع بعض المحسوبين عليهم في تبوأ مناصب والحصول على مغانم وقد أفصحوا عنها وتناغموا في ذلك مع جماعات وأفراد وصوليين من مكونات أخرى تتناقض تماما مع الحوثيين بل تكاد تكون في الخط المقابل والمناوئ لهم .
إيـماءة
ما دمنا قد عقدنا هذه المقاربة غير المكتملة باعتبار أن التاريخ لا يعيد نفسه، ألا يجدر أن يسأل أنصار الله أنفسهم والحال هذه ماذا استفاد الاشتراكيون في تلك الفترة 93-94م وماذا كان مآلهم ، وماذا حققوا بعد الحرب بالحوار مع القتلة والمتآمرين عليهم ومن ثم تأسيسهم للقاء المشترك الذي اغتيل مهندسه الشهيد جار الله عمر في ساحة (حزب الإصلاح ) وماذا استفاد الوطن من كل هذا في آخر المطاف؟!!
وهنا لا أحب استخدام تلك العبارة التي تقول: (لا تُعد اختراع العجلة بل إبدأ من حيث انتهى الآخرون) بل أقول (لا تُعد اختراع العجلة ولا تبدأ من حيث انتهى الآخرون) ، حيث يجب أن نبدأ من خياراتنا الثابتة والواضحة لا من خياراتهم المتحولة والمتلونة.. !
المقالات الاقدم:
أحدث المقالات - من جميع الأقسام:
مقالات متفرقة:
المقالات الأكثر قراءة:
- منظمة الصحة العالمية : 10 آلاف قتيل و60 ألف جريح حصيلة حرب اليمن - 2018/12/10 - قرأ 127132 مرُة
- اليمن .. معركة جديدة بين قوات هادي والحراك الجنوبي في شبوة - 2019/01/09 - قرأ 26818 مرُة
- غريفيث لمجلس الأمن: هناك تقدماً في تنفيذ اتفاق استوكهولم رغم الصعوبات - 2019/01/09 - قرأ 26114 مرُة
- تبادل عشرات الأسرى بين إحدى فصائل المقاومة اليمنية والحوثيين في تعز - 2016/06/01 - قرأ 20498 مرُة
- المغرب يكشف عن "تغير"مشاركته في التحالف - 2019/01/24 - قرأ 17787 مرُة